مهمات 2022 الفضائية: صواريخ عملاقة... ومحطة مدارية صينية

9 دول تستعد للمساهمة في رحلات إلى القمر

صاروخ «ناسا» العملاق لمشروع «أرتميس» لرحلات القمر
صاروخ «ناسا» العملاق لمشروع «أرتميس» لرحلات القمر
TT

مهمات 2022 الفضائية: صواريخ عملاقة... ومحطة مدارية صينية

صاروخ «ناسا» العملاق لمشروع «أرتميس» لرحلات القمر
صاروخ «ناسا» العملاق لمشروع «أرتميس» لرحلات القمر

تتابعت الرحلات الفضائية عام 2021 في استعراضات مثيرة، حتى أنها كانت كثيفة في بعض الأحيان. فقد هبطت عربتان جوالتان على سطح المريخ تتبع إحداهما طوافة تجريبية، وحلَّق مليارديران في رحلة إلى حافة الفضاء، بينما تجاوزهما ثالثٌ وحلق أكثر في المدار. بعدها، سافر ويليام شاتنر إلى الفضاء، واستمتع مليونير رابع بالإقامة في المحطة الفضائية الدولية.
لكن العروض لم تنتهِ هنا؛ لأن الصين بدأت في بناء محطتها الفضائية الخاصة التي تعتمد على صاروخٍ كبير وصل إلى الفضاء، إلا أن التحكم به خرج عن السيطرة؛ لأن جزءاً منه عاد ودخل إلى الغلاف الجوي. كما تسببت بعض الهفوات في اهتزازات غير متوقعة في المحطة الفضائية الدولية في المدار، وودعت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) كويكباً، وعادت إلى الأرض تحمل عينات منه. وعمدت الوكالة عينها إلى إطلاق بعثة جديدة مهمتها الاصطدام بكويكب آخر، لدراسة حماية البشرية من ضربات الصخور الفضائية مستقبلاً.
توقعات فضائية
بينما شهد العام الماضي كثيراً من الأحداث الفضائية الأخرى، فإنه يمكن القول إن سنة 2022 تبدو مزدحمة أيضاً.
إذن، ماذا عن التوقعات الفضائية للعام الجاري؟
> مزيد من الصواريخ العملاقة: من المتوقع أن يشهد العام الجاري إطلاق صاروخين يقلعان إلى الفضاء لأول مرة، هما نظام إقلاع الفضاء التابع لوكالة «ناسا»، ومركبة «ستارشيب» المملوكة لشركة «سبيس إكس». ويتميز كلاهما بحجمٍ كبير جداً، ويختلفان تماماً عن أي نوع آخر من الصواريخ.
صُمم نظام الإقلاع الفضائي «Space Launch System» التابع لـ«ناسا» ليؤدي دور مركبة الإطلاق بين الكواكب، ولكنه سيأتي متأخراً سنوات عن موعده الذي كان محدداً ومتجاوزاً ميزانيته الأساسية بمليارات الدولارات. وقد طور هذا الصاروخ الأحادي الاستخدام متعاقدون متخصصون في الصناعات الجوفضائية، وتبلغ كلفة الإطلاق الواحد منه حوالى ملياري دولار.
تقول «ناسا» إن برنامج «أرتميس» (Artemis program) لا يمكنه إرسال رواد الفضاء من جديد إلى القمر دون صاروخٍ عملاق. ومن المقرر أن يحمل الصاروخ في إقلاعه التجريبي غير المأهول الأول كبسولة «أوريون» في دورة حول القمر، ومن ثم يعود إلى الأرض، على أن يحصل هذا الإطلاق في مارس (آذار) أو أبريل (نيسان).
في المقابل، صممت شركة «سبايس إكس» صاروخ «ستارشيب» (Starship) القابل لإعادة الاستخدام وحده، ليشكل ركيزة أساسية لرؤية مؤسس الشركة إيلون ماسك، الهادفة لإرسال البشر إلى كوكب المريخ. تخطط الشركة أيضاً لتطوير نسخة من «ستارشيب» ستُستخدم مستقبلاً لإرسال رواد «ناسا» إلى سطح القمر. وقد أتم القسم الأعلى من الصاروخ اختبارات طيران على ارتفاعات عدة، انتهت بانفجارات كبيرة، ولم يكن النجاح حليفه إلا في اختبار واحد. وفي وقتٍ غير محدد من العام الجاري، من المتوقع أن يتزاوج نموذج تجريبي غير مأهول من «ستارشيب» مع منصة داعمة كبيرة قابلة لإعادة الاستخدام. وبعد إقلاعه من موقع إطلاق تابع لشركة «سبيس إكس» في تكساس، سيتوجه الصاروخ للدوران حول المدار قبل العودة والسقوط في البحر مقابل إحدى جزر هاواي.
مهمات القمر
