مباحثات روسية أميركية في جنيف لمحاولة نزع فتيل الأزمة الأوكرانية

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (يسار) ونظيره الروسي سيرغي لافروف (أرشيفية - رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (يسار) ونظيره الروسي سيرغي لافروف (أرشيفية - رويترز)
TT

مباحثات روسية أميركية في جنيف لمحاولة نزع فتيل الأزمة الأوكرانية

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (يسار) ونظيره الروسي سيرغي لافروف (أرشيفية - رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (يسار) ونظيره الروسي سيرغي لافروف (أرشيفية - رويترز)

التقي وزيرا الخارجية الأميركي والروسي، اليوم (الجمعة)، في جنيف لبضع ساعات، في محاولة أخيرة لنزع فتيل الأزمة الأوكرانية، بينما تشتبه واشنطن في أن موسكو تنوي غزو جارتها، رغم تهديدات بردود صارمة في حال حصل ذلك، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وعقد اللقاء بين الوزيرين الروسي سيرغي لافروف والأميركي أنتوني بلينكن، في قصر مطلّ على بحيرة ليمان، في أحدث خطوة من مسار دبلوماسي مكثّف بدأ منذ 11 يوماً في جنيف بين مساعدَيهما.
وكان لافروف وبلينكن اتفقا على مواصلة المحادثات رغم الاختلافات الكبيرة في وجهات النظر، ورغم حشد مئات الآلاف من الجنود الروس على الحدود مع أوكرانيا.
ويعرف وزيرا الخارجية، المفاوضان المحنكان، بعضهما منذ سنوات عدة. يُعرف عن بلينكن هدوؤه الثابت، بينما يبدو لافروف انفعالياً أكثر.
وقال بلينكن، أمس (الخميس)، من برلين: «نواجه مشكلات معقّدة وحلّها يتطلّب وقتاً. لا أتوقع أن نحلّها في جنيف». ويعوّل بلينكن على «تفاهم متبادل» وخفض التصعيد من الجانب الروسي لتهدئة التوترات.
واعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «سيدخل» إلى أوكرانيا، وتوعّده برد فعل «سريع وشديد وموحّد من الولايات المتحدة وحلفائنا»، في حال تجاوز الجيش الروسي الحدود.
ندد الكرملين، الخميس، بتصريحات بايدن، معتبراً أنها «مزعزعة للوضع»، وأنها «يمكن أن تثير آمالاً خاطئة كلياً لدى بعض المتهورين الأوكرانيين».
وتنفي روسيا التي ضمّت شبه جزيرة القرم، وتدعم تمرّداً في شرق أوكرانيا أسفر عن أكثر من 13 ألف قتيل منذ 2014، أن تكون لديها نية لغزو جارتها. لكن «الكرملين» يصرّ على الحصول على ضمانات أمنية مكتوبة، بما في ذلك وعد من كييف بأنها لن تنضم إلى «حلف شمال الأطلسي»، وأن «الحلف» لن يسعى للتوسّع فيما تعتبره موسكو منطقة نفوذها.
وسبق أن رفضت الولايات المتحدة بشكل قاطع هذه المطالب، واعتبرت أنها غير منطقية.
يصل بلينكن إلى جنيف بعد جولة سريعة زار خلالها كييف وبرلين، المدينة التي تشكل رمزاً لإعادة توحيد أوروبا بعد الحرب الباردة، للتباحث مع الحلفاء الألمان والفرنسيين والبريطانيين.
وذكّر بلينكن في خطاب ألقاه قبل توجهه إلى سويسرا بأن «ترك روسيا تنتهك هذه المبادئ من دون أي عقاب، سيعيدنا جميعاً إلى فترة أخطر وأكثر اضطراباً، عندما كانت هذه القارة، وهذه المدينة، مقسومتين نصفين، تفصل بينهما منطقة عازلة ودوريات جنود، وعندما كان التهديد بحرب شاملة يلقي بثقله على حياة كل شخص».
وقال إن «هذا الأمر سيبعث رسالة أيضاً إلى آخرين في أنحاء العالم، مفادها أنه من الممكن التضحية بهذه المبادئ».
من جهتها، دعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، الجمعة، روسيا إلى «خفض التصعيد» وإجراء «محادثات بناءة» في شأن أوكرانيا، محذرة من أن غزو هذا البلد سيقود إلى «مستنقع رهيب».
وخلال زيارة إلى سيدني مع وزير الدفاع البريطاني بن والاس، قالت تراس: «سنُواصل مع حلفائنا دعم أوكرانيا، ونحض روسيا على خفض التصعيد والمشاركة في مناقشات بناءة».
وأضافت أن «(الكرملين) لم يستخلص العِبَر من التاريخ»، مؤكدة أن «الغزو لن يؤدي إلا إلى مستنقع رهيب وخسائر في الأرواح، كما حدث في أفغانستان السوفياتية والصراع في الشيشان».
لكن على الرغم من ذلك فإن الباب ليس مغلقاً تماماً، إذ أكّدت إدارة بايدن مراراً أنها مستعدّة لمناقشة مخاوف الروس بشأن أمنهم.
خلال اللقاءات الأولى الأسبوع الماضي في سويسرا، اقترحت مساعدة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان الاستلهام من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى التي وُقعت خلال الحرب الباردة مع موسكو.
وفي 2019، سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بلاده منها، متّهماً روسيا بانتهاكها.
وأعلن بايدن، الأربعاء، أنه مستعدّ لعقد قمة جديدة مع بوتين، بعد قمتهما الأخيرة في جنيف في 16 يونيو (حزيران) 2021.
لم ترفض روسيا الاقتراحات المتعلّقة بالصواريخ والمناورات، لكنها ذكّرت بأنها ليست النقطة الأهمّ. وأعلنت الخميس عن مناورات بحرية واسعة النطاق في يناير(كانون الثاني) وفبراير (شباط) في المحيط الأطلسي والقطب الشمالي والمحيط الهادي وحتى البحر المتوسط.
وحضّ وزير الخارجية الأميركي، الأربعاء، بوتين على اختيار «المسار السلمي»، وأعلن بوضوح أيضاً أنه لن يقدّم إجابات مكتوبة للمطالب المفصّلة حول نقاط الخلاف التي قدّمها الروس منذ بضعة أسابيع.
بالنسبة إلى واشنطن، فالوقت يدهم، وقد اتّهمت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي روسيا بأنها أرسلت عملاء إلى أوكرانيا لتنفيذ عملية يمكن استخدامها «ذريعة للغزو».
بعد اللقاء، يدلي كلّ من لافروف وبلينكن بتصريحات بشكل منفصل أمام الصحافة.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.