أمين «أوبك»... منصب الصمود أمام أحداث تاريخية كبرى

تعاقبت شخصيات عدة على منصب الأمين العام لمنظمة «أوبك» التي تعرضت لأحداث تاريخية محورية كبرى، في الساحة العالمية. وعبر السنين والتجارب استطاعت المنظمة التعامل مع هذه الأحداث بحكمة أتاحت تجاوزها وتحقيق أهدافها في توحيد وتطوير السياسات النفطية واستقرار أسواق النفط عالمياً. ولعل أكبر وأخطر تلك الأحداث؛ حادثة «كارلوس الثعلب» في الثمانينات الميلادية، وأزمة الآبار النفطية لدولة الكويت إبان الغزو العراقي مطلع التسعينات، وكذلك هجمات 11 سبتمبر بداية الألفية الجديدة، بالإضافة إلى جائحة «كوفيد - 19» الأخيرة، ما وضع المنظمة أمام تحديات يجب تجاوزها والمحافظة على الاستقرار.
- شريط الأحداث الكبرى
تعرضت المنظمة لأزمة كبيرة عام 1975 عندما تعرضت لعملية هجومية على مقر اجتماع لوزراء النفط من قبل ألييتش راميريز سانشيز، المعروف بـ«كارلوس الثعلب». وتعد هذه من أغرب العمليات وأكثرها إثارة للدهشة. حينذاك كان النيجيري ميشاتش أوتيكي فاييدي أميناً عاماً لـ«أوبك»، وجرى التعامل مع الأزمة باحترافية كي لا تتأثر الأسواق جراء هذا الهجوم، وبالفعل، نجحت المنظمة في مواصلة مسيرتها بعد تجاوز الأزمة.
وفي عهد الأمين العام الإندونيسي سوبروتو، شهدت المنظمة أزمة كبيرة عندما تعرضت الكويت – التي تعد من أكبر الدول المنتجة - إلى حرق آبارها النفطية إبان الحرب التي شنها نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في أواخر فبراير 1991 قبل انسحابه من الكويت. ويقدر أنه دمر ما يقارب 1073 بئراً نفطياً عن طريق تفجيرها. وكان للمنظمة دور كبير لضخ مزيد من النفط بهدف تحقيق الاكتفاء الدولي والمحافظة على استقرار الأسواق. ومجدداً، تمكنت «أوبك» من الصمود بل النجاح أمام هذا التحدي.
وكان المفصل الخطير التالي عندما تعرضت الولايات المتحدة الأميركية لهجوم إرهابي في سبتمبر من عام 2001. ويومذاك شهدت الأسواق العالمية هبوطاً مخيفاً، من ضمنها النفط، بل هزّ المنظمة في عهد الأمين العام الفنزويلي ألفارو سيلفا كالديرون، وعرّضها لأزمة حقيقية. على الإثر، اضطرت «أوبك» مؤقتاً إلى خفض الإنتاج نظراً لتراجع الطلب، خاصة مع وقف حركة الطيران بالكامل في الولايات المتحدة وانخفاضها عالمياً وتباطؤ نمو الاقتصاد الدولي.
وأخيراً، شهد مطلع 2020 تطورات تاريخية على صعيد أسواق النفط، وذلك بعدما تعرضت، ومعها تعرض العالم بأسره، لأزمة غير مسبوقة تسبب بها انتشار فيروس «كوفيد - 19». وهو ما عنى إجبار معظم دول العالم على إغلاق حدودها وإيقاف حركة الطيران والنقل منها وإليها، ناهيك من فرض حظر التجوال. وكانت النتيجة الطبيعية الانهيار الكبير لسوق النفط نتيجةً لذلك. غير أن منظمة «أوبك»، في فترة وجود أمينها العام الحالي النيجيري محمد باركيندو، عادت فتمكنت من استعادة عافية الأسواق مرة أخرى لتعود الأسعار إلى الارتفاع، وكذلك الوصول إلى تحقيق الاكتفاء للدول من المنتج دون عوائق.
- الأمناء العامون
كان الإيراني فؤاد روحاني أول من شغل منصب الأمين العام لمنظمة «أوبك» منذ تأسيسها بين 1961 إلى 1964. وهو من مواليد طهران؛ حيث أكمل تعليمه المبكر هناك وذهب للعمل في صناعة النفط التي كانت تحت السيطرة البريطانية. ولقد درس روحاني الحقوق وتابع تمرينه القانوني في لندن وباريس. كما عمل في شركة النفط الأنجلو الإيرانية التي اكتشفت النفط أولاً وأنتجته في البلاد وأصبحت فيما بعد شركة البترول البريطانية. وعندما أسست منظمة أوبك مكتبها في جنيف عام 1961 قبل أن ينتقل إلى فيينا، انتخب روحاني أول أمين عام وهو منصب إداري تضمن أيضاً التوسط بين الفصائل المتصارعة، ليخدم المنظمة على مدار 3 سنوات.
بعد روحاني، تولى الأمانة العامة العراقي الدكتور عبد الرحمن البزّاز، وهو محامٍ ومرجع قانوني ودبلوماسي بارز تولى منصب رئاسة الحكومة، غير أن فترة البزّاز لم تطل، إذ شغل المنصب لمدة سنة وغادره في أبريل (نيسان) من عام 1965.
وخلف البزّاز الكويتي أشرف لطفي، وهو أيضاً شغل منصب الأمين العام لمدة سنة واحدة. إذ تسلم المنصب في 1965 وغادره 1966. وبعد لطفي تبوأ السعودي محمد صالح جوخدار منصب الأمين العام لـ«أوبك» منذ بداية 1967 إلى نهاية العام ذاته.