التسرب المدرسي يجعل مستقبل لبنان قاتماً

آلاف الأطفال اللبنانيين والسوريين خارج المدارس

تنكب المنظمات الدولية في لبنان على ضمان تأمين حق التعلم للأطفال والحيلولة دون تسرب مزيد منهم خارج النظام التعليمي (موقع يونيسف)
تنكب المنظمات الدولية في لبنان على ضمان تأمين حق التعلم للأطفال والحيلولة دون تسرب مزيد منهم خارج النظام التعليمي (موقع يونيسف)
TT

التسرب المدرسي يجعل مستقبل لبنان قاتماً

تنكب المنظمات الدولية في لبنان على ضمان تأمين حق التعلم للأطفال والحيلولة دون تسرب مزيد منهم خارج النظام التعليمي (موقع يونيسف)
تنكب المنظمات الدولية في لبنان على ضمان تأمين حق التعلم للأطفال والحيلولة دون تسرب مزيد منهم خارج النظام التعليمي (موقع يونيسف)

يسهم التعليم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للأطفال (يونيسف)، في العديد من أهداف التنمية المستدامة، فهو يقلل من الفقر، ويدفع النمو الاقتصادي المستدام، ويمنع عدم المساواة والظلم، ويؤدي إلى صحة أفضل؛ خصوصاً لدى الأطفال والنساء، ويساعد على حماية الكوكب. بناء على ما سبق، في مجتمعات كالمجتمعين اللبناني والسوري حيث معدلات الفقر والظلم وعدم المساواة تسلك منحىً تصاعدياً، يسلك التعليم تلقائياً مساراً انحدارياً؛ فبدل الانكباب، كما في باقي المجتمعات والدول، على تحسين التعلم، وتطوير المناهج، وتنمية المهارات، تنكب المنظمات الدولية في لبنان على ضمان تأمين حق التعلم للأطفال والحيلولة دون تسرب مزيد منهم خارج النظام التعليمي مما يهدد مستقبلهم ومستقبل هذين البلدين.

