عصيان جزئي في السودان... و{لجان المقاومة» تسد طرقات الخرطوم

وكلاء نيابة ومستشارون يضربون عن العمل احتجاجاً على الانتهاكات

متظاهرون يضعون حواجز من الطوب والنار في شارع الستين بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يضعون حواجز من الطوب والنار في شارع الستين بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

عصيان جزئي في السودان... و{لجان المقاومة» تسد طرقات الخرطوم

متظاهرون يضعون حواجز من الطوب والنار في شارع الستين بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يضعون حواجز من الطوب والنار في شارع الستين بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلن العشرات من وكلاء النيابة العامة، إضراباً عن العمل احتجاجاً على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والعنف المفروض الذي تستخدمه القوات الأمنية ضد المحتجين السلميين، والمطالبة بوقفها، فيما أعلن مستشارون بوزارة العدل التوقف عن العمل لمدة يومين، إنفاذاً للعصيان المدني الذي أعلنته «قوى الحرية والتغيير».
وواصلت لجان المقاومة الشبابية إغلاق الطرق الرئيسية في العاصمة الخرطوم، وعدد من الطرق في مدن البلاد الأخرى، وسط استجابة نسبية لعصيان مدني دعت له «قوى إعلان الحرية والتغيير»، لإبداء غضبها على العنف المفرط الذي استخدمته القوات الأمنية ضد المحتجين المدنيين.
وقتل سبعة وأصيب العشرات من المحتجين في الخرطوم، الاثنين الماضي، برصاص القوات الأمنية، جراء استخدامها للرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع بكثافة، لتفريق عشرات الآلاف من المحتجين، الذين حاولوا الوصول للقصر الرئاسي، الاثنين الماضي.
وقال أكثر من 100 من وكلاء النيابة العامة في نشرة صحافية، أمس، إنهم ظلوا يراقبون الأحداث «الدامية والمؤسفة واللاإنسانية في غرب البلاد، ويتابعون بقلق بالغ المظاهرات الاحتجاجية على انقلاب قائد الجيش، والقمع الوحشي ضد المتظاهرين السلميين، استناداً إلى مسؤولية النيابة العامة في صيانة الحقوق والحريات».
ودان وكلاء النيابة «القمع الوحشي» للمحتجين السلميين، واعتبروه جريمة ضد الإنسانية وفقاً للقانون الجنائي السوداني، وتوعدوا بتوجيه دعاوى جنائية ضد مرتكبي العنف والتحري بشأنها مستندين على فيديوهات ومعلومات الشهود.
ودعوا قيادات السلطات الأمنية للامتناع عن «الممارسات الاستبدادية الجسيمة بالمخالفة للقانون الجنائي»، والتوقف عن استعداء الشعب و«دق إسفين» بينه وبين قواته النظامية، وطالبت برفع حالة الطوارئ فوراً لتتمكن النيابة العامة من القيام بواجبها القانوني والأخلاقي في التحقيق مع الجناة والقتلة وتقديمهم لمحاكمات عادلة، وإخضاع تعامل القوات النظامية مع المتظاهرين السلميين للرقابة والإشراف الفني والإداري المباشر للنيابة العامة، وفقاً لنصوص القانون الجنائي السوداني.
وأثار العنف المفرط الذي استخدمته القوات الأمنية وقتل المحتجين، موجة من الغضب والحزن، أعلنت بسببها «قوى إعلان الحرية والتغيير» عصياناً مدنياً شاملاً ليومين انتهى أمس، استجاب لها المواطن نسبياً، فيما واصلت مدارس ومؤسسات حكومية عملها، وأغلقت بعض المصارف والمراكز الخدمية الخاصة والرسيمة أبوابها استجابة للعصيان.
وأول من أمس، نصب المحتجون المتاريس في معظم الطرق الرئيسية في الخرطوم، بيد أن القوات الأمنية سارعت إلى إزالتها، قبل أن يعيدوا تتريسها مجدداً بالأحجار ومواد البناء وإشعال إطارات السيارات فيها، ما أدى لشل حركة السير في معظم أنحاء المدينة.
من جهتهم، طالب مستشارون بوزارة العدل برفع حالة الطوارئ، ووقف الانتهاكات التي يتعرض لها المتظاهرون السلميين، والكشف عن مرتكبي تلك الانتهاكات، وأعلنوا العصيان المدني لحين تنفيذ مطالبهم.
يُشار إلى أن حصيلة الذين قتلوا منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحتى أمس بلغت 71 شخصاً فيما بلغ عدد الذين أصيبوا نحو ألفين، وذلك إما بالرصاص أو عبوات الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي والعصي والحجارة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.