استطلاع يكشف تزعزع ثقة الشباب العربي في نجاح الديمقراطية

الغالبية يرون الخطر الأكبر من «داعش» واختاروا السعودية أفضل بلد حليف لدولهم

استطلاع يكشف تزعزع ثقة الشباب العربي في نجاح الديمقراطية
TT

استطلاع يكشف تزعزع ثقة الشباب العربي في نجاح الديمقراطية

استطلاع يكشف تزعزع ثقة الشباب العربي في نجاح الديمقراطية

كشف استطلاع عربي أجري مؤخرًا عن تزعزع ثقة الشباب العربي في قدرة أحداث «الربيع العربي» على تحقيق تغيير إيجابي، وتباينت آراؤهم حول إمكانية نجاح التجربة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي أظهر فيه الاستطلاع أن الخطر الأكبر يأتي من تمدد التنظيم الإرهابي «داعش» في الدول العربية.
وقال 39 في المائة من الشباب العربي المشمولين بالاستطلاع عند سؤالهم عمّا إذا كانوا يتفقون مع عبارة «الديمقراطية لن تنجح في المنطقة»، إنها لن تنجح، فيما أعرب 36 في المائة عن اعتقادهم أنها ستنجح، وبقي 25 في المائة متشككين حيال الأمر، وانعكس تباين الآراء حول الديمقراطية أيضا في إجابات الشباب حول أبرز العقبات التي تواجه المنطقة، حيث حدد 15 في المائة منهم فقط «الافتقار إلى الديمقراطية» واحدة من العقبات مقارنةً مع 38 في المائة في عام 2014، و43 في المائة في عام 2013، و41 في المائة في عام 2012، علمًا بأن «العيش في بلد ديمقراطي» كان الرغبة الأبرز لدى 92 في المائة من الشباب العربي المشمولين باستطلاع عام 2011.
كما تراجعت ثقة الشباب بقدرة أحداث «الربيع العربي» على تحقيق تغيير إيجابي في المنطقة، ففي استطلاع عام 2015 أجرته شركة «أصداء بيرسون - مارستيلر السنوي السابع لرأي الشباب العربي»، أكد 38 في المائة فقط من المشاركين أن العالم العربي بات أفضل حالاً بعد أحداث «الربيع العربي»، مقارنة مع 70 في المائة في عام 2013، و72 في المائة في عام 2012.
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «اطلّعت على نتائج استطلاع رأي الشباب العربي لعام 2015، وفي الاستطلاع الذي شمل 16 بلدا عربيا جاءت الإمارات وللعام الرابع في المرتبة الأولى على قائمة الدول المفضلة للشباب العربي للعيش والإقامة، كما جاءت الإمارات أيضا في المرتبة الأولى كنموذج تنموي ناجح في نظر الشباب العربي، تلتها الولايات المتحدة ثم ألمانيا وكندا».
وأضاف الشيخ محمد بن راشد: «لا نذكر هذه النتائج تفاخرا، ولكن هي تجربة تنموية عشناها وهي متاحة لمن أراد دراستها والاستفادة منها، هدفنا هو تحقيق الخير لجميع الشعوب».
من جهته قال جيريمي غالبريث، الرئيس التنفيذي لشركة «بيرسون - مارستيلر» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا خلال مؤتمر صحافي عقد أمس: «يعد الاستطلاع مبادرة بحثية سنوية نقدمها بهدف تزويد صنّاع القرار والسياسة في القطاعين الحكومي والخاص ببيانات موثوقة ونظرة معمّقة حول مواقف وتطلعات 200 مليون شاب وشابة من إجمالي التعداد السكاني لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي يشكّل فيها الشباب دون سن 25 عامًا نسبة 60 في المائة».
وعد ظهور تنظيم داعش العقبة الكبرى التي تواجه المنطقة، وأبدى أقل من نصف الشباب العربي ثقتهم في قدرة حكوماتهم الوطنية على مواجهة التنظيم، وكان نشوء تنظيم داعش مثار قلق كبير بالنسبة للشباب العربي، حيث أبدى ثلاثة من كل أربعة مشاركين قرابة 73 في المائة مخاوفه من تمدد نفوذ هذه الجماعة المتطرفة، واعتبرها اثنان من أصل كل خمسة مشاركين تقريبًا 37 في المائة العقبة الكبرى التي تواجه المنطقة. وفي الوقت نفسه، أعرب أقل من نصف المشاركين (47 في المائة) عن ثقتهم بقدرة حكوماتهم على التعامل مع هذا التهديد الجديد.
وقال جاي ليفيتون، الرئيس التنفيذي العالمي لشركة «بين شوين بيرلاند»: «ندرك أهمية تقديم رؤى معمّقة تستند إلى البراهين في منطقةٍ تفتقر عادةً إلى الدراسات الاستطلاعية. ويساهم استطلاعنا في تزويد مؤسسات القطاعين العام والخاص ببيانات وتحليلات متعمقة لتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة وإعداد سياسات حكومية فاعلة».
ويعد بقاء البطالة أحد بواعث القلق الرئيسية في المنطقة، حيث يتطلع الشباب العربي بشغف نحو إطلاق مشاريعهم الخاصة، عندما طُلب منهم التعليق على مدى قلقهم حيال مسألة البطالة، أجابت الأغلبية الساحقة من الشباب العربي 81 في المائة بكلمة «قلق»، وتستمر الكثير من الحكومات الإقليمية القلقة حيال ارتفاع معدلات البطالة والنمو السكاني في تشجيع مواطنيها على دخول القطاع الخاص أو تأسيس مشاريعهم الخاصة.
