الحكومة اللبنانية تواجه تحديات سعر الليرة وإعادة هيكلة الديون

الموازنة العامة تفتح الأبواب الموصدة للأزمات النقدية والمالية

TT

الحكومة اللبنانية تواجه تحديات سعر الليرة وإعادة هيكلة الديون

تحرك ملف سعر صرف الليرة اللبنانية إلى صدارة الاهتمامات الحكومية في ضوء التوجه إلى تسريع إقرار مشروع قانون الموازنة العامة، الذي سيتم تخصيصه بجلسات متلاحقة لمجلس الوزراء، بدءاً من اليوم (الاثنين)، تمهيداً لإحالته إلى مجلس النواب، الذي يعاود بالتزامن تنشيط اجتماعات لجانه ضمن العقد الاستثنائي الممتد حتى العشر الأخير من شهر مارس (آذار) المقبل.
ولاحظت مصادر مالية مطلعة في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن البنود الرقمية للموازنة المقترحة، حملت في طياتها تحولات مفصلية في إدارة المالية العامة عشية استئناف المشاورات الافتراضية مع إدارة صندوق النقد الدولي، خاصة لجهة الإقرار بحدة الشروخ التي أصابت جانبي الإنفاق والواردات جراء تراكمات انهيارات العملة الوطنية وضرورات إعادة هيكلة موارد حيوية للخزينة عبر احتسابها مباشرة بالدولار الأميركي (الفريش) أو تفويض وزير المال باعتماد تسعير مكافئ للسعر السوقي في احتساب موارد خدماتية وضريبية.
وبعد التخلي القسري عن سياسة الدعم التي تكفلت بتبديد نحو 14 مليار دولار من احتياطات العملات الصعبة في البنك المركزي خلال عامين متتاليين، يشكل اعتماد سعر مرن وواقعي لصرف الليرة ركيزة رئيسية، إلى جانب تحديد الفجوة المالية بمقدار 69 مليار دولار، تمهيداً لإنهاء صوغ خطة التعافي والإنقاذ التي ينكب عليها الفريق الاقتصادي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بالتنسيق مع مكونات القطاع المالي، وتحت سقف التأييد السياسي الواسع الذي تشترطه إدارة الصندوق قبل الانتقال من صيغة المشاورات التقنية إلى جولات المفاوضات الرسمية الهادفة إلى إبرام اتفاقية برنامج دعم وتمويل يؤمل أن تضخ أولى دفعاتها قبيل دخول لبنان في معمعة استحقاق الانتخابات النيابية منتصف شهر مايو (أيار) المقبل؛ حيث تتحول مهام الحكومة دستورياً إلى تصريف الأعمال.
ووفق المصادر المتابعة، فإن لبنان انخرط عملياً، ولو مع تأخير الإعلان الرسمي، بالخروج نهائياً من منظومة السعر الرسمي الحالي البالغ نحو 1515 ليرة لكل دولار والمعتمد منذ أواخر العام 1999.
لكن الرسو على سعر مستقر جديد سيحتاج حكماً إلى سلسلة خطوات مترابطة، يتعذر اكتمالها في الأمد القريب، كونها تشمل ملفات شائكة، وفي طليعتها، قبيل الوصول إلى استحقاق عقد الاتفاقية مع صندوق النقد، صدور قانون الضوابط على التحويلات إلى الخارج (الكابيتال كونترول) وإعادة هيكلة الدين العام البالغ رقمياً نحو 100 مليار دولار والاتفاق داخلياً على توزيع الخسائر المالية ووضوح خريطة طريق تصحيح أوضاع القطاع المالي بركنيه الأساسيين، أي البنك المركزي والجهاز المصرفي.
فضلاً عن الشروع بمفاوضات بناءة مع الدائنين للدولة بالعملات الأجنبية بما يصل إلى 31 مليار دولار أصولاً وما يزيد عن 4 مليارات دولار فوائد مستحقة، والموزعين مناصفة تقريباً بين شركات دولية من جهة، والمصارف المحلية والبنك المركزي من جهة موازية.
