مستقبل قاتم ينتظر جيل الحرب في أوكرانيا

جندي أوكراني يحرس موقعاً حدودياً بالقرب من دونيتسك (أ.ب)
جندي أوكراني يحرس موقعاً حدودياً بالقرب من دونيتسك (أ.ب)
TT

مستقبل قاتم ينتظر جيل الحرب في أوكرانيا

جندي أوكراني يحرس موقعاً حدودياً بالقرب من دونيتسك (أ.ب)
جندي أوكراني يحرس موقعاً حدودياً بالقرب من دونيتسك (أ.ب)

كان رسلان تشيبوتاييف في العاشرة من عمره فقط عندما استولى الانفصاليون الموالون لروسيا على مسقط رأسه في شرق أوكرانيا، مما أشعل قتالاً يقول هو ومراهقون آخرون إنه سلبهم الآمال والتطلعات للمستقبل.
يتداخل انفجار القذائف والقصف مع الأنشطة الحياتية اليومية في أنحاء مدينة دونيتسك الصناعية، وقد اعتاد السكان الأصغر سناً على رؤية دبابات تجوب شوارعهم بينما يجلب حظر التجول هدوءا مخيفا.
ويقول تشيبوتاييف (17 عاماً)، في المدينة التي دمرتها الحرب وغطتها الثلوج: «طوال طفولتي التي عشتها في دونيتسك، سمعت أصوات الحرب من قصف وانفجارات ودبابات تجوب أنحاء المدينة». ويضيف الطالب ذو الشعر الكستنائي وهو بجانب تمثال لزعيم الثورة الروسية فلاديمير لينين وسط دونيتسك «منذ وقت طويل أرغب في السلام، سئمت القتال».
لكن احتمالات السلام ضعيفة بشكل خاص الآن مع تحذيرات أوروبا والولايات المتحدة من حشد ضخم للقوات الروسية على أطراف الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون. ويبدو أنه فقط الفصل الأخير في الحرب المستمرة منذ نحو عقد والتي أودت بحياة 13 ألف شخص بينهم أصدقاء وأقارب للعديد من سكان دونيتسك.
ويقول دانييل تشيبوتوك (20 عاماً)، وهو طالب يأمل بالرحيل عن المنطقة: «من الصعب الحديث عن الأمر. في البداية كان الأمر مخيفا، ولكن بطريقة ما أصبح بعد ذلك أمراً طبيعياً، والآن أصبحت الانفجارات وإطلاق النار أمراً عادياً جداً بل حتى مألوفاً».
فعلى مسافة غير بعيدة عن وسط المدينة، العاصمة الفعلية لجمهورية دونيتسك الشعبية، لا يزال إطلاق النار يحصد الأرواح. ويرى ماكسيم بليزنيوك (20 عاماً) الذي ارتدى قرطا على شكل صليب أنه «مجرد وضع عبثي. لا نعرف حتى سبب استمرار الحرب».
لا يقتصر الأمر على المخاوف من تنامي التصعيد، بل يستعد الشباب للانضمام إلى الجبهة في أعقاب مرسوم جديد أصدره قادة سياسيون في المناطق الانفصالية. وفرضت السلطات الانفصالية العام الماضي الخدمة العسكرية الإلزامية لمدة ستة أشهر على كل من بلغ 18 عاماً.
ويقول تشيبوتاييف: «أنا أستعد ذهنياً لذلك»، مضيفاً أنه يأمل بالحصول على إعفاء من الخدمة العسكرية إذا ذهب إلى الجامعة. إذ لطالما قلبت الحرب حياة جيله رأساً على عقب.
تخضع دونيتسك لحظر تجول منذ ثماني سنوات، وتم رفعه مؤخراً في عطلات نهاية الأسبوع لكن يجب أن يكون تشيبوتاييف في المنزل بحلول الساعة 11 مساء ولا يمكنه المغادرة قبل الساعة 5 صباحاً. ويستطيع من هم في مثل سنه في باقي أنحاء أوكرانيا أن يقضوا الوقت في النوادي الليلية، بينما تتحول دونتسيك إلى مدينة أشباح.
ويقول تشيبوتاييف شاكياً: «أنا شاب. أرغب في الخروج ليلاً ولا يمكنني ذلك. ليس لدينا أي حرية». من جانبها، تقول الطالبة ناستيا كاربوشينا (20 عاماً) إن العيش في منطقة غير معترف بها رسمياً يفرض تعقيداً إضافياً. وتوضح: «علينا تقديم الكثير من الوثائق للسفر، وليس من المؤكد أنهم سيسمحون لك بالخروج. إنه أمر مرهق».
ويهيمن عدد قليل من الشركات في المنطقة الانفصالية على مناحي الحياة، فهناك مشغل واحد للهاتف المحمول ويقوم بنك وحيد بالاستفادة من احتكاره لفرض شروطه الخاصة. ومن دون وجود حساب في ذاك البنك، يتوجب إتمام كل المدفوعات نقداً.
وترقول كاربوشينا: «إنه أمر غير عملي حقاً»، وتضيف: «حتى في روسيا، يمكنك اختيار البنك الذي تريد استخدامه». وتوضح: «لا نستطيع التسوق عبر الإنترنت أو الحصول على طلبات من دول أخرى. كل هذا يجعل الحياة أكثر صعوبة».
ومع استحالة السفر إلى الأراضي الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، يرى الكثيرون أن روسيا هي السبيل الوحيد للهروب خصوصاً مع تبسيط موسكو إجراءات الحصول على جواز سفر. ويقول تشيبوتوك «أنا أريد أن أغادر»، مضيفاً أنه يريد التقدم للحصول على جواز سفر روسي ويحلم بالعمل كطبيب في آسيا.
ويشير إلى أنه «عندما كنا لا نزال في أوكرانيا، كانت لدينا بالطبع أمل في المستقبل. ولكن الآن تغير كل شيء بشكل جذري للأسف».



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.