لبنان: مجموعات «المجتمع المدني» ترد على اتهامات التمويل الخارجي

دعوات إلى تفعيل عمل «هيئة الإشراف على الانتخابات»

TT

لبنان: مجموعات «المجتمع المدني» ترد على اتهامات التمويل الخارجي

منذ الانتفاضة الشعبية في لبنان عام 2019 وظهور مجموعات متعددة ومختلفة من المجتمع المدني، بدأت تصوب باتجاهها الاتهامات على أنها مدعومة من السفارات. وقبل أشهر من الانتخابات النيابية ترتفع الأصوات المشككة بتمويل هذه المجموعات، فيما يربط البعض بين هذا التمويل والمساعدات التي سبق أن أعلنت عنها بعض الجهات الدولية تحديداً بعد انفجار مرفأ بيروت، وقالت إنها ستقدمها إلى جمعيات المجتمع المدني لتساعد المتضررين.
ومع قرب موعد الانتخابات النيابية وبدء تنظيم مجموعات منبثقة عن الانتفاضة الشعبية صفوفها استعداداً لخوض المعركة، ارتفعت الأصوات المطالبة بمراقبة تمويلها وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ميشال عون الذي طرح الموضوع أكثر من مرة كان آخرها يوم أول من أمس عند لقائه أعضاء السلك الدبلوماسي ومديري المنظمات الدولية. ويرد الناشطون على هذه الاتهامات بالرفض القاطع ويؤكدون أنهم يعتمدون على مساعدات من ممولين لبنانيين، فيما تؤكد مؤسسات معنية بمراقبة الانتخابات على ضرورة أن يكون الإشراف شاملاً وشفافاً ويشمل ليس فقط المجموعات إنما أيضاً الأحزاب السياسية التي تصرف مبالغ هائلة في حملاتها الانتخابية.
وقال عون في كلامه أول من أمس، إن بعض الجهات تجاوزت واجب التنسيق مع مؤسسات الدولة اللبنانية، وتعاطت مباشرة مع جمعيات ومجموعات بعضها نبت كالفطر بعد انفجار المرفأ، وتعمل على استثمار هذا الدعم المادي والإنساني لأهداف سياسية وتحت شعارات ملتبسة، خصوصاً أن لبنان على أبواب انتخابات نيابية، الأمر الذي يدفعني للدعوة إلى ضرورة الحذر من هذه المجموعات، وحصر الدعم والمساعدة بمؤسسات الدولة، والهيئات والمنظمات الإنسانية والدولية التي أثبتت تجردها وحيادها والتزامها المواثيق الدولية التي ترعى حقوق الإنسان، ولا تمارس تمييزاً أو محاباة، أو تستغل الضائقة الاقتصادية الراهنة لاعتبارات ومصالح سياسية أو خاصة.
وتقول مصادر رئاسة الجمهورية إن لديها كما الأجهزة الأمنية تقارير وأسماء لهذه الجمعيات مؤكدة أن تمويلها يستخدم لأهداف انتخابية. وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عما تقول إنها ظاهرة موضحة «أن هناك دولاً وجهات ترسل أموالاً تحت عناوين عدة منها مساعدات على خلفية انفجار المرفأ وغيرها ومنذ الانتفاضة الشعبية لكنها تستثمر سياسياً وتحديداً في الانتخابات»، مشيرة إلى أنه بعد الانتفاضة الشعبية ومن ثم انفجار المرفأ سجل أكثر من 300 علم وخبر (ترخيص) أعطي لجمعيات بأسماء غريبة عجيبة»، وفق تعبيرها.
وتلفت المصادر إلى أن الأموال تصل مباشرة من دول أو مجموعات أو متبرعين بعيداً عن أي رقابة ومن دون أن تقدم هذه الجمعيات كشف حسابات للدولة والجهات المعنية حول المداخيل والمصاريف، معلنة أنه لدى الرئاسة والأجهزة الأمنية أسماء عدد لا يستهان به من الجمعيات التي تحصل على مساعدات من الخارج وتخفي وراءها أشخاصاً يتعاطون الشأن السياسي وتوظف في الانتخابات وهناك مرشحون يعلنون ذلك صراحة».