وتشير المعطيات المتوفرة، وفقاً للمصادر المتابعة، إلى إمكانية بلورة توجه رسمي لاعتماد سعر وسطي قريب من 20 ألف ليرة لكل دولار في المرحلة الأولى. وهو المستوى الأقرب إلى السعر السوقي البالغ حالياً نحو 23 ألف ليرة. وهو ما يتيح لوزارة المالية تحقيق التوازن في تنفيذ بيانات الموازنة المقترحة، ما يُكسب الحكومة صدقية مفقودة بفعل تراكم الأزمات النقدية والمالية، ويمكنها من التقدم بمقاربات واضحة وضمن الإمكانات الحقيقية لبدء رحلة الصعود من قعر الانهيار. على أمل أن تفضي الاستحقاقات الدستورية الداهمة إلى إعادة انتظام الدولة واستعادة حضورها المفصلي في احتواء التداعيات وإدارة النهوض في المرحلة اللاحقة.
ويقع في هذا النطاق، انهماك الوزارات المختصة بإعادة تسعير الخدمات العامة من ماء وكهرباء واتصالات وسواها بمقدار يماثل من 6 إلى 10 أضعاف مثيلاتها المعتمدة حالياً، بحيث يمكن أن يتدرج التسعير تباعاً باحتساب تقديري للدولار ما بين 10 و20 ألف ليرة. بينما لوحظ، في المقابل، مراعاة بنود الموازنة المقترحة لاعتماد سلة مرنة ومؤقتة زمنياً تؤمن الدعم الجزئي للقدرات الشرائية للأجور والمساعدات الصحية والاجتماعية، كخيار موضوعي بديل عن زيادات سلاسل الرتب والرواتب التي تم اعتمادها قبيل الانتخابات النيابية في العام 2018، والتي خلّفت تداعيات كارثية وطويلة الأمد على المالية العامة بفعل تضخم كتلة مداخيل القطاع العام وملحقاته.
ويندرج في سياق التحولات المصاحبة لتمرير موازنة «الأمر الواقع»، استباقها قبل أسبوعين من طرحها على طاولة مجلس الوزراء، بتأمين الغطاء السياسي المزدوج من قبل رئاستي السلطتين التشريعية والتنفيذية، الذي مكّن مصرف لبنان من استرجاع قدرات التحكم بالسيولة النقدية عبر ضخ الدولار النقدي وسحب أجزاء وازنة من الكتلة الضخمة بالعملة الوطنية التي تقارب 50 تريليون ليرة. وهو ما يؤسس لتعزيز مرجعية منصة «صيرفة» التي يديرها بالمشاركة مع المصارف وشركات الصيرفة وبسط سيطرتها على معظم المبادلات النقدية، بمنأى عن المضاربات التي قادت سعر الصرف إلى مستويات خطرة، بلغت سقف 34 ألف ليرة لكل دولار.
ومع تدني السعر المعتمد على المنصة إلى 22.7 ألف ليرة لكل دولار في تعاملات نهاية الأسبوع الحالي، فقد جدد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التأكيد على الاستمرار بتنفيذ التعميم 161 بمفاعيله الأساسية وببيع الدولار الأميركي الورقي مقابل الليرة اللبنانية الورقية على المنصة للمصارف وبسعرها المعتمد، ومن دون سقف محدد.
علماً بأن حجم التداول اليومي على منصة «صيرفة» لا يمثل فقط عمليات تدخّل من قبل مصرف لبنان في السوق النقدي للدولار، ولا حجم تدخله، وإنما يسجل عليها أيضاً كل عمليات بيع وشراء الدولار التي تتم في السوق بين المسجلين على هذه المنصة عبر المصارف والصرافين وإن لم يتدخل فيها مصرف لبنان.



السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.