استمرار التجاذبات بين الصدر وخصومه رغم الوساطة الإيرانية

قاآني التقى زعيم «التيار الصدري» أكثر من مرة و«الدخان الأبيض» غائب

قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني يزور في النجف الأحد الماضي قبر أبو مهدي المهندس الذي قتل مع سلفه قاسم سليماني بضربة أميركية قرب مطار بغداد مطلع 2020 (إ.ب.أ)
قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني يزور في النجف الأحد الماضي قبر أبو مهدي المهندس الذي قتل مع سلفه قاسم سليماني بضربة أميركية قرب مطار بغداد مطلع 2020 (إ.ب.أ)
TT

استمرار التجاذبات بين الصدر وخصومه رغم الوساطة الإيرانية

قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني يزور في النجف الأحد الماضي قبر أبو مهدي المهندس الذي قتل مع سلفه قاسم سليماني بضربة أميركية قرب مطار بغداد مطلع 2020 (إ.ب.أ)
قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني يزور في النجف الأحد الماضي قبر أبو مهدي المهندس الذي قتل مع سلفه قاسم سليماني بضربة أميركية قرب مطار بغداد مطلع 2020 (إ.ب.أ)

تتجه الأنظار اليوم إلى القرار الذي تصدره المحكمة الاتحادية العليا بشأن الطعن المقدم إليها بخصوص إجراءات الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد في 9 يناير (كانون الثاني) الحالي، فيما لم يطرأ على «السياسي» أي جديد.
ورغم كل ما صدر من تسريبات حول اللقاءات التي أجراها قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني مع زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر وقادة «الإطار التنسيقي»؛ فإن «الدخان الأبيض» لم يظهر من «الحنانة»؛ مقر الصدر، حتى لحظة كتابة هذا التقرير. «الدخان الأبيض» في العادة يأتي على شكل تغريدة تكرر سماعها طوال الفترة الماضية مرات عدة؛ وهي تلك التي يدونها الصدر؛ الفائز الأول بالانتخابات، على حسابه في «تويتر» وهي: «لا شرقية ولا غربية... حكومة أغلبية وطنية».
الجديد هذه المرة، أن الصدر، الذي التقى قاآني أكثر من مرة خلال اليومين الماضيين مثلما تقول التسريبات، لم يصدر عنه ما يؤكد أن مساعي الجنرال قد أفلحت في إقناعه بالتخلي عن فكرة الأغلبية الوطنية أم لا. التكهنات والتسريبات لا تزال متباينة بين «الإطار» و«التيار». فقوى «الإطار التنسيقي» لا تزال تتحدث عن تماسكها بما يفيد بأن الصدر قد تنازل ولو نسبياً؛ بينما الصدريون القليلو الكلام في العادة، يتحدثون عن أن لا تغيير في منهج الصدر. مع ذلك؛ الجميع ينتظر اليوم قراراً حاسماً بين جلسة برلمانية قد تمضي بقرار من المحكمة الاتحادية، أو يتم إبطالها بما يعيد الأمور إلى المربع الأول. وفي الوقت نفسه؛ فإن الأربعاء قد يكون حاسماً لجهة صدور موقف نهائي من قبل الصدر فيما إذا كان نجح الجنرال في تليين موقفه من قوى «الإطار»، ربما باستثناء زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، أو مضي الصدر في مشروع الأغلبية؛ وهو ما يعني أن إيران «الشرقية» سوف تضعه في خانة المشاريع «الغربية».
وتبعاً لما حدث خلال الفترة الماضية؛ فإنه في الوقت الذي بلع فيه العرب السنة طعم الأغلبية قبل أن تنضج، ما لم يكن للمحكمة الاتحادية اليوم رأي آخر، هيمنت الخلافات بين الكرد على منصب رئيس الجمهورية؛ الأمر الذي أدى إلى تأجيل انضمامهم موحدين أم فرادى مع أي من خيارات الشيعة (أغلبية صدرية مؤجلة حتى الآن بانتظار مفاوضات الجنرال قاآني، أو توافقية مع بيت شيعي بجناحيه «الإطار» و«التيار»). وبين انتظار توحيد البيت الشيعي بضغط إيراني، وبقائه منقسماً بالكامل أو نصف منقسم (في حال استُبعد المالكي)، فإن الخيارات سوف تضيق تماماً أمام الكرد والعرب السنة. فالشيعة الموحدون بتأثير إيراني سوف تبقى رؤيتهم للسنة أنهم شركاء لا يعتمد عليهم ما دام لم يقفوا على التل في الصراع الشيعي - الشيعي. أما الكرد الذين كانوا بيضة القبان أيام كانوا موحدين في السنين الماضية؛ فإن النظرة إليهم، لا سيما بارزاني، سوف تحددها طريقة تعاملهم مع القوى الشيعية، علماً بأن هادي العامري، زعيم «تحالف الفتح»، الذي أجرى أمس مباحثات مع الزعيم الكردي في أربيل، سعى إلى «تحييده» عن الخلاف الشيعي - الشيعي.
وإذا كان الخلاف داخل البيت الشيعي ليس على منصب رئيس الوزراء رغم أنه في النهاية مرشح الكتلة الكبرى، بقدر ما هو على شكل الحكومة المقبلة هل هي توافقية مثلما يريدها «الإطار» أم أغلبية مثلما يريدها «التيار»، فإنه يبقى خلافاً حول من يريد إبقاء هذا البيت موحداً حتى مع اختلاف مناهج المنتمين إليه، ومن يريد مغادرة البيوت المكوناتية باتجاه الانطلاق نحو الفضاء الوطني.
ولعل السؤال الذي يبقى مطروحاً: هل يبقى الصدر صامداً؛ أم إنه سيستجيب لجزء من الضغوط الإيرانية؟ في هذا السياق؛ يرى الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة قاآني إلى بغداد تمثل، بما لا يقبل الشك، إشارة واضحة إلى فشل الحوارات الشيعية لإنقاذ البيت السياسي الشيعي»، مبيناً أن «انخراط إيران بشكل رسمي في عملية تشكيل الحكومة العراقية يعني بلا شك أن القرار الشيعي في الأقل لا يزال بيد طهران و(فيلق القدس) الإيراني». وأضاف أن «الهدف الآخر من هذه الزيارة هو إيقاف التصدع الذي من الممكن أن يحدث داخل (الإطار التنسيقي) نفسه».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.