واشنطن ولندن والسويد: الانتخابات السودانية لم تكن نزيهة

منظمة العفو الدولية تؤكد خطف حقوقية بسبب دعوتها إلى مقاطعة صناديق الاقتراع

واشنطن ولندن والسويد: الانتخابات السودانية لم تكن نزيهة
TT

واشنطن ولندن والسويد: الانتخابات السودانية لم تكن نزيهة

واشنطن ولندن والسويد: الانتخابات السودانية لم تكن نزيهة

اعتبرت الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد في إعلان مشترك مساء أول من أمس أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت في السودان الأسبوع الماضي لم تكن نزيهة، منددة بـ«فشل» الحكومة السودانية في تنظيم هذا الاستحقاق.
وقالت الدول الثلاث في إعلانها المشترك إنها تبدي أسفها «لفشل الحكومة السودانية في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وفي مناخ ملائم».
وشهد السودان منذ الاثنين إلى غاية الخميس الماضي انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية، تخللتها مشكلات كثيرة، واتسمت بنسبة إقبال ضعيفة، ويتوقع أن يفوز فيها الرئيس عمر البشير الذي يحكم البلاد منذ 26 عاما بولاية جديدة مدتها خمس سنوات.
وعزت واشنطن ولندن وأوسلو ضعف إقبال الناخبين على التصويت إلى «القيود على الحريات والحقوق السياسية»، وأيضا إلى النزاعات المستمرة في بعض أنحاء البلاد.
وأضافت الدول الثلاث أن «نتيجة هذا التصويت لا يمكن اعتبارها تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعب السوداني»، مضيفة «نحن ندين أعمال العنف التي جرت خلال الفترة الانتخابية، ونواصل دعم السودانيين الراغبين في المضي قدما في عملية سياسية سلمية»، ترمي إلى إجراء إصلاحات وتحقيق الاستقرار في البلاد. ويتوقع أن تصدر نتائج الانتخابات في نهاية أبريل (نيسان) الحالي، وفي حال لم يحصل أي من المرشحين على أكثرية النصف زائد واحد من الأصوات، فإنه يفترض أن تجري دورة ثانية.
من جانبها، استدعت وزارة الخارجية السودانية أمس سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج،بعد انتقاد هذه الدول الظروف التي جرت فيها الانتخابات العامة،
وأصدرت بيانا «يدين بأقسى العبارات البيان الذي أصدرته الترويكا (النروج والولايات المتحدة وبريطانيا)، والذي يمثل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للبلاد».
كما استدعت وزارة الخارجية ممثل الاتحاد الاوروبي لدى الخرطوم، حسب ما أوضح بيان آخر لم يورد مزيدا من التفاصيل، بعد أن عبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني عن شكوكها حيال مصداقية الانتخابات السودانية.
وأضاف بيان الخارجية السودانية أن «العديد من المنظمات الدولية والإقليمية شاركت في عملية مراقبة الانتخابات، وأكدت سلامة ونزاهة الإجراءات والعملية الإنتخابية وأنها إتسمت بالشفافية». مضيفا أن «الانتخابات شأن سوداني خالص يقرر فيه السودانيون، وليس لأي جهة أخرى حق التدخل أو إبداء الرأي».
من جهة ثانية، قال مسؤول حكومي إن الرئيس السوداني عمر حسن البشير ألغى في اللحظة الأخيرة رحلة إلى إندونيسيا لحضور قمة ستعقد هناك هذا الأسبوع.
وقد كانت زيارة البشير إلى إندونيسيا ستصبح أول رحلة يقوم بها إلى خارج أفريقيا والشرق الأوسط منذ نحو أربع سنوات. لكن خطة البشير حضور مؤتمر لزعماء أفريقيا وآسيا في جاكرتا أثارت احتجاجات جماعات حقوق الإنسان التي طالبت باعتقاله، خاصة وأن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت أمرا باعتقال البشير في 2009 بتهم تتعلق بجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في الصراع في دارفور.
وقال علي الصادق، المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، إنه نظرا لانشغال الرئيس بمتابعة الوضع بعد الانتخابات فإن قيادة البلاد رأت أنه من الأفضل أن يبقى الرئيس في البلاد. وبدلا من ذلك سيرأس وزير الشؤون الخارجية السوداني وفد البلاد في القمة الآسيوية - الأفريقية. من جهته، أكد أحد منظمي المؤتمر أن البشير لن يحضر، لكنه امتنع عن ذكر السبب. وقد رحبت جماعات حقوق الإنسان بإلغاء زيارة البشير، حيث قالت اليز كيبلر، المديرة المساعدة في برنامج العدالة الدولية بمنظمة هيومان رايتس ووتش: «هذه التطورات تعزز وضع البشير كهارب من العدالة الدولية بخيارات سفر محدودة».
وكانت آخر رحلة للبشير خارج المنطقة في يونيو (حزيران) 2011 حين زار الصين، رغم أنه استمر في السفر إلى دول عربية وأفريقية منذ ذلك الحين. وكانت أغلب زيارات البشير إلى دول ليست أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مثل السعودية ومصر التي زارها في مارس (آذار) الماضي. كما سافر أيضا إلى دول أعضاء رفضت اعتقاله، مثل نيجيريا التي استضافت الرئيس السوداني في يوليو (تموز) 2013.
وعلى صعيد غير متصل، أعلن حزب المؤتمر السوداني المعارض أمس أن جهاز الأمن والمخابرات اعتقل الناشط الحقوقي المعارض جلال مصطفى، الذي كان يقود حملة لصالح زميلته الناشطة الحقوقية، التي اعتقلت قبل يوم من بدء الانتخابات الأسبوع الماضي.
وقال عبد القيوم عوض السيد، الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «ما زال القيادي في الحزب جلال مصطفى رهن الاحتجاز لدى جهاز الأمن بعدما أخذه من منزل ساندرا كدودة».
وبحسب منظمة العفو الدولية فإن مجموعة من الرجال خطفت كدودة عندما كانت في طريقها إلى اعتصام يدعو لمقاطعة الانتخابات في 12 من أبريل الحالي، أي قبل يوم من بدء عملية الاقتراع، وأطلق سراحها بعد ثلاثة أيام، وكانت في حالة إعياء. لكن جهاز الأمن السوداني نفى أي علم له بواقعة احتجاز كدودة، رغم أن أسرتها أكدت أن أفرادا تابعين لجهاز الأمن هم من قاموا باختطافها واحتجازها.
وبالإضافة إلى عضويته في حزب المؤتمر السوداني، فإن مصطفى عضو في لجنة التضامن مع المعتقلين السياسيين، وقد كان في زيارة إلى منزل أسرة ساندرا كدودة في الخرطوم لحظة احتجازه. وأكد المؤتمر السوداني في بيان أصدره أول من أمس أن عناصر من جهاز الأمن اعتقلوا مصطفى.
وأضاف عوض السيد بأن جهاز الأمن اعتقل أيضا أربعة أشخاص من أعضاء حزبه وأحالهم إلى «نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة»، بتهمة تقويض النظام الدستوري، وقد تصل عقوبتهم إلى الإعدام.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.