وفي المقابل، يتفق المدير التنفيذي لـ«الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» علي سليم، والناشط السياسي والأستاذ الجامعي علي مراد على ضرورة تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات قبل الحديث عن اتهامات بالتمويل، مع تأكيدهما على أن المساعدات التي تتلقاها المجموعات من المغتربين لا تخالف القانون، وتمييزهما بين المجموعات التي أنشئت بعد الانتفاضة الشعبية وبين تلك التي تعنى بتقديم المساعدات وتعمل على قضايا اجتماعية محددة من دون أن تخوض المعركة الانتخابية.
ويقول مراد لـ«الشرق الأوسط»: «أحزاب السلطة مجتمعة لا تملك حق الحديث والاتهامات عن التمويل الخارجي وهي التي تفتخر بأنها تتلقى المساعدات والمال السياسي والانتخابي منذ عقود، إضافة إلى أنها تستعمل المال العام والخدمات العامة لهذا الهدف، وبالتالي لا تملك الحق بإثارة الموضوع وأداء حرصها، مضيفاً «إذا كان لدى هؤلاء معلومات عما يتحدثون عنه فليدعوا على المجموعات أمام القضاء أو أن تسحب الدولة منها الترخيص».
وفي حين يتحدث مراد عن حملة ممنهجة ضد مجموعات المجتمع المدني قبل الانتخابات، يلفت إلى التباس بين هذه المجموعات وجمعيات تعمل في القضايا الاجتماعية وهي لا تعمل في السياسة ولا في الانتخابات. ومع تأكيده على عدم تلقي المجموعات التمويل الخارجي، يشير إلى أن المجموعات التي تدعم مرشحين تعلن صراحة وعلناً أنها تتلقى مساعدات وتمويلاً من مغتربين لبنانيين ومقيمين وهذا حق قانوني للطرفين كي يخوضوا معركة الإطاحة بهذه السلطة، طالما أنهم يلتزمون بسقف الإنفاق الانتخابي، وهو ما من شأنه أن يعيد الاعتبار لمفهوم السياسة كشأن عام وليس كما تتعامل معه الأحزاب في لبنان.
بدوره يؤكد سليم على أنه منعاً لأي اتهامات عشوائية لهذه الجهة أو تلك من دون إثباتات، يجب أن تقوم السلطة بعملها ومهمتها التي تقع على عاتق هيئة الإشراف على الانتخابات لناحية مراقبة الإنفاق الانتخابي ومصادر أموال المرشحين، وهي التي لم يتم تعيين أعضائها حتى الساعة نتيجة عدم اجتماع الحكومة فيما طلب وزير الداخلية من الهيئة السابقة أن تمارس مهامها في وقت لا يوجد فيه كادر بشري ولا اعتمادات مالية.
ويشدد سليم في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أن هذه المراقبة يجب أن تشمل كل الجهات وعلى رأسها أحزاب السلطة التي دفعت على سبيل المثال في انتخابات عام 2018 ملايين الدولارات بعيداً عن أي مراقبة، مشدداً «لكي نتحدث عن مخالفة في الإنفاق يجب أن تكون هناك آلية واضحة للمراقبة»، ويتوقف سليم عند ما يقول إنها فجوة في عملية المراقبة، مذكراً بما سبق أن قاله رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبد الملك بأنه لا سلطة لهم لمراقبة الوزراء المرشحين ورئيس الحكومة للانتخابات النيابية.
وعن تمويل المرشحين، يؤكد سليم على أنه لا يحق للهيئات الدولية تقديم مساعدات لهذا الفريق أو ذاك، ويشدد على أن القانون لا يمنع المرشحين من الحصول على تبرعات من لبنانيين مغتربين أو مقيمين وهذا الأمر لا يعتبر مخالفة أو ضمن الرشاوى الانتخابية.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.