مقتل جندي وجرح تسعة آخرين يطرح مجدداً إشكالية الحضور العسكري الفرنسي في مالي

ماكرون: عازمون على مواصلة مهمتنا في محاربة الإرهاب في هذه المنطقة

مقتل جندي وجرح تسعة آخرين يطرح مجدداً إشكالية الحضور العسكري الفرنسي في مالي
TT

مقتل جندي وجرح تسعة آخرين يطرح مجدداً إشكالية الحضور العسكري الفرنسي في مالي

مقتل جندي وجرح تسعة آخرين يطرح مجدداً إشكالية الحضور العسكري الفرنسي في مالي

البيان الصادر عن قصر الإليزيه، باسم الرئيس الفرنسي، عقب الإعلان عن مقتل جندي وجرح تسعة آخرين في معسكر غاو «شمال مالي» أمس الأحد الذي ترابط فيه قوة «برخان» الفرنسية، جاء مختصراً حيث عبر إيمانويل ماكرون عن «تأثره البالغ» لمقتل الجندي ألكسندر مارتن التابع لكتيبة المدفعية في قصف بمدافع الهاون. ولدى كل خسارة بشرية، اعتبر ماكرون أن العسكري القتيل «مات وهو يؤدي واجبه لأجل فرنسا». وإذ عبر ماكرون عن «ثقته الكاملة» بالقوة الفرنسية المنخرطة في منطقة الساحل، فقد أكد «عزم فرنسا على مواصلة مهمتها في محاربة الإرهاب في المنطقة إلى جانب شركائها». وفي التفاصيل التي كشف عنها أمس الكولونيل باسكال لاني، الناطق باسم رئاسة الأركان الفرنسية، فإن قصفاً بمدافع الهاون استهدف الثكنة العسكرية عصر السبت انطلق من موقع يبعد 5 إلى 6 كلم شمال شرقي المعسكر أصاب البريغادير مارتن وهناك تسعة آخرون جروحهم طفيفة، وبحسب البيان الصادر عن القيادة العسكرية، فإن الوحدة الجراحية في الثكنة سعت لإنقاذ حياة مارتن البالغ من العمر 24 عاماً، إلا أنها عجزت عن ذلك فتوفي متأثراً بجراحه. أما العسكريون التسعة الآخرون، فإن جراحهم «طفيفة» وبالتالي لا خوف على حياتهم. وأكد الكولونيل لاني أن قوة مكونة من مجموعة طوافات هجومية قامت بملاحقة الفاعلين للقضاء عليهم وأنها نجحت في القضاء على عدد منهم، إلا أنه امتنع عن إعطاء تفاصيل إضافية. ومع مقتل البريغاردير مارتن، تكون فرنسا قد خسرت 53 جندياً من رتب مختلفة منذ بدء تدخلها العسكري في مالي بدءاً من عام 2013، وكما فعل الرئيس ماكرون، فإن وزيرة الدفاع فلورانس بارلي ورئيس هيئة الأركان العامة الجنرال تييري بوركهارد عبرا عن تأثرهما وأشادا بخصال وشجاعة البريغادير مارتن. حتى عصر أمس، لم تتبن أي جهة الهجوم الذي وقع في منطقة تنشط فيها مجموعة جهادية تسمي نفسها «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة». وتقع القاعدة شمال شرقي مالي قريباً من المنطقة المسماة «الحدود المثلثة» أي حدود مالي والنيجر وبوركينا فاسو حيث تتركز أنشطة التنظيمات الجهادية القريبة من القاعدة أو من داعش. وحصلت العملية الأخيرة فيما أنجزت قوة «برخان» الانسحاب من ثلاث قواعد عسكرية كانت تشغلها شمال البلاد في إطار الخطة الحكومية التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي في يونيو (حزيران) الماضي والقاضية بخفض عدد «برخان» إلى النصف مع حلول عام 2023 ووضع حد لـ«برخان» واستبدال استراتيجيتها وأهدافها بالتركيز فقط على محاربة التنظيمات الإرهابية والجهادية والارتكاز على القوة الأوروبية المسماة «تاكوبا» والمشكّلة من وحدات كوماندوس من عدة شركاء لفرنسا. وحتى اليوم، يبلغ عديد «تاكوبا» نحو ألف رجل نصفهم من الفرنسيين.
