مخاوف أممية من تسبب الجائحة في خسائر تعليمية {يتعذر تجاوزها}

حافلة تم تحويلها إلى {مدرسة متنقلة} في إحدى الضواحي الفقيرة بالعاصمة الهندية نيودلهي (إ.ب.أ)
حافلة تم تحويلها إلى {مدرسة متنقلة} في إحدى الضواحي الفقيرة بالعاصمة الهندية نيودلهي (إ.ب.أ)
TT

مخاوف أممية من تسبب الجائحة في خسائر تعليمية {يتعذر تجاوزها}

حافلة تم تحويلها إلى {مدرسة متنقلة} في إحدى الضواحي الفقيرة بالعاصمة الهندية نيودلهي (إ.ب.أ)
حافلة تم تحويلها إلى {مدرسة متنقلة} في إحدى الضواحي الفقيرة بالعاصمة الهندية نيودلهي (إ.ب.أ)

حذّر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن أكثر من 635 مليون طالب وطالبة لا يزالون متضررين من الإغلاق الكامل أو الجزئي للمدارس، مع استمرار جائحة {كورونا}، ما يتسبب بفقدان المهارات الأساسية لتعلّم الحساب والقراءة والكتابة لكثير منهم.
وفي اليوم الدولي للتعليم، الذي يُحتفل به في 24 يناير (كانون الثاني)، أشارت {اليونيسف} في أحدث البيانات المتاحة حول تأثير {كورونا} على تعلّم الأطفال، إلى أنه في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، جعلت خسائر التعلم الناتجة عن إغلاق المدارس ما يصل إلى 70 في المائة من الأطفال في سن عشر سنوات، غير قادرين على قراءة أو فهم نص بسيط، وهو ارتفاع من 53 في المائة في فترة ما قبل الجائحة، حسبما أوردت وكالة الأنباء الألمانية في تقرير من نيويورك أمس.
وفي بيان، قال روبرت جينكينز، المدير العالمي للتعليم في {اليونيسف}: {في شهر مارس (آذار)، يكون قد مر عامان على الاضطرابات المرتبطة بـ(كورونا) في التعليم العالمي. بكل بساطة، نحن ننظر إلى حجم خسارة يكاد يتعذر تجاوزها في تعليم الأطفال}. ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة عن جينكينز القول إنه بينما يجب أن تصل اضطرابات التعلم إلى نهاية، فإن مجرد إعادة فتح المدارس لا يكفي، مضيفاً: {يحتاج الطلاب إلى دعم مكثّف لاستعادة التعليم المفقود}.
وبحسب {اليونيسف}، فإن العواقب اللاحقة لإغلاق المدارس في ازدياد. فبالإضافة إلى فقدان التعلّم، أثر إغلاق المدارس على الصحة العقلية للأطفال، وخفّض من وصولهم إلى مصدر منتظم للتغذية، وزاد من خطر إساءة معاملتهم.
وفي الإطار ذاته، تحدثت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من مدينة مكسيكو عن {تراجع في اكتساب المعارف بعد سنتين من التعليم عن بُعد في المدارس} بسبب الجائحة. وكتبت أن إيلينا (9 أعوام) تشعر بالشوق إلى رفاقها وأساتذتها، فلا تزال الفتاة المكسيكية خارج الصفوف الدراسية بعد سنتين من جائحة {كوفيد - 19}، على غرار ملايين الأطفال حول العالم، فيما تتوسّع رقعة التراجع التعليمي. وتقول {إيلينيتا} كما يطلق عليها أحباؤها: {أشتاق للعب مع صديقاتي والجلوس معهن. وأفتقد المعلمة كثيراً}. وقد عادت تلميذة المرحلة الابتدائية التي تعيش مع والديها بين مدينتي مكسيكو وكويرنافاكا في جنوب العاصمة، إلى مدرستها الخاصة بعد نهاية عطلة أعياد نهاية العام في 10 يناير (كانون الثاني). لكن فرحتها لم تستمر طويلاً. فقد فُرض التعليم عن بعد مجدداً لبضعة أسابيع بهدف مواجهة الموجة الوبائية التي يسببها انتشار المتحورة {أوميكرون}.
وتوضح إيلينا من منزلها: {يمكنني كسب مزيد من الرفيقات والرفاق عندما أذهب إلى المدرسة}.
ليست إيلينا من الأطفال الأكثر حرماناً، لكنها لا تزال مرغمة على التغلب على التأخيرات الدراسية، أي ما يُعادل من سنة إلى ثلاث سنوات من خسائر تعليمية متراكمة، حسبما أظهرت دراسة بعنوان {تأثيرات وباء (كوفيد - 19) المحتملة على التعلم}.
لكن هذا التأخر ليس في المكسيك فحسب، بل إنه عالمي. وفي البرازيل، تُعادل خسائر التعلم في المرحلة الثانوية عاماً من التغيّب عن الدراسة وفي بلجيكا نصف عام، وفقاً للدراسة التي نشرت في المكسيك في سبتمبر (أيلول) والتي أعدها مركز دراسات إسبينوزا إغليسياس.
في بداية عام 2021، كتبت منظمة اليونيسكو التي احتفلت أمس بيوم التعليم العالمي {أكثر من 100 مليون طفل لن يصلوا إلى الحد الأدنى من إتقان القراءة بسبب الأزمة} الصحية.
وتروي إيلينيتا: {عندما أتابع الدروس افتراضياً، قد أتأخر وأتخلف عن المتابعة. لكن عندما أتابع الدروس حضورياً في الفصول الدراسية، أتوقف وأسأل المدرّسة: هل يمكنك إعادة كتابة ما كان على اللوح؟}.
وتقول والدتها إيلينا كاباناس (41 عاماً): {بالطبع هي متأخرة في التعلم. عندما كنت في التاسعة من العمر، كنت أعرف جداول الضرب عن ظهر قلب}. لذلك، اضطرت لتوفير دروس تقوية في الرياضيات واللغة الإنجليزية لابنتها.
وفي مواجهة الصعوبات المالية، سجّلها والداها في مدرسة رسمية مجانية في بداية الوباء، لكنها {لم تتلقَّ إلا خمس حصص افتراضية ولم تتعلم شيئاً}، حسبما تضيف الوالدة التي انتهى بها الأمر بتسجيل ابنتها مجدداً في مدرسة خاصة وبجعلها تعيد السنة الثانية من المرحلة الابتدائية.
إلا أن إلينيتا محظوظة، إذ يمكن لوالديها الحاصلَين على تعليم عالٍ مساعدتها في تعويض التأخير في التعلم.
في المقابل، يجد الأهل الأقل تعلماً صعوبة في {سد الفجوات} في التأخيرات التعليمية لأولادهم، كما يؤكد أحد مؤلفي الدراسة لويس مونروي غوميز فرانكو.
وإيلينا أيضاً في وضع أفضل من الأطفال الذين تركوا الدراسة تماماً.
فقد ترك الدراسة 5.2 مليون تلميذ وطالب تتراوح أعمارهم بين 3 أعوام و29 عاماً في كل المراحل التعليمية خلال العام الدراسي 2020 - 2021 بسبب الوباء أو الصعوبات الاقتصادية، وفقاً للمعهد الوطني المكسيكي للإحصاء.
وكانت المكسيك من أكثر البلدان تضرراً بإغلاق المدارس الرسمية (مجموع 17 شهراً).


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».