«لجنة تقصي حقائق» في قتل المتظاهرين... وعصيان مدني في الخرطوم

الاتحاد الأوروبي: السلطة العسكرية غير مستعدة لحل سياسي للأزمة

من مظاهر العصيان المدني في الخرطوم أمس (أ.ب)
من مظاهر العصيان المدني في الخرطوم أمس (أ.ب)
TT

«لجنة تقصي حقائق» في قتل المتظاهرين... وعصيان مدني في الخرطوم

من مظاهر العصيان المدني في الخرطوم أمس (أ.ب)
من مظاهر العصيان المدني في الخرطوم أمس (أ.ب)

فيما أعلن الاتحاد الأوروبي أن استمرار «السلطات العسكرية» السودانية في استخدام القوة ضد المحتجين، «يؤكد أنها ليست مستعدة لإيجاد حل تفاوضي للأزمة»، سارع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، إلى إصدار قرار بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول مقتل 7 وإصابة العشرات في تظاهرات أول من أمس، لتخفيف حالة الغضب والغليان في الشارع جراء تلك الأحداث الدموية.
ودخلت الخرطوم والعديد من مدن البلاد أمس في عصيان مدني جزئي دعت له القوى السياسية ولجان المقاومة والكيانات المهنية النقابية احتجاجاً على مقتل متظاهرين برصاص القوات الأمنية.
وبدت الحركة في الشوارع أقل بكثير من المعتاد في الأيام العادية، وأغلقت العديد من المحال التجارية وسط العاصمة أبوابها وتوقف العمل بشكل لافت في العديد من مؤسسات ومرافق الدولة العامة، كما توقفت الدراسة بشكل تام في غالبية الجامعات السودانية والعديد من المصارف جراء إضراب موظفيها عن العمل.
وفي الأحياء نشطت لجان المقاومة في إقامة بالمتاريس حيث أغلقت العديد من الأحياء بمدن العاصمة الخرطوم بالحجارة.
وذكر الاتحاد الأوروبي في بيان أمس أنه والمجتمع الدولي دعوا مراراً وتكراراً «السلطات العسكرية» إلى الامتناع عن استهداف المتظاهرين السلميين، لم تلق هذه الدعوات آذاناً صاغية. وأضاف البيان أن الاستخدام المشوه للقوة والاحتجاز المستمر للمدنيين، يؤكد أن «السلطات العسكرية» ليست مستعدة لإيجاد حل تفاوضي وسلمي للأزمة.
واعتبر الاتحاد الأوروبي العنف المفرط ضد المدنيين والاعتقالات المستمرة للصحافيين والناشطين يبعد السودان عن طريق السلام والاستقرار والتوصل إلى حل عبر المبادرة التي تقودها الأمم المتحدة. ودعا البيان السلطات إلى تهدئة التوترات وتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح. وقال إن الديمقراطية التي تدعيها السلطات العسكرية في السودان لا يمكن أن توجد بدون حرية وسائل الإعلام، في إشارة إلى سحبها ترخيص قناة «الجزيرة مباشر» وتوقيف مراسلها عن العمل.
في غضون ذلك، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، أمس قراراً بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الأحداث التي وقعت أول من أمس وتتكون عضوية اللجنة من الأجهزة النظامية والنيابة العامة على أن ترفع إجراءاتها خلال 72 ساعة من تشكيلها.
ونفذ المئات من الأطباء إضراباً عن العمل في المستشفيات التابعة للأجهزة النظامية والمرافق الصحية العامة، مع الالتزام التام بعلاج الحالات الطارئة.
من جانبها، أكدت قوات الشرطة السودانية في بيان أن مضابطها سجلت مقتل 7 وإصابة 22 إصابة متفاوتة وسط المواطنين، كما أصيب 50 من منسوبيها في الاحتجاجات التي شهدتها الخرطوم أول من أمس، كما تم القبض على 77 متهماً واتخاذ الإجراءات القانونية بدوائر الاختصاص بإشراف النيابة. ونوهت إلى أن قواتها تعاملت مع الاحتجاجات بأقل قدر من القوة القانونية خاصة محاولات التعدي على أقسام الشرطة والقوات بأماكن التجمعات وذلك باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
وكان مجلس الأمن والدفاع السوداني دعا في وقت سابق إلى حسم التفلتات التي تصاحب المواكب وفقاً لقانون الطوارئ والقانون الجنائي، وتأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب لمجابهة التهديدات المحتملة.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.