حثت تركيا الولايات المتحدة على مكافحة «التنظيمات الإرهابية» دون التفريق بينها، مشيرة إلى أنه لا يمكن حصر علاقاتهما العسكرية في قضيتي صفقة صواريخ الدفاع الجوي الروسية «إس400» ودعم واشنطن «وحدات حماية الشعب» الكردية؛ أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» التي تعدها أنقرة امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور في سوريا.
وعدّ وزير الدفاع التركي أن دعم الولايات المتحدة تحالف «قسد» أدى إلى زعزعة العلاقات بين البلدين. وتعدّ الولايات المتحدة «قسد» حليفاً وثيقاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، فيما تصنفها أنقرة تنظيماً إرهابياً، وهو ما يثير خلافاً في العلاقات التركية - الأميركية.
وعبر أكار، في تصريحات أمس، عن تطلع بلاده إلى مكافحة الولايات المتحدة التنظيمات الإرهابية دون التفريق بينها، وقطع دعمها «الوحدات الكردية» في سوريا، وأشار إلى أن قرارات واشنطن حول قضيتي «إس400» ودعم «وحدات حماية الشعب» الكردية، ودعم «تنظيم غولن» (حركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن والتي تتهمها أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016)، أدت إلى زعزعة ثقة الرأي العام التركي تجاه الولايات المتحدة. وعدّ أن حصر العلاقات العسكرية التركية - الأميركية في الشأن السوري وشراء أنقرة منظومات الدفاع الجوي الروسية «خطأ جسيم». وشدد على أن الولايات المتحدة «بدلاً من حل هذه القضايا بطريقة تليق ببلدين حليفين، لجأت إلى قرارات ستؤثر حتماً على العلاقات الثنائية بشكل سلبي».
في سياق متصل، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس اقتراحاً قدمته تركيا بتزويدها بمقاتلات «إف16» مقابل ما دفعته للحصول على مقاتلات «إف35» قبل أن تخرجها واشنطن من مشروع متعدد الأطراف لإنتاجها وتطويرها عقب حصولها على منظومة «إس400» الروسية في 2019، في خطوة قد تصلح العلاقات الأمنية المقطوعة مع الولايات المتحدة. لكن الصفقة تواجه معارضة من أعضاء في الكونغرس، ينتقدون علاقات متنامية لأنقرة مع موسكو. ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولين أتراكاً بارزين يرون أن اتفاقاً في هذا الصدد قد يشكل شريان حياة لعلاقات بلادهم مع الولايات المتحدة، التي توترت منذ سنوات نتيجة شراء أنقرة صواريخ «إس400»، وتضارب مصالح مع واشنطن في الحرب بسوريا، وانتقاد الولايات المتحدة «سجل تركيا في ملف حقوق الإنسان»، علماً بأن أنقرة عضو في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)».
يأتي ذلك فيما تختبر روسيا عزم الحلف على حدود أوكرانيا، حيث نشرت موسكو عشرات الآلاف من الجنود وأثارت مخاوف من غزوها أراضي جارتها. وأكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، ضرورة حل الأزمة الروسية - الأوكرانية سلمياً في إطار القانون الدولي واحترام سلامة الأراضي الأوكرانية.
وفيما يتعلق بالاعتراض الروسي على بيع تركيا طائرات مسيرة قتالية إلى أوكرانيا، قال أكار إن أنقرة تؤيد حل المشكلات من خلال الحوار وفقاً للقانون الدولي وضمن علاقات حسن الجوار، موضحاً أن تركيا تعقد العديد من أنشطة التعاون مع روسيا وأوكرانيا والدول الحليفة في مجالات متعددة؛ منها الصناعات الدفاعية، وأن بيع طائرات مسيرة إلى أوكرانيا أحد أوجه ذلك التعاون، وأن استيراد أوكرانيا هذه الأنظمة واستخدامها شأن يخضع لتقديرها الخاص، «ولذلك لا يمكن لوم تركيا على تصديرها هذه الأنظمة»، لافتاً إلى أن أوكرانيا تعدّ شريك «الفرص المحسنة» لـ«الناتو».
ولم تستقبل موسكو عرض تركيا الوساطة مع أوكرانيا بحرارة بسبب اعتراضها على تزويد أنقرة كييف بمقاتلات مسيرة استخدمتها في النزاع بإقليم دونباس الذي تدعم روسيا الانفصاليين فيه.
على صعيد آخر، فجر قرار إحدى محاكم إسطنبول توقيف الصحافية صدف كاباش؛ التي ألقي القبض عليها فجر السبت بتهمة إهانة الرئيس رجب طيب إردوغان من خلال برنامج تلفزيوني وعبر حسابها على «تويتر» الذي يتابعه 900 ألف شخص، غضباً واسعاً. وأمرت المحكمة بحبس كاباش على ذمة المحاكمة بتهمة إهانة الرئيس، وهي تهمة تعرض مرتكبها للحبس لمدة تتراوح بين سنة و4 سنوات و8 أشهر.
ونُقلت كاباش، ليل السبت - الأحد، إلى سجن بكيركوي في إسطنبول، حسبما قال محاميها أوغور بورياز، الذي أكد أنه سيطعن، اليوم (الاثنين)، على القرار، الذي وصفه بـ«غير القانوني»، مضيفاً: «نأمل في أن تعود تركيا إلى حكم القانون قريباً».
وكانت كاباش، وهي صحافية بارزة ومعروفة بمعارضتها «حزب العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة إردوغان، قالت خلال ظهورها مساء الجمعة في برنامج على قناة «تيلي1» المعارضة، إن «هناك مثلاً شهيراً يقول إن الرأس المتوج يصبح أكثر حكمة. لكننا نرى أن ذلك ليس صحيحاً. الثور لا يصبح ملكاً بدخول القصر، بل إن القصر يتحول إلى حظيرة». ودونت الصحافية هذا المثل الشركسي القديم في حسابها على «تويتر» وقُبض عليها بعد ذلك بساعات قليلة، ثم وضعت رهن الحبس الاحتياطي. ونددت نقابة الصحافيين الأتراك بتوقيف كاباش بتهمة «إهانة الرئيس»، وعدّته اعتداءً خطيراً على حرية التعبير.
وتدين المنظمات غير الحكومية، بانتظام، ما تتعرض له حرية الصحافة في تركيا، لا سيما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، التي أعقبها توقيف عشرات الصحافيين وإغلاق المئات من وسائل الإعلام التي تصنف «معادية» لإردوغان وحكومته. وحلت تركيا في المركز الـ153 بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2021 الذي تُعدّه منظمة «مراسلون بلا حدود».
وانتقد المرشح الرئاسي السابق عن «حزب الشعب الجمهوري»، الذي يرأس حاليا حزب «البلد»، محرم إينجة، حكومة إردوغان بسبب اعتقال الصحافية كاباش، وقال عبر «تويتر»: «يا إردوغان... إن نظام حكمك هو نظام استبداد ونظام شر... رئيس الدولة هو المسؤول عن محاولات إسكات أصوات معارضيه أمثال كاباش؛ بل وإسكات ملايين الأشخاص الذين لا يفكرون مثله».
أنقرة ترفض «حصر» واشنطن علاقاتهما في ملفات محددة
توقيف صحافية تركية بتهمة «إهانة الرئيس» يفجر غضباً واسعاً
أنقرة ترفض «حصر» واشنطن علاقاتهما في ملفات محددة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة