الرئيس التونسي يلغي منحاً وامتيازات لأعضاء «الأعلى للقضاء»

TT

الرئيس التونسي يلغي منحاً وامتيازات لأعضاء «الأعلى للقضاء»

ألغى الرئيس التونسي قيس سعيد المنح والامتيازات التي كان يتمتع بها 45 عضوا يمثلون أعضاء المجلس الأعلى للقضاء. وختم سعيد أول من أمس الأربعاء مرسوما رئاسيا وضع من خلاله حدا للمنح والامتيازات المخولة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء دون أن يقرر حل المجلس ما يشير الى أن الرئيس التونسي ماض في خيار «إصلاح المنومة القضائية» في تونس خلال هذه المرحلة عبر المراسيم الرئاسية ودون الرجوع إلى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء أو وزارة العدل المشرفة على السلطة القضائية. وتقدر المنح والامتيازات التي يتمتع بها أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بنحو 2.364 ألف دينار تونسي (حوالي845 دولارا) إضافة إلى وصولات بـ400 لتر من الوقود في الشهر. وفي أول رد فعل حول هذا المرسوم الرئاسي، قال يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء إن الغاء منح وامتيازات المجلس «فيه مساس بالوضع الدستوري للسلطة القضائية وبالبناء الدستوري للمجلس الأعلى للقضاء». وأكد بوزاخر في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية أن أعضاء المجلس ورغم القرار الرئاسي الصادر «سيواصلون القيام بدورهم وعملهم طبقا للدستور ولليمين الدستورية التي أدوها» وبين أن «ما يبعث على القلق هو المساس بالوضع الدستوري وبالبناء الدستوري للمجلس الذي هو مؤسسة دستورية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي وبالتيسير الذاتي».
وحول هذا القرار، قال بوزاخر إنه « لم يطلع بعد على فحوى هذا المرسوم وإنما اطلع على نص البلاغ الصادر على صفحة رئاسة الجمهورية والذي تحدث في مناسبة أولى عن وضح حد للمنح والامتيازات لأعضاء المجلس وأضاف في مناسبة ثانية مقدار تلك المنح والامتيازات». وأفاد بأن «تلك المنح والامتيازات لم تكن مخفية وأنها تستند إلى قرار ترتيبي بموجب نص قانوني تمت المصادقة عليه في البرلمان بأغلبية 150 صوتا». مشيرا إلى أنها «لم تطرح إشكالا مع رئاسة الحكومة أو الجمهورية آنذاك عند دخوله حيّز النفاذ أو قبلها خلال الأعمال التحضيرية» على حد تعبيره.
وأضاف أن «الإشكال طرح اليوم على أساس أنه لا يجوز للمجلس تحديد منحه وامتيازاته بنفسه في حين أن هذه المسألة ليست بدعة ومعمول بها في المجالس للعليا للقضاء في الدول المتقدمة كإيطاليا وإسبانيا وفي بعض المجالس الأخرى كذلك كالبنك المركزي». قائلا إن «السلطة الترتيبية مسألة حيوية للمجلس الأعلى للقضاء». ويعتبر المجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية ويبلغ عدد أعضائها 45 عضوا، بعضهم منتخب والبعض الآخر معينون بالصفة ونظمت أول انتخابات للمجلس في 23 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2016، وتضمن في نطاق صلاحياتها الدستورية حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها.
وكان الرئيس التونسي أكد في اجتماع لمجلس الوزراء بتاريخ 30 ديسمبر(كانون الأول) الماضي قرب مراجعة المنظومة القضائية ككل في تونس، ومنها الحقوق المخولة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء والتنظيم الإداري داخل المحاكم التونسية. وانتقد قيس سعيد السلطة الترتيبية التي يتمتع بها المجلس الأعلى للقضاء، قائلا إن «السلطة الترتيبية التي تتمتع بها بعض الهيئات، يجب أن تمارس في إطار القانون، وليس خارجه»، مذكرا بأن وضع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، كان «نتيجة لتدخل عدد من الأطراف غير المختصة، ومجموعة من قوى الضغط». على حد تعبيره.
يذكر أن الرئيس التونسي كان قد اتخذ قرارا يوم 22 سبتمبر(أيلول) الماضي بتجميد منح وأجور نواب البرلمان التونسي البالغ عددهم 217عضوا، وقرر يوم 14 ديسمبر الماضي إجراء انتخابات برلمانية يوم 17 ديمسبر2022 لانتخاب برلمان تونسي جديد.
على صعيد غير متصل، قال عماد الحمامي القيادي في حركة النهضة، إن حزبه سيتسلح بكل الوسائل القانونية والجزائية لمتابعة قضية وفاة التونسي رضا بوزيان أحد أنصار الحركة خلال الاحتجاجات التي احتضنها شارع بورقيبة يوم 14 يناير(كانون الثاني) إحياء لذكرى إسقاط نظام بن علي. وتعهد الخميري في مؤتمر صحافي عقده أمس بالمقر المركزي للحزب بكشف الحقيقة كاملة والتعرف على الأطراف التي تسببت في وفاة بوزيان خلال خروجه للتظاهر. واتهمت الحركة السلطات التونسية بـ«تعمد إخفاء وضعيته على أهله فلم تعلمهم طوال خمسة أيام قضاها في قسم الإنعاش بمستشفى الحبيب ثامر».
إلى ذلك ذكر مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس أن النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية، تلقّت بتاريخ 19 يناير (الحالي)، إعلاما صادرا عن أعوان مركز الأمن بسيدي البشير بالعاصمة التونسية، مفاده أنه تم إخطارهم من قبل إدارة مستشفى الحبيب ثامر، بوفاة شخص تم قبوله منذ يوم 14 يناير الحالي. وأوضح أن «التحريات الأولية بيّنت أن إحدى سيارات الدفاع المدني، نقلت بهذا التاريخ نفسه شخصا عُثر عليه بحالة إغماء»، قرب قصر المؤتمرات (وسط العاصمة)، إلى مستشفى الحبيب ثامر. وأضاف أنه ومن خلال المعاينة المجراة من قبل ممثل النيابة العامة، تبيّن أن المتوفى لم يكن يحمل أي آثار عنف ظاهرة وقد تم فتح بحث في الغرض وأذن بعرض الجثة على قسم الطب الشرعي، لتحديد أسباب الوفاة.
في غضون ذلك، انتقد زهير المغزاوي رئيس حركة الشعب القرار الرئاسي بعدم السماح لممثلي الأحزاب السياسية التونسية بالمشاركة في البرامج الحوارية في مؤسسة التلفزة الوطنية (حكومية). قائلا إنه سيكون له آثار بالغة الخطورة في تعطيل مقدرة الناس على المعرفة والفهم.
وأضاف المغزاوي أنّ هذه القرارات تتنافى ومسار 25 يوليو (تموز) وما جاء به لعموم التونسيّين، وحمل رئاسة الحكومة مسؤوليّة هذا الإجراء، ودعاها للتراجع عنه ودعا إدارة التلفزة الوطنية لأخذ الإجراءات الضرورية لفتح المرفق العمومي أمام جميع الأطراف بعيدا عن لغة الاحتكار السياسي.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.