أرقام مقلقة
وبلغة الأرقام؛ فإن نصف الأطفال السوريين، بحسب «يونيسف»، خارج المدارس؛ سواء أكانوا في الداخل السوري أم في بلدان اللجوء. وبحسب ليزا أبو خالد، المتحدثة باسم «مفوضية اللاجئين» في لبنان، فإن 30 في المائة من الأطفال السوريين الموجودين في لبنان لم يذهبوا إلى المدرسة مطلقاً، وانخفض الالتحاق بالمدارس الابتدائية بنسبة 21 في المائة على الأقل هذا العام وحده.
ويستضيف لبنان 660 ألف طفل سوري لاجئ في سن المدرسة، ما يعني أن 200 ألف منهم لم يذهبوا إلى المدرسة قط، علماً بأن 60 في المائة لم يسجلوا في المدارس خلال السنوات الأخيرة.
أما ما يتعلق بالأطفال اللبنانيين، فلا وجود لأرقام رسمية؛ سواء لدى وزارة التربية اللبنانية، وحتى لدى «يونيسف»، لكن الطرفين يؤكدان وجود تسرب مدرسي نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية العاصفة بالبلد.
وبحسب معلومات «الشرق الأوسط»، كان «مكتب البحوث التربوية» التابع لوزارة التربية اللبنانية قد بدأ في عام 2020 دراسة حول التسرب والرسوب المدرسي، وأنهى وضع الإطار العام للدراسة والأدوات المرافقة لها، ولكن بسبب وباء «كورونا» لم يتمكن من استكمال العمل الميداني؛ أي الدخول إلى المدارس لتعبئة الاستمارات، مما أدى لتوقف العمل بهذه الدراسة وبكل الدراسات التي كانت قيد الإنجاز في «مكتب البحوث التربوية».
وارتأى قرض البنك الدولي المخصص لتمويل برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً بقيمة 246 مليون دولار، والذي يفترض أن يستفيد منه لبنان، بتقديم مساعدات مادية لـ87 ألف طالب في المدارس الرسمية للتصدي لظاهرة التسرب المدرسي التي حذر منها التقرير التقييمي للبنك، بحيث نبه إلى أن «الأزمات المالية والاقتصادية الحالية في لبنان، والتي تصاعدت بسبب وباء (كوفيد19)، باتت تشكل تهديداً خطيراً لاستمرار تعليم الأطفال». وشدد البنك الدولي على أن ظاهرة التسرب المدرسي ليست جديدة لبنانياً، بحيث كان معدل التسرب في العام الدراسي 2011 – 2012 «مرتفعاً للغاية بالنسبة للطلاب في الفئات الاجتماعية والاقتصادية الأدنى»، بحسبان أنه بحلول سن الـ18؛ كان 50 في المائة فقط من الطلاب الذين ينتمون لعائلات هي الأكثر فقراً لا يزالون في المدرسة. ويشير التقرير إلى أن «الوضع خطير بشكل خاص بالنسبة للبنين الذين يبدأ تسربهم من المدرسة في سن 12 و13 عاماً». ومن بين أفراد الأسر المسجلة في قاعدة بيانات «البرنامج الوطني لاستهداف الفقر (NPTP)»، لم يلتحق نحو 15 في المائة منهم بالمدارس، وذكر نحو 50 في المائة منهم أن أسباباً مالية مقنعة هي السبب الرئيسي لعدم التسجيل. وبحسب معلومات «الشرق الأوسط»، تابع وفد من البنك الدولي مؤخراً مع وزير التربية اللبناني موضوع استفادة التلامذة الأكثر فقراً من جزء من هذا القرض، وأُبلغ الوفد بأنه يجري التدقيق في الأشخاص الذين سيستفيدون من القرض، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من عائلات هؤلاء التلامذة تسجلوا على المنصة التي تتابعها وزارة الشؤون الاجتماعية للاستفادة من المساعدات المادية.
وفي تقرير لـ«يونيسف» حمل عنوان: «البقاء على قيد الحياة دون أساسيات العيش: تفاقم تأثيرات الأزمة اللبنانية على الأطفال» الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أشارت المنظمة إلى أن «كثيراً من الأسر وجدت نفسها مجبرة على اللجوء إلى آليات التكيف السلبية التي غالباً ما تعرض الأطفال للخطر. وأرسلت نحو 12 في المائة من الأسر، التي شاركت في استطلاع (اليونيسف) السريع، أطفالها إلى العمل في سبتمبر (أيلول) الماضي، مقارنة بنحو 9 في المائة في أبريل (نيسان)».
وتؤكد رئيسة «اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي»، نسرين شاهين، أن «هناك كثيراً من الأطفال اللبنانيين الذين باتوا خارج المدارس في العامين الماضيين، لكن للأسف لا أرقام دقيقة»، موضحة أن هناك «من بدأوا العام الدراسي، لكنهم إما لا يداومون بشكل يومي، وإما توقفوا عن الحضور بالمطلق لارتفاع تكلفة المواصلات وعدم القدرة على التنقل سيراً على الاقدام بسبب الظروف المناخية».
وتشير شاهين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعدما كان جهل بعض الأهالي يدفع بهم لإخراج أطفالهم من المدارس لإعانتهم في المصاريف بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، باتوا اليوم يعبرون عن حسرتهم وغضبهم لعدم قدرتهم على إرسال أولادهم إلى المدارس»، لافتة إلى أن «الأوضاع تتطور من سيئ إلى أسوأ، فبعد النزوح من التعليم الخاص إلى الرسمي، بتنا اليوم في أزمة تسرب مدرسي تتفاقم كل عام».

وضع كارثي
وتتحدث «يونيسف» عن حلقة مفرغة تضم التعليم، وعدم المساواة، والصراع العنيف. يرتبط عدم المساواة في أبعاد عدة بزيادة احتمال نشوب صراع عنيف. بدوره؛ يرتبط الصراع العنيف بفقدان التعليم وعدم المساواة في التعليم. وهذه كلها عوامل متوفرة عندما نتحدث عن أطفال سوريا؛ سواء اللاجئون وأولئك الذين يعيشون داخل سوريا.
وتشير «المديرة الإقليمية للإعلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» في منظمة «اليونيسف»، جولييت توما، إلى أن «ظاهرة التسرب المدرسي ظاهرة إقليمية تعاني منها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، لافتة إلى «وجود 15 مليون طفل خارج المدارس في هذه المنطقة».
أما فيما يتعلق بسوريا ولبنان، ففيما تصف الوضع التعليمي في صفوف الأطفال السوريين بـ«الكارثي» بحسبان أن نصفهم خارج المدارس، تشير إلى «احتمال أن تكون ظاهرة التسرب المدرسي بدأت بين الأطفال اللبنانيين مع تفاقم الأزمة المالية - الاقتصادية... إلا إنه لا إحصاءات تدعم هذه الترجيحات، كما لا يمكن الحديث لا شك عن تسرب هائل».
وتوضح توما في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الظاهرة مرتبطة في الأساس بفقر العائلات، والنزاعات المسلحة، وجودة التعليم، والعنف المدرسي (سواء بين الأطفال، ومن قبل المدرسين)»، لافتة إلى أن «هذه الأزمة تتفاقم عادة بين اللاجئين السوريين في لبنان لأكثر من سبب؛ سواء نتيجة الفقر الذي تعاني منه العائلات فتضطر إلى أن ترسل الأطفال إلى العمل، وبسبب عدم قدرتها على دفع ثمن المواصلات. كما أن مساحة الصفوف في المدارس في لبنان غير مهيأة لتستقبل الكم الهائل من التلامذة رغم الجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية لاستقبال أكبر عدد من الأطفال السوريين».
وتشير توما إلى أنه «بسبب طول الأزمة، خسر أطفال سوريا 10 أعوام من التعليم؛ أي بمعنى آخر خسروا مستقبلهم نتيجة خسارتهم عقداً كاملاً من التعليم، مما يجعل من الصعب جداً تعويض الدراسة، من هنا أهمية تركيز الجهود حالياً على كيفية مساعدتهم بالانخراط في سوق العمل وتهيئتهم ليصبحوا أصحاب مهن من خلال تأمين التدريب الصحيح لهم والمساعدة في الحصول على الكفاءات والمهارات».
وتوضح توما أنه «في لبنان، أثرت أزمة (كورونا) كثيراً على الوضع التعليمي؛ لأنه رغم المحاولات الجدية لـ(التعليم أونلاين)، فإن الوضع الكارثي للطاقة والإنترنت جعل هذا الأمر تحدياً كبيراً، ونحن نعتقد أنه في بعض الدول؛ من بينها لبنان، ما بين 30 في المائة؜ و40 في المائة من التلامذة غير قادرين على الاستفادة من خدمة (التعليم من بُعد) بسبب الفقر الرقمي».
وتشدد توما على وجوب «وضع التعليم أولوية رغم الأزمات والحروب، فتماماً كما أن تأمين الغذاء والاستشفاء أمر أساسي في الظروف الصعبة، كذلك يجب أن يكون تأمين التعليم والذهاب إلى المدرسة بوصفه يساهم في تعزيز الصحة النفسية للطفل؛ لأنه يؤمن له الأمان ومكاناً للترفيه»، عادّةً أن «ذلك لا يحصل فقط من خلال تأمين أموال إضافية؛ إنما من خلال زيادة عدد المدرسين وانخراط عدد أكبر من ذوي الكفاءات في المسيرة التعليمية، والتشديد على اكتساب المهارات وتهيئة الطلاب للدخول في سوق العمل؛ لأن المناهج القائمة حالياً في كثير من البلدان مسبب رئيسي للبطالة».

سياسات متشددة لتعليم السوريين
ومطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بشدة ما قالت إنها سياسات معتمدة في لبنان تمنع أطفال اللاجئين السوريين من الوصول إلى التعليم، لافتة إلى أن وزارة التربية تشترط حصولهم على سجلات تعليمية مُصدقة، وإقامة قانونية في لبنان، وغيرها من الوثائق الرسمية التي لا يستطيع معظم السوريين الحصول عليها.
وتوضح ليزا أبو خالد، المتحدثة باسم «مفوضية اللاجئين» في لبنان، لـ«الشرق الأوسط» حقيقة ما يجري، لافتة إلى أن «المدارس الرسمية الابتدائية للأطفال اللاجئين مجانية، وأنه يتوجب الإبلاغ فوراً عن أي مدرسة تطلب رسوم تسجيل». مضيفة: «هناك تكاليف مرتبطة بالتعليم، مثل الزي المدرسي والكتب والملابس الشتوية والقرطاسية، والتكلفة الأهم هي لوسائل النقل التي تشكل حاجزاً أمام اللاجئين ليكونوا قادرين على تحمل تكاليف الذهاب إلى المدرسة والإياب منها، لا سيما في وقت يعيش فيه 9 من أصل 10 لاجئين سوريين تحت الفقر المدقع».
وتشير أبو خالد إلى أن البيانات الأولية من التقرير السنوي لتقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان لهذا العام، أظهرت أن تكلفة المواد، وتكلفة النقل، كما الخوف من «كوفيد19»، تليها الحاجة إلى العمل، أكبر العوائق أمام التعليم ضمن الفئة العمرية من 6 أعوام إلى 14 عاماً. وتقول: «النقل يمثل بالفعل عائقاً كبيراً؛ حيث يمكن أن تصل تكلفته إلى 25 ألف ليرة لبنانية لكل طفل يومياً في مناطق معينة».
وتؤكد أبو خالد أنه «ليس هناك أي شرط للحصول على تصريح إقامة للالتحاق بالمدارس الابتدائية، وبالتالي ومن حيث المبدأ، على جميع الأطفال اللاجئين أن يتمكنوا من الالتحاق بها. ومع ذلك، هناك تقارير تفيد بأن بعض المدارس تفرض متطلبات أو مستندات إضافية، مثل تصريح إقامة جديد، وهو أمر يصعب للغاية الحصول عليه وينبغي ألا تطلبه المدارس. وعند كشفنا لمثل هذه المواقف، تستخدم المفوضية وشركاؤها آلية تقديم الشكاوى في قطاع التعليم، والتي تذهب إلى وزارة التربية والتعليم العالي، والتي يمكنها بعد ذلك أن توضح مباشرة لمدير المدرسة أن الإقامة ليست شرطاً للتسجيل الابتدائي. أما في التعليم الثانوي، فتصريح الإقامة شرط بالفعل، وتساعد المفوضية اللاجئين في معالجة الموضوع من خلال تسليم شهادة سكن في الوقت المناسب في جميع مراكز التسجيل لدينا، وكذلك من خلال تقديم المشورة القانونية». وتضيف: «بالنسبة للحالات المؤهلة التي يمكن أن تستفيد من ورقة التنازل من الأمن العام اللبناني والحصول على تصريح إقامة قانوني، فإننا ندعمهم ونرافقهم إلى مراكز الأمن العام اللبناني. غير أننا في الوقت نفسه، نواصل الدعوة إلى ألا تكون الإقامة عائقاً أمام التعليم الثانوي، كي نضمن للأطفال اللاجئين مواصلة تعليمهم والحصول على مستقبل أفضل».
وبحسب «هيومن رايتس ووتش»، ينتظر الأطفال السوريون الذين يسعون إلى حضور الصفوف العادية حتى انتهاء تسجيل الأطفال اللبنانيين ليتسجلوا في الأماكن المتاحة. وقد انخفض عدد الأماكن المتاحة بسبب انتقال 54 ألف تلميذ لبناني من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية خلال العام الدراسي 2020 – 2021 مع تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
ويعدّ بيل فان إسفلد، المدير المشارك في «قسم حقوق الطفل» لدى «هيومن رايتس ووتش»، أنه «إذا أرادت حكومة لبنان الجديدة تدارك خسارة جيل؛ فعليها أن تتوقف عن وضع عقبات وطلب وثائق لا يمكن الحصول عليها من أطفال اللاجئين الذين يريدون الذهاب إلى المدرسة. لنكن واضحين؛ إذا لم تتخل الحكومة عن هذه السياسات، فستكون مسؤولة عن انتهاكات جسيمة للحق في التعليم».

مخاطر التسرب
وتشير الدكتورة باسكال مراد، الاختصاصية في علم النفس والاجتماع، إلى أن «الطفل خارج المدرسة مهدد بالدرجة الأولى؛ لأنه في معظم الأوقات على الطريق حيث يكون معرضاً لسوء معاملة معنوية وجسدية؛ كما في بعض الأحيان لتحرش جنسي واغتصاب، أضف أنه على الصعيد النفسي يعيش يأساً من المستقبل، خصوصاً في حالة المراهق؛ حيث يشعر أن أحلامه تنهار». وتنبه مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا بذلك نؤسس لجيل ضائع معرض لكل أنواع الآفات؛ من المخدرات إلى العنف وجرائم السرقة والقتل، مما يجعله مهدداً وفي الوقت عينه يهدد مجتمعه».
وتعدّ مراد أن «الأخطر من كل ما سبق أن ظاهرة التسرب المدرسي تتزامن مع خلل في النظام التربوي والمدرسي في لبنان، فبعدما كنا نتميز عن دول المنطقة في نظامنا التعليمي المتطور، بتنا اليوم نشهد تراجعاً كبيراً فاقمه التعليم من بُعد الذي أدى إلى كثير من المشكلات النفسية نتيجة العزلة التي عاشها الأطفال في منازلهم بسبب (كورونا)»، مضيفة: «نحن إذن بصدد أجيال ضعيفة غير متمكنة وغير متعلمة تعيش في دولة تشهد تفككاً غير مسبوق على المستويات كافة... وهنا الخطر الكبير».



«حماس» في ميزان الربح والخسارة بعد حرب طاحنة

TT

«حماس» في ميزان الربح والخسارة بعد حرب طاحنة

يوشك هجوم 7 أكتوبر على تغيير وجه الشرق الأوسط بعد عام من حرب طاحنة (د.ب.أ)
يوشك هجوم 7 أكتوبر على تغيير وجه الشرق الأوسط بعد عام من حرب طاحنة (د.ب.أ)

حتى بعد مرور عام على 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لم يعرف أحد على وجه الدقة الهدف من الهجوم المباغت لحركة «حماس» الفلسطينية على إسرائيل، الذي يوشك اليوم على تغيير وجه الشرق الأوسط، ويجرّ خلفه 3 حروب، واحدة مدمرة في غزة، وثانية دموية في لبنان، وثالثة صامتة طويلة الأمد في الضفة الغربية، وعدة حروب باردة مع إيران وأذرعها في العراق واليمن وسوريا.

من المبكر الحكم على نتائج الهجوم الذي فاجأ إسرائيل، تحديداً لجهة إقامة دولة فلسطينية. ثمة وجهتا نظر، تفيد الأولى بأن 7 أكتوبر ستنتهي إلى مسار الدولة، ويزعم الثاني أن الباب قد فُتح لإسرائيل، ليس للقضاء على حل الدولتين، بل احتلال أجزاء من دول أخرى في المنطقة.

لكن بالنسبة لـ«حماس» التي بدأت الهجوم وتلقت الردّ عليه، يمكن القول إنها دفعت ثمناً لم تكن تتخيله يوماً. فماذا حدث خلال عام؟ وكيف أصبحت الحركة في ميزان الربح والخسارة؟

قبل الهجوم، كانت «حماس» بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين قوة لا يستهان بها، وليس من الوارد أن تضحي بموقعها ومكاسبها في حرب مدمرة، وكان هذا سر الهجوم، قبل أن يكلفها الكثير لاحقاً.

وإذا كانت الحرب قد بدأت بضربة «حماس» وغارات جوية إسرائيلية لاحقة، فالأكيد أن الحركة لم تكن تتوقع أن الحرب البرية ستكون بهذا الزخم الذي طال جميع مناطق غزة، متراً بمتر، وشبراً بشبر.

اليوم، فقدت «حماس» وجناحها المسلح، الكثير من الأشياء، كما أنها في المقابل كسبت أشياء أخرى.

خسرت «حماس» الكثير في هجوم 7 أكتوبر المباغت لكنها ربحت أشياء أيضاً (أ.ب)

حساب الربح... إحصاء الخسارة

على الأقل، فقدت «حماس» دعماً سياسياً ولو كان خافتاً من قبل دول أوروبية ودولية، ومثله دعم مالي لتمويل مشاريع حكومية ومؤسساتية وخدماتية لسكان غزة، وإلى حد ما تضررت علاقة الحركة بدول إقليمية دعمتها في الصراع ضد إسرائيل، أو ما يتعلق بالمصالحة مع حركة «فتح».

وبعد هجومها الكبير، نّدت دول بـ«حماس»، وبقي هذا الموقف يتصاعد مع مرور الأيام في ظل الحملة الإعلامية الإسرائيلية التي صاحبت هجوم 7 أكتوبر.

وخلال ذلك، ظهرت مؤشرات قوية على خسارة الحركة لكثير من شرعيتها التي اكتسبتها لسنوات بتطوير علاقات كانت صعبة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية، وعلى وجه الخصوص تضررت إلى حد ما العلاقة مع مصر وقطر، إذ قالت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، إن «علاقة (حماس) بهاتين الدولتين العربيتين لم تعد كما كانت».

ويفهم قياديون في «حماس»، وفقاً للمصادر، أنه «في لحظة ما قد تطالبهم قطر بالخروج (...) كما أن الوضع مع مصر لم يعد على أحسن حال».

وتطالب مصر اليوم، وتعمل على عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، ويشمل ذلك تسليمها معبر رفح البري، وليس إسرائيل أو «حماس».

مقابل ذلك، زاد دعم «حماس» في «محور المقاومة» المدعوم من إيران، لكن هذا الأخير تعرض لخسائر عدة على أصعد مختلفة بفعل الحرب.

وكسبت الحركة أيضاً تأييداً من دول مثل تركيا وروسيا، وإلى حد ما من الصين، الأمر الذي دفع مراقبين إلى الاعتقاد بأن «حماس» تموضعت في استقطاب إقليمي حاد، في لحظة تقترب فيها المنطقة من شفا حرب مفتوحة.

شعبية «حماس» ونفوذها

أيام قليلة بعد 7 أكتوبر 2023، ارتفعت شعبية «حماس» بشكل كبير في مناطق غزة والضفة الغربية. كان يمكن ملاحظة كيف أن الإعجاب بالهجوم المباغت طغى على كل شيء، ولكن سرعان ما تبدد كل ذلك، خصوصاً في القطاع، مع استمرار الهجمات الإسرائيلية التي كبدت الغزيين خسائر مريرة في الأرواح والأملاك.

وباتت غالبية من سكان غزة يُحمّلون «حماس» مسؤولية ما حلّ بهم، الأمر الذي أدى إلى تراجع تأييد الحركة بشكل كبير، وأفقدها ميزة الدعم الكبير.

رغم كل هذا التراجع، فإن الحركة ما تزال ترى نفسها جزءاً واضحاً من مستقبل غزة والقضية الفلسطينية، وأن لديها القدرة على البقاء سياسياً وعسكرياً ومدنياً وشعبياً حتى حكومياً.

ومع ذلك، فإن الحكم على قدرة «حماس» على البقاء من عدمه سيكون حين تنتهي الحرب، ويتبين شكل الشرق الأوسط في اليوم التالي، لكن الأكيد أن الحركة لم تعد قادرة على حكم القطاع الذي يحتاج إلى دعم دولي واسع لإنقاذ سكانه وإعادة إعماره، وإحياء اقتصاده المنهار.

يرى خبراء عسكريون أن بقاء السنوار حياً يحرم إسرائيل من «صورة المنتصر» (أ.ف.ب)

قيادات «حماس»... مَن بقي؟

فقدت «حماس» أهم قياداتها السياسية والحكومية والعسكرية، وجزءاً لا يستهان به من مسلحيها، إلى جانب ناشطين في المجالات الدعوية والاجتماعية والاقتصادية.

مع بداية الحرب، وصلت إسرائيل إلى زكريا أبو معمر وجواد أبو شمالة من أعضاء المكتب السياسي للحركة، وأيمن نوفل وأحمد الغندور وهما قائدا لواءي الوسط والشمال في «كتائب القسام»، إلى جانب أيمن صيام قائد الوحدة الصاروخية في الكتائب.

وقد دأبت «حماس» على نعي جميع الشخصيات التي فقدتها خلال الحرب وإعلان أسمائهم، قبل أن تغير هذا النهج لتخفي معلومات قادتها والمسلحين الذين يتم قتلهم.

لاحقاً، نجحت إسرائيل باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في طهران، ونائبه صالح العاروري في الضاحية الجنوبية ببيروت، وكلاهما نعتهما الحركة.

لكن بعيداً عن إعلانات «حماس»، أكدت إسرائيل اغتيال قائد «كتائب القسام» والمطلوب الأول منذ عقود محمد الضيف في ضربة جوية نفّذتها بمنطقة مواصي خان يونس، جنوب غزة، في 13 يوليو (تموز) الماضي، إلى جانب رافع سلامة، قائد لواء خان يونس، وقبلهما أكدت اغتيال مروان عيسى، نائب الضيف، في نفق وسط مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، في 10 مارس (آذار) الماضي.

وكانت مصادر من «حماس» قد أكدت لـ«الشرق الأوسط» اغتيال سلامة وعيسى، لكنها لم تدلِ بأي معلومات حول الضيف.

وكشفت «الشرق الأوسط» في وقت سابق، عن مقتل اثنين من أعضاء المكتب السياسي، هما روحي مشتهى وسامح السراج في ضربة استهدفت نفقاً جنوب مدينة غزة، إلى جانب قيادات عسكرية وازنة في «القسام».

ومن بين الاغتيالات المؤثرة في «القسام»، استهداف أيمن المبحوح أحد أهم قادة الكتائب والمسؤول الأول عن استخبارات الكتائب وأسرارها الأمنية، الذي كان لسنوات مسؤولاً عن الدائرة الأمنية الخاصة بحماية محمد الضيف.

ولم تؤكد «حماس» اغتيال أي من هؤلاء، بل إنها تشدد على أن الضيف ما زال حياً، فيما تصرّ إسرائيل على نجاحها باغتياله.

وفقدت «القسام» مئات من قياداتها الميدانيين، منهم قادة «كتائب» و«سرايا» و«فصائل» و«مجموعات»، وهي مسميات عسكرية بالترتيب وفق تقسيمات معينة ومحددة، ورغم أنها خسائر فادحة فإن المحلل العسكري العقيد المتقاعد منير حمد من غزة يميل إلى الاعتقاد بأنها «لا تعني القضاء تماماً على الكتائب».

وقال حمد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حماس» استطاعت حتى الآن الحفاظ على حياة قائدها يحيى السنوار، خاصة بعد اغتيال هنية في طهران، ما يعني «توفق الحركة استخبارياً، على الأقل حتى الآن».

ورأى حمد أن «إبقاء السنوار حياً يحرم إسرائيل من صورة النصر التي تحاول الحصول عليها منذ أشهر».

ويُحسب لحركة «حماس» أنها وضعت قضية اغتيال قياداتها وعناصرها رهن التكهنات، سواء بالنسبة لإسرائيل أو غيرها، ما يؤشر على صعوبات أمنية واجهتها وما زالت تواجهها المخابرات الإسرائيلية في الوصول لقيادات «حماس» و«القسام»، على عكس ما يجري حالياً على الجبهة اللبنانية مع «حزب الله».

ولا تكتفي إسرائيل بملاحقة السنوار، بل إنها تبحث عن شقيقه محمد، أحد أبرز قادة «القسام» والرجل الثاني بعد الضيف، كما تبحث عن قائد لواء رفح محمد شبانة، وعن قائد لواء غزة عز الدين الحداد الذي تلقبه بـ«الشبح»، وعن قيادات أخرى من المجلس العسكري مثل رائد سعد، وأبو عمر السوري، اللذين نجيا من عمليتي اغتيال في غزة.

وتدفع هذه المعطيات العقيد المتقاعد منير حمد إلى الجزم بأن «حماس» قادرة على النهوض مجدداً، خاصة أن عدداً من قياداتها المؤثرة ما زال على قيد الحياة.

ويؤكد مراقبون أنه في حال تم التوصل لاتفاق تهدئة، يمكن لـ«حماس» أن تعيد بناء نفسها وقوتها مجدداً، خاصة مع وجود العامل البشري الذي يمكن أن تستغله، كما أن هناك قيادات بارزة قادرة على قيادة الحركة من جديد، بمن فيهم شخصيات تنشط في الخارج لم تتأثر بالضربات الإسرائيلية.

ويتفق حمد مع مراقبين على أن «حماس» نجحت حتى الآن في الاحتفاظ بعشرات الإسرائيليين المحتجزين كأسرى في غزة، بعد عام من حرب مدمرة طالت كل شبر من القطاع، وهو ما يمنحها مكاسب أكبر لفرض شروطها في التفاوض الذي يسير ببطء شديد في ظروف معقدة.

الحرب الأخيرة في غزة أظهرت خطأ التقدير الإسرائيلي لحجم شبكة الأنفاق في غزة (أ.ف.ب)

أنفاق «حماس»

فقدت «حماس» كثيراً من قوتها خلال عام من الحرب. وبعد ضربات متتالية، شملت الخدمة العامة، والمرافق التنظيمية والعسكرية والاقتصادية، تكاد الخسائر تكون شاملة على نحو واسع.

لكن فقدان معظم أنفاق «حماس» قد يكون الخسارة الأبرز لجهة أنها «سلاح استراتيجي» كان بيد الحركة.

واستخدمت «حماس» تلك الأنفاق في التحكم السيطرة، ولحماية قياداتها، وكذلك لإخفاء الإسرائيليين، ومن ثم في إدارة المعركة لتنفيذ هجمات، مباشرة أو صاروخية.

وبحسب مصادر «الشرق الأوسط»، فقد «نجحت إسرائيل في تدمير كثير من أنفاق الحركة». وقالت إن «الجيش الإسرائيلي عثر على كثير من الأنفاق الاستراتيجية الهجومية والدفاعية».

واستخدمت «حماس» الأنفاق في مناسبات مختلفة كمخابئ لبعض قادتها الذين تمت ملاحقتهم فوق وتحت الأرض، وهو الأمر الذي جرى مع عضو المكتب السياسي للحركة روحي مشتهى وقيادات أخرى، ما أدى لمقتلهم في أحد تلك الأنفاق.

تقدر مصادر مطلعة لـ«لشرق الأوسط» أن «حماس» تمتلك في كل منطقة داخل غزة (شمال القطاع مثلاً) ما لا يقل عن 700 نفق بأحجام ومهمات مختلفة، لكن ذلك يرتبط بجغرافيا وطبيعة التربة التي يمكن من خلالها حفر عدد أكبر أو أقل من الأنفاق.

وتقول المصادر: «في خان يونس جنوب القطاع، يختلف عدد الأنفاق كلياً، وربما هو الأكبر على مستوى القطاع، وخاصة في المناطق الشرقية منها باعتبارها مناطق زراعية وسهلة الحفر، ويمكن فيها العثور على أكثر من مسار للنفق الواحد بتفرعات مختلفة وبتوزيعات جغرافية مختلفة من مكان إلى آخر، ويقدر عددها بنحو ألف نفق».

وقدرت إسرائيل سابقاً أن تكون «حماس» حفرت أكثر من 500 كيلومتر من الأنفاق، لكن الحرب الحالية أظهرت أن تقديراتها خاطئة، وكانت أكبر بكثير.

وتفسر هذه المعطيات كيف نجحت «حماس» حتى اللحظة في تسهيل حركة قياداتها ومقاتليها بين مواقع، فوق الأرض وتحتها، إذ الواقع الفعلي لشبكة الأنفاق يتيح لهم المناورة مع إسرائيل.

«حماس» أطلقت في «الرشقة الأولى» صبيحة 7 أكتوبر ما لا يقل عن 4 آلاف صاروخ (أ.ف.ب)

ترسانة الصواريخ

مثّلت الصواريخ سلاحاً فارقاً لدى «حماس»، وشكّلت في مرحلة ما أحد أهم وسائل الردع، بعدما كانت الحركة قادرة على ضرب المدن والمستوطنات الإسرائيلية وقتما تشاء، خاصة تلك التي كانت تصل إلى تل أبيب والقدس.

تقول مصادر موثوقة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حماس» فقدت غالبية مخزونها من الصواريخ. ومع ذلك يعتقد مراقبون أن الحركة تخفي عدداً منها، وسوف تستخدمها في وقت ما.

وتزعم مصادر ميدانية من «حماس» أن جناحها المسلح كان يمتلك قبيل الحرب ما يزيد على 60 ألف صاروخ، ما بين صواريخ بعيدة المدى وأخرى متوسطة وقصيرة.

وكانت «حماس» قد أطلقت في «الرشقة الأولى» صبيحة 7 أكتوبر، ما لا يقل عن 4 آلاف صاروخ، غالبيتها متوسطة وقصيرة المدى تزامناً مع بدء الهجوم العسكري.

ومع ذلك، يصعب معرفة العدد الدقيق للصواريخ التي تمتلكها «حماس» قبل الحرب، وما تبقى خلال عام بعد اندلاعها.

وتزعم إسرائيل أنها نجحت في تدمير كثير من الصواريخ، إلى جانب ضرب أماكن تصنيعها وتخزينها، ومنصات إطلاقها.

خسرت حماس الكثير من قياداتها لكن وجود عدد منهم خارج غزة يمنحها القدرة على المناورة (غيتي)

بنك المال والمعلومات السرية

لم تتوقع «حماس» أن القوات البرية الإسرائيلية ستتعمق داخل غزة، كل هذا الوقت وبهذا العمق والسعة، ما منعها من نقل أو إتلاف ملفات بالغة السرية، من بينها ملفات اجتماعات مغلقة، وملفات أمنية ومالية، نجحت إسرائيل في السيطرة عليها، كما الفيديو الذي ظهر فيه قائد «كتائب القسام»، محمد الضيف، الذي كان يوصف بأنه رجل الظل الذي لا تعرف صورته.

وأكدت مصادر في الحركة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوقت لم يسعف عناصر (حماس) لتدمير ما لديها من ملفات، وإلا كان تم زرع عبوات ناسفة لتفخيخ المواقع التي تحوي مثل هذه الملفات على الأقل».

على الصعيد الحكومي، يمكن الجزم أن «حماس» خسرت جميع مقراتها، كما فقدت قيادات حكومية بارزة كانت تقود عملها الخدمي وغيره، إلى جانب كثير من أركان هيئة الطوارئ التي شكّلتها لإدارة العمل الحكومي للسكان خلال الحرب، وليس آخرهم على الأغلب المهندس ماجد صالح، المدير في وزارة الأشغال، الذي كان هدفاً لإسرائيل مرات عدة خلال هذه الحرب، وقد فقد زوجته وعدداً من أبنائه.

ترافق ذلك مع خسارة «حماس» كثيراً من مواردها المالية التي كانت تعتمد عليها، فهي إلى جانب الدعم الخارجي والدخل الحكومي، ثمة مصانع ومحال وعقارات وغيرها كانت تدرّ على الحركة شهرياً مبالغ طائلة.

وخلال الحرب تعمدت إسرائيل استهداف جميع مصادر تمويل «حماس»، وقصفت بنكاً تابعاً للحركة، وغرفاً محددة كان تخزن أموالاً، وهاجمت مركبات نقل أموال، واستولت على ملايين «الشواقل» من أماكن داهمتها، الأمر الذي أفقد «حماس» في كثير من الفترات قدرتها على صرف رواتب موظفيها وعناصرها، سواء الحكوميون أو المنضمون لجناحها العسكري وغيرهم.

في نهاية المطاف، طال الدمار كل شيء، كل شارع وحي، وجميع العائلات التي رزحت تحت نار الحرب طوال عام. لكن حسابات الربح والخسارة بالنسبة لـ«حماس» أمر بلاغ التعقيد، ولا يمكن الجزم به. ففي اليوم التالي للحرب، ستكون المعطيات حاسمة لمعرفة أن الحركة انتهت بالفعل، أم أنها طبقاً للظروف قادرة على العودة والنهوض مجدداً.