> زوار كثر متوقعون على القمر: وُصف العام الماضي بأنه عام البعثات المريخية، ولكن القمر هو الوجهة الفضائية المسيطرة على الأرجح في 2022، إذ يُقدر عدد الرحلات التي تخطط لها دول وشركات خاصة للدوران حول مدار القمر أو الهبوط على سطحه بتِسع. ترعى «ناسا» خمساً من هذه البعثات، ويبدو أن مواعيد إطلاق بعضها واضح أكثر من الأخرى. فبالإضافة إلى كبسولة «أوريون» التي ستدور حول القمر وتتجه للعودة إلى الأرض، قد ينطلق قمر صناعي مصغر اسمه «كابستون» بواسطة صاروخ «روكيت لاب» من موقع إطلاق في نيوزيلندا في مارس، لدراسة مدارٍ قمري يمكن استخدامه مستقبلاً لبناء قاعدة مشتركة بين «ناسا» وأوروبا. وتتولى تنظيم 3 من هذه الرحلات المتجهة إلى سطح القمر شركات خاصة برعاية برنامج «ناسا» للخدمات التجارية للحمولة القمرية. وتهدف هذه الجهود إلى تكرار تجربة «ناسا» الناجحة في الاعتماد على شركات كـ«سبيس إكس» لنقل الحمولات ورواد الفضاء لاحقاً إلى المحطة الفضائية. ومن المتوقع أن تكون الرحلة الأولى من نصيب شركة «إنتويتيف ماشينز» في هيوستن.
وتأتي سائر الرحلات القمرية من دولٍ أخرى، كالهند التي ستحاول من جديد بعد هبوطها الفاشل على سطح القمر في صيف 2019. وصرحت روسيا بدورها بأنها تعتزم الهبوط على القمر للمرة الأولى منذ 1976، بالإضافة إلى مركبة كورية جنوبية ستدور في مدار القمر، وقد تصعد على متن صاروخ «سبيس إكس» في أغسطس (آب) على أبعد تقدير.
من جهتها، تعمل شركة «آي سبيس» اليابانية على إنزال مركبة من تطويرها تنقل حمولات متنوعة، أبرزها عربة جوالة تابعة للإمارات العربية المتحدة، على سطح القمر. ولكن تجدر الإشارة إلى أن مواعيد إطلاق وهبوط هذه الرحلات غير ثابتة، وتحددها الرياح القمرية.
محطة صينية
> استكمال المحطة الفضائية الصينية: التزمت الصين أخيراً بكلامها الذي أعلنت فيه أن برنامجها الفضائي سيتحقق وفق جدولٍ زمني محدد. لذا، إذا قالت إنها ستنهي بناء محطة «تيانغونغ» في المدار عام 2022، فهذا يعني أن حظوظ اكتمالها كبيرة جداً. وفي 2021، عمدت الصين إلى إضافة وحدة «تيانهي» الفضائية في مدار الأرض المنخفض، وأرسلت بعثتين مختلفتين من رواد الفضاء، وقد تطلق وحدتها المخبرية «وينتيان» في منتصف العام إلى المدار، لتلتحم مع «تيانهي». وفي وقتٍ لاحقٍ من 2022، قد ينضم مختبر «منغتيان» لتكملة محطة «تيانغونغ» الفضائية.
وتجدر الإشارة إلى أن وحدتي «وينتيان» و«منغتيان» ستنطلقان على متن «لونغ مارش 5 بي»، أكبر صاروخ صنعته الصين حتى اليوم.
وسبق لهذا الصاروخ أن أذهل العالم في مايو (أيار) الماضي، عندما سجل انطلاقة خارجة عن السيطرة إلى غلاف الأرض الجوي، معززاً بذلك احتمالاً مستبعداً ولكن غير مستحيل، بالتسبب في الأضرار والإصابات عند هبوطه. صحيحٌ أن الصاروخ سقط في مياه المحيط الهندي دون التسبب في حادثة، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الصين ستغير طريقة إدارتها له، ما يعني أننا قد نعيش في عام 2022 حالتين أخريين من «أين سيسقط الصاروخ»؟
التصدي للكويكبات
درست وكالة «ناسا» كثيراً من الكويكبات عن قرب، ولكنها اليوم تخطط للاصطدام بأحدها عمداً. وقد يشهد سبتمبر (أيلول) المقبل اختبار «إعادة توجيه مزدوج» لصدم كويكب «ديمورفوس» الصغير بكويكب أكبر منه اسمه «ديدايموس».
يعتبر الاصطدام بالكويكب تكتيكاً محتملاً للدفاع عن الأرض؛ فإذا اتجهت صخرة ضخمة نحو كوكبنا، فإن بعض العلماء يعتقدون أن الرهان الأضمن للبشرية سيكون على تغيير مسار الصخرة لتجنب صدمها لنا.
وتهدف حملة «إعادة التوجيه المزدوج» إلى توفير البيانات حول فعالية هذه المقاربة. لكن كويكبات أخرى تلوح في الأفق! إذ ظهر «سايكي» (Psyche)، وهو جسمٌ ضخم في حزام الكويكبات الممتد بين المريخ والمشتري، مكون بمعظمه من الحديد وأنواع أخرى من المعادن. ترجح هذه التركيبة أن «سايكي» شكل في بداية حياة النظام الشمسي نواة جسمٍ فشل في التحول إلى كوكب. وتخطط «ناسا» لإطلاق بعثة سُميت تيمناً بهذا الجسم الصيف المقبل، على متن صاروخ «فالكون هيفي» من إنتاج «سبيس إكس»، تصل إلى وجهتها بحسب جدولها الزمني عام 2026، لتوفر للعلماء أول نظرة قريبة على هذا العالم المعدني الغريب.
* خدمة «نيويورك تايمز»


 


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟
TT

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

ربما تتذكر وقتاً كنت فيه بحاجة إلى إجابة سريعة، لوصفة طبق للطعام، أو مشروع لتحسين بيتك.

من محرك «غوغل» إلى «جي بي تي»

قبل بضع سنوات، كانت غريزة معظم الناس الأولى هي البحث عن المعلومات على محرك «غوغل» للبحث، ومع ذلك، اليوم، مما كتب غاي يون تشونغ (*)، أصبح كثير من الناس أكثر ميلاً إلى استخدام «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، أداة الذكاء الاصطناعي والمحادثة من شركة «أوبن إيه آي»، التي تغير الطريقة التي يبحث بها الناس عن المعلومات.

بدلاً من مجرد توفير قوائم بمواقع الويب، يُقدِّم «تشات جي بي تي» إجابات محادثة أكثر مباشرة.

مسألة الإبداع

ولكن هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» أن يفعل أكثر من مجرد الإجابة عن الأسئلة المباشرة؟ هل يمكنه بالفعل مساعدة الناس على أن يكونوا أكثر إبداعاً؟

إني أدرس التقنيات الجديدة وتفاعل المستهلكين مع وسائل التواصل الاجتماعي، وقد شرعت أنا وزميلي بيونغ لي في استكشاف هذا السؤال: هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» مساعدة الناس حقاً على حل المشكلات بشكل إبداعي، وهل يؤدي هذا بشكل أفضل من محركات البحث التقليدية مثل «غوغل»؟

عبر سلسلة من التجارب في دراسة نُشرت في مجلة «نتشر-السلوك البشري (Nature Human Behaviour)»، وجدنا أن «تشات جي بي تي» يعزز الإبداع، خصوصاً في المهام العملية اليومية.

وإليك ما تعلمناه عن كيفية تغيير هذه التقنية للطريقة التي يحلُّ بها الناس المشكلات، ويتبادلون بها الأفكار ويفكرون بشكل إبداعي.

«جي بي تي» مبدع

«تشات جي بي تي» والمهام الإبداعية. تخيل أنك تبحث عن فكرة هدية إبداعية لابنة أخت في سِنِّ المراهقة. في السابق، ربما كنت تبحث على «غوغل» عن «هدايا إبداعية للمراهقين»، ثم تتصفح المقالات حتى تجد شيئاً يناسبك.

الآن، إذا سألت «تشات جي بي تي»، فإنه يولِّد استجابةً مباشرةً بناءً على تحليله للأنماط عبر الويب. قد يقترح مشروعاً مخصصاً أو تجربةً فريدةً من نوعها، وصياغة الفكرة في الوقت الفعلي.

لاستكشاف ما إذا كان «تشات جي بي تي» يتفوق على «غوغل» في مهام التفكير الإبداعي، أجرينا 5 تجارب، تعامل فيها المشاركون مع مهام إبداعية مختلفة.

توليد الأفكار

على سبيل المثال، قمنا بتعيين المشاركين بشكل عشوائي، إما لاستخدام «تشات جي بي تي» للمساعدة، أو استخدام بحث «غوغل»، أو توليد الأفكار بأنفسهم.

بمجرد جمع الأفكار، قام الحكام الخارجيون، الذين لا يدركون الشروط المخصصة للمشاركين، بتقييم كل فكرة من حيث الإبداع. قمنا بوضع متوسط ل​​درجات الحكام؛ بهدف توفير تصنيف إبداعي عام.

كانت إحدى المهام تتضمَّن تبادل الأفكار حول طرق إعادة استخدام العناصر اليومية، مثل تحويل مضرب تنس قديم وخراطيم الحديقة إلى شيء جديد. وطُلبت مهمة أخرى من المشاركين تصميم طاولة طعام مبتكرة. وكان الهدف هو اختبار ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد الناس على التوصل إلى حلول أكثر إبداعاً، مقارنة باستخدام محرك بحث على الويب أو مجرد خيالهم.

نتائج لصالح الذكاء التوليدي

وكانت النتائج واضحة: صنف الحكام الأفكار التي تم إنشاؤها بمساعدة «تشات جي بي تي» على أنها أكثر إبداعاً من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام عمليات البحث على «غوغل» أو دون أي مساعدة. ومن المثير للاهتمام أن الأفكار التي تم إنشاؤها باستخدام «تشات جي بي تي» - حتى دون أي تعديل بشري - سجَّلت درجات أعلى في الإبداع من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام «غوغل».

وكانت إحدى النتائج البارزة هي قدرة «تشات جي بي تي» على توليد أفكار إبداعية تدريجياً: تلك التي تعمل على تحسين أو البناء على ما هو موجود بالفعل. وفي حين أن الأفكار الجذرية حقاً قد لا تزال تشكل تحدياً للذكاء الاصطناعي، فقد تفوَّق «تشات جي بي تي» في اقتراح نهج عملي ومبتكر. على سبيل المثال، في تجربة تصميم الألعاب، توصَّل المشاركون الذين يستخدمون «تشات جي بي تي» إلى تصميمات خيالية، مثل تحويل مروحة متبقية وكيس ورقي إلى مروحة تعمل بطاقة الرياح.

حدود الإبداع في الذكاء الاصطناعي

تكمن قوة «تشات جي بي تي» في قدرته على الجمع بين المفاهيم غير ذات الصلة في استجابة متماسكة.

وعلى عكس «غوغل»، الذي يتطلب من المستخدمين غربلة الروابط وتجميع المعلومات معاً. يقدم «تشات جي بي تي» إجابةً متكاملةً تساعد المستخدمين على التعبير عن الأفكار وصقلها بتنسيق مصقول. وهذا يجعل «تشات جي بي تي» واعداً بوصفه أداةً إبداعيةً، خصوصاً للمهام التي تربط بين الأفكار المتباينة أو تولد مفاهيم جديدة.

من المهم ملاحظة، مع ذلك، أن «تشات جي بي تي» لا يولِّد أفكاراً جديدة حقاً. إنه يتعرَّف على الأنماط اللغوية ويجمعها من بيانات التدريب الخاصة به، وبالتالي يولِّد مخرجات بتسلسلات أكثر احتمالية بناءً على تدريبه. إذا كنت تبحث عن طريقة لتحسين فكرة موجودة أو تكييفها بطريقة جديدة، فيمكن أن يكون «تشات جي بي تي» مورداً مفيداً. ومع ذلك، بالنسبة لشيء مبتكر، لا يزال الإبداع والخيال البشري ضروريَّين.

بالإضافة إلى ذلك، في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» توليد اقتراحات إبداعية، فإنها ليست عملية دائماً أو قابلة للتطوير دون مدخلات الخبراء. تتطلب خطوات مثل الفحص، وفحص الجدوى، والتحقق من الحقائق، والتحقق من السوق خبرة بشرية. ونظراً لأن استجابات «تشات جي بي تي» قد تعكس تحيزات في بيانات التدريب الخاصة بها، فيجب على الأشخاص توخي الحذر في السياقات الحساسة مثل تلك التي تنطوي على العرق أو الجنس.

كما اختبرنا ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد في المهام التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها تتطلب التعاطف، مثل إعادة استخدام العناصر العزيزة على أحد الأحباء. ومن المدهش أن «تشات جي بي تي» عزَّز الإبداع حتى في هذه السيناريوهات، حيث أدى إلى توليد أفكار وجدها المستخدمون ذات صلة، ومدروسة.

وتتحدى هذه النتيجة الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه المساعدة على المهام التي تحركها العواطف.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والإبداع

مع ازدياد إمكانية الوصول إلى «تشات جي بي تي» وأدوات الذكاء الاصطناعي المماثلة، فإنها تفتح إمكانات جديدة للمهام الإبداعية. سواء في مكان العمل أو في المنزل، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في الشحذ الذهني وحل المشكلات وتعزيز المشروعات الإبداعية.

ومع ذلك، يشير بحثنا أيضاً إلى الحاجة إلى الحذر: في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» تعزيز الإبداع البشري، فإنه لا يحلُّ محلَّ القدرة البشرية الفريدة على التفكير الجذري حقاً خارج الإطار المألوف.

يمثل هذا التحول من البحث على «غوغل» إلى سؤال «تشات جي بي تي»، أكثرَ من مجرد طريقة جديدة للوصول إلى المعلومات. إنه يمثل تحولاً في كيفية تعاون الناس مع التكنولوجيا للتفكير والإبداع والابتكار.

* أستاذ مساعد في إدارة الأعمال بجامعة رايس الأميركية - مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً