واشنطن والأمم المتحدة تؤكدان وجود مرتزقة روس في مالي

ألمانيا تعارض سحب قواتها بسبب وجود عناصر شركة «فاغنر»

الحرس العسكري في مالي خلال جنازة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي أطاحه الجيش (أ.ف.ب)
الحرس العسكري في مالي خلال جنازة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي أطاحه الجيش (أ.ف.ب)
TT

واشنطن والأمم المتحدة تؤكدان وجود مرتزقة روس في مالي

الحرس العسكري في مالي خلال جنازة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي أطاحه الجيش (أ.ف.ب)
الحرس العسكري في مالي خلال جنازة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا الذي أطاحه الجيش (أ.ف.ب)

اتهمت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى الحكومة المالية بإحضار مرتزقة تابعين لشركة فاغنر الروسية وهو ما تنفيه الحكومة الانتقالية. وزادت المخاوف والتوترات منذ أن نشرت تقارير تتحدث عن وجود هؤلاء المرتزقة في مالي، بموجب اتفاق عسكري مع روسيا، تحت ستار محاربة الإرهابيين من عناصر القاعدة وداعش، وهذا ما أكده الجيش الأميركي والأمم المتحدة، وينفيه الكرملين.
وتنفي السلطات المالية انتشار مجموعة فاغنر في البلاد، وتؤكد وجود مدربين روس على غرار المدربين الأوروبيين.
واتهم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأسبوع الماضي فاغنر بـ«دعم» المجلس العسكري في مالي تحت ستار مكافحة الإرهابيين، متهماً روسيا بـ«الكذب» بشأن وضع المجموعة. وقال: «عندما نسأل زملاءنا الروس عن فاغنر، يقولون إنهم لا يعرفون بوجودها». وأضاف «عندما يتعلق الأمر بمرتزقة هم مقاتلون روس سابقون يحملون أسلحة روسية وتقلهم طائرات روسية، يكون من المدهش عدم معرفة السلطات بوجودهم».
واعترفت الحكومة الانتقالية، التي يسيطر عليها الجيش في مالي، بوجود مدربين روس في البلاد وأكدت أنها أعطت لهم نفس التفويض الذي أعطته لمهمة الاتحاد الأوروبي لتدريب القوات المالية.
وأعلن رئيس القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند في مقابلة أجرتها معه إذاعة «صوت أميركا» وسجلت الخميس أن «فاغنر في مالي» مضيفاً «أنهم هناك، نعتقد أنهم بضع مئات الآن».
وتابع: «إنهم ينتشرون بدعم من الجيش الروسي. تنقلهم طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي»، رابطاً بذلك المجموعة مباشرة بالكرملين، وهو ما تنفيه موسكو.
وتابع الجنرال تاونسند «بإمكان العالم بأسره أن يرى ما يجري» مؤكداً أن «هذا يثير لدينا قلقاً كبيراً».
وفي مؤتمر صحافي عقده في نيويورك أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي أجرى الأربعاء محادثات هاتفية مع رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي الكولونيل أسيمي غوتا، أن مجموعة فاغنر موجودة في مالي. وقال غوتيريش: «لم نجر حتى أي لقاء مع فاغنر» على الأرض في مالي، وذلك لدى سؤاله عما إذا بحث في هذه المسألة مع رئيس المجلس العسكري.
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة: «إن التعاون مع منظمة كهذه هو قرار سيادي يعود للحكومة المالية». وأضاف «الأمر الوحيد الذي نريده هو ألا يشكل ذلك أي صعوبات» لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما). وقال: «ما نريده هو التعاون الفاعل بين مينوسما والجيش المالي، كما نريد احترام حقوق الإنسان والقانوني الإنساني الدولي». وتُوجه اتهامات لمجموعة فاغنر بارتكاب تجاوزات وبممارسة أعمال نهب بحق مدنيين في أفريقيا الوسطى.
ولا ينوي المجلس العسكري الذي وصل إلى السلطة في 2020 في مالي إثر انقلاب، إعادة السلطة إلى المدنيين على المدى القصير، ما أثار غضب بلدان مجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس) التي أقرت عقوبات شديدة قضت بإغلاق الحدود مع مالي وفرض حظر تجاري ومالي عليها.
ومالي التي يبلغ عدد سكانها نحو 20 مليون نسمة شهدت منذ عام 2012 ثلاثة انقلابات عسكرية، كما أن الوضع السياسي فيها غير مستقر. وتتولى حكومة انتقالية عسكرية مقاليد الأمور في البلاد منذ الانقلاب الأخير الذي وقع في مايو (أيار) الماضي.
ويهدد الاتحاد الأوروبي بإقرار عقوبات مماثلة قريباً بضغط من فرنسا التي تتهم المجلس العسكري باستخدام مجموعة فاغنر. وأعربت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت عن معارضتها لسحب جنود بلادها من مالي بسبب نشاط مرتزقة فاغنر. وفي تصريحات لصحيفة «فيلت آم زونتاج» الألمانية تنشرها في عددها اليوم الأحد، قالت الوزيرة التي تنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي: «لن نستسلم، ولن نترك الأمر للروس بمثل هذه السهولة».
وأضافت لامبرشت أن «موسكو لن تنجح في جعل الغرب ينسحب تلقائياً عبر إرسال مرتزقة إلى كل مكان لا تريد روسيا أن ترانا فيه». ووجهت لامبرشت مطالب للحكومة المالية قائلة للصحيفة: «إذا كانت لديكم رغبة في وجود الجيش الألماني في البلاد، فيجب العمل على توافق الظروف لهذا الأمر»، وطالبت بتمكين الجنود الألمان من التحرك بدون عوائق وتوفير أفضل حماية ممكنة لهم، مشيرة إلى أن هذا الأمر يتضمن الحماية عبر الطائرات المسيرة. وأضافت لامبرشت: «سأوضح للحكومة المالية على نحو جلي للغاية أنه لا يمكن تعطيل الانتخابات لخمس سنوات أو التعاون مع مرتزقة متهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان».
كانت لامبرشت قالت أمام البرلمان منتصف الشهر الجاري إنها تطلب من المجلس العسكري في مالي العودة إلى الديمقراطية، وسرعة تحديد موعد للانتخابات الجديدة وليس في غضون خمسة أعوام. وتشارك ألمانيا بأكثر من 1350 جندياً في مهمة الاتحاد الأوروبي لتدريب القوات المالية وكذلك في «بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي» (مينوسما).



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».