ليست عملية الأمس هي الخبر السيئ الوحيد الذي يصل إلى باريس من منطقة الساحل، فيوم الثلاثاء الماضي، أصيب أربعة جنود فرنسيين، أحدهم جروحه خطرة، في بوركينا فاسو لدى انفجار عبوة متفجرة بسيارتهم رباعية الدفع لدى خروجها من أحد مطارات شمال البلاد. وعلى المستوى السياسي، يتصاعد الشعور المعادي لفرنسا في مالي وفي النيجر وبوركينا فاسو. ويوم السبت الماضي، حصلت مجدداً مظاهرات في باماكو ومدن مالية أخرى منددة بالعقوبات الاقتصادية التي اتخذتها مجموعة غرب أفريقيا ضد مالي وفرنسا، القوة المستعمرة السابقة. وقدمت مالي التي تحكمها مجموعة من الضباط التي صادرت السلطات عقب انقلابين عسكريين أنها طلبت إعادة النظر بالاتفاقية العسكرية التي تربط البلدين. يضاف إلى ذلك أن السويد أعلنت عن رغبتها بوضع حد لمشاركتها في قوة «تاكوبا» هذا العام فيما ألمانيا التي تشارك بقوة قوامها 1350 رجلاً تتساءل عن مستقبل حضورها العسكري في مالي بعد أن منعت باماكو طائرة عسكرية ألمانية من التحليق في أجوائها. وقد ساءت العلاقات بين باريس وباماكو منذ الانقلاب العسكري الأول الذي قامت به مجموعة من الضباط في أغسطس (آب) من عام 2020 تبعه انقلاب ضمن الانقلاب في ربيع العام الماضي. يضاف إلى ذلك عنصران رئيسيان: الأول، وصول طلائع ميليشيا «فاغنير» الروسية بناءً على طلب من السلطات العسكرية الأمر الذي يثير حساسيات فرنسية وأوروبية. والثاني، حنث العسكريين بوعدهم إجراء انتخابات عامة نهاية الشهر الجاري والإعراب عن رغبتهم في البقاء في السلطة لمرحلة انتقالية قد تمتد إلى خمس سنوات».
هذه التطورات السلبية تضع فرنسا في موقف حرج خصوصاً أن انتخابات رئاسية وتشريعية ستجرى في شهري أبريل (نيسان) ويونيو القادمين. ورغم أن الرئيس ماكرون لم يعلن ترشحه بعد، فإن هذا الأمر محسوم، وبالتالي عليه أن يقدم خطة مقنعة لوضع مربك في مالي والساحل. وأمام باريس خياران مُران هما البقاء أو الانسحاب. وبمناسبة اجتماع وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي في مدينة بريست، في إطار الرئاسة الفرنسية للاتحاد، أعلن وزير الخارجية أن باريس «تريد البقاء في مالي ولكن ليس بأي ثمن». والحال، أنها عدلت موقفها بعد أن كانت تهدد بالخروج من مالي في حال وصول «فاغنير». وليس واضحاً ما المقصود بعبارة الوزير جان إيف لو دريان. وحتى الآن، تقول باريس إن انتشار «فاغنير» لا يتقاطع مع حضور «برخان»، ولكن إذ توسع انتشار الميليشيا التي يعتبرها الأوروبيون مصدر إزعاج وممارسات تنتهك حقوق الإنسان وتسلب ثروات البلاد، فهل يعني ذلك عملياً نهاية الحضور الفرنسي والأوروبي؟ من جهة أخرى، ترتفع أصوات في فرنسا لتتساءل عن الفترة الزمنية التي ستبقى فيها القوات الفرنسية منخرطة في حربها ضد الإرهاب في منطقة الساحل حيث كلفتها البشرية والمادية مرتفعة بينما تقوى الحركات الاحتجاجية المناهضة لها في البلدان المعنية». اليوم، ينتظر أن يفرض وزراء خارجية الاتحاد الأوروبية عقوبات إضافية على الطغمة العسكرية في باماكو لزيادة الضغط عليها ودفعها للاستجابة للمطالب الدولية بإعادة السلطات إلى المدنيين. وبالتوازي، تخطط باريس لاجتماع لـ«التحالف الدولي من أجل الساحل» لتعبئة الأسرة الدولية لمزيد من الضغوط وربما للبحث عن مخارج لإشكالية استمرار التواجد الفرنسي في منطقة تعتبرها باريس ومعها الأوروبيون «جوارها المباشر» ولها فيها مصالح استراتيجية وأمنية وسياسية وبالتالي فإن الخروج منها لا يبدو متوافراً لا اليوم ولا غداً».



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.