وكشف الاستطلاع عن توجهات إيجابية في هذا المضمار، حيث أكد اثنان من كل خمسة أشخاص تقريبًا (39 في المائة) تطلعهم لإطلاق مشاريعهم الخاصة على مدى الأعوام الخمسة المقبلة. ويعتبر قطاعا التكنولوجيا والبيع بالتجزئة الأكثر شعبية في هذا السياق.
من جهته قال سونيل جون، الرئيس التنفيذي لشركة «أصداء بيرسون - مارستيلر»: «إن الاستطلاع يشكل مقياسًا لرصد التطلعات المتغيرة للشباب العربي، والاطلاع على أبرز التوجهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الشاملة التي تحدد ملامح العالم العربي، كما أن منهجنا الهادف إلى بلورة فهم أوضح إزاء الديناميكيات الفريدة للعالم العربي بعيون شبابه، ساهم في جعل نتائج البحث شديدة الارتباط بالواقع، كما جعل من الاستطلاع المرجع الموثوق الأول للمعلومات ذات الصلة في المنطقة. ونأمل أن تسهم نتائج الاستطلاع - الذي نتشاركه مع الأوساط العامة كجزء من مسؤوليتنا الاجتماعية - في إرساء حوار بنّاء لتسليط الضوء على آمال وتطلعات الشباب العربي».
وأجرى الاستطلاع 3500 مقابلة شخصية مع شبان وشابات عرب ينتمون للفئة العمرية بين 18 و24 عامًا في الفترة بين 20 يناير (كانون الثاني) و12 فبراير (شباط) 2015، وغطّى الاستطلاع 16 بلدًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي دول مجلس التعاون الخليجي الست (وهي البحرين، والكويت، وعُمان، وقطر، والسعودية، والإمارات)، والجزائر، ومصر، والعراق، والأردن، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وفلسطين، وتونس، واليمن.
ولدى سؤال الشباب العربي عن أهم الإجراءات التي يمكن للحكومات الوطنية القيام بها لحفز التوجه نحو ريادة الأعمال، أجاب ثلث المشاركين في الاستطلاع (32 في المائة) بأن على الحكومات تشجيع الإقراض منخفض التكلفة، فضلاً عن توفير فرص التدريب والتعليم (26 في المائة) بالمرتبة الثانية، ورفع بعض القيود التنظيمية والتخلص من البيروقراطية في المرتبة الثالثة بنسبة 19 في المائة.
وعلى الرغم من أن الشباب العربي يؤمن بأن لغتهم العربية هي إحدى الركائز الأساسية لهويتهم القومية، يعتقد الكثير منهم أنها بدأت تفقد قيمتها وأنهم يستخدمون الإنجليزية أكثر منها في محادثاتهم اليومية، ووافق ثلاثة من كل أربعة مشاركين (73 في المائة) على أن اللغة العربية محورية لهويتهم، فيما قال نحو نصف الشباب المشمولين بالاستطلاع (47 في المائة) بأنها تفقد قيمتها، ولم يخالفهم الرأي سوى 34 في المائة (واحد من بين كل ثلاثة مشاركين).
وبحسب الاستطلاع وبشكل مثير للاهتمام، أظهرت نتائج الاستطلاع أن 36 في المائة من الشباب العربي يستخدمون اللغة الإنجليزية أكثر من العربية في محادثاتهم اليومية. وتطغى هذه الظاهرة في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 56 في المائة مقارنة بالدول غير الخليجية التي لم تتجاوز النسبة فيها 24 في المائة.
وعندما سئل الشباب العربي عن الحليف الأكبر لبلدانهم، تبوأت السعودية المرتبة الأولى للعام الرابع على التوالي، كما أكدوا أن الولايات المتحدة ودولة الإمارات لا تزالان من أكبر الحلفاء لبلدانهم في المنطقة بنسبة 23 في المائة، و22 في المائة.
وأبدى أغلب الشباب العربي رغبة العيش في دولة الإمارات، كما يرغبون في أن تحذو بلادهم حذوها كنموذج للنمو والتطور للعام الرابع على التوالي عندما طلب إليهم تسمية البلد الذي يفضلون العيش فيه أكثر من غيره في العالم، فوقع اختيار المشاركين على دولة الإمارات للعام الرابع على التوالي، حيث تقدمت على 20 بلدًا بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا وكندا.
وعلى نحو مماثل، وعندما سئل المشاركون عن الدولة التي يرغبون لبلدهم في أن تحذو حذوها كنموذج للنمو والتطور، حافظت دولة الإمارات مجددًا على المرتبة الأولى بنسبة 22 في المائة من جميع المشاركين في الاستطلاع، تلتها الولايات المتحدة (15 في المائة)، وألمانيا (11 في المائة)، كما حلت كندا وفرنسا وتركيا ضمن المراتب الخمسة الأولى بنسبة (8 في المائة) تباعًا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم