ليبيا: صالح يُمهل «المفوضية» حتى فبراير لتحديد موعد للانتخابات

الدبيبة يتجاهل دعوات إقالته... وسفيرة بريطانيا تعود للعمل

صورة وزعتها حكومة «الوحدة» الليبية لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في ندوة بالعاصمة طرابلس (حكومة الوحدة الليبية)
صورة وزعتها حكومة «الوحدة» الليبية لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في ندوة بالعاصمة طرابلس (حكومة الوحدة الليبية)
TT

ليبيا: صالح يُمهل «المفوضية» حتى فبراير لتحديد موعد للانتخابات

صورة وزعتها حكومة «الوحدة» الليبية لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في ندوة بالعاصمة طرابلس (حكومة الوحدة الليبية)
صورة وزعتها حكومة «الوحدة» الليبية لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة أمس في ندوة بالعاصمة طرابلس (حكومة الوحدة الليبية)

طالب عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، المفوضية العليا للانتخابات، أمس، بتحديد «موعد حتمي» لا يتجاوز شهر فبراير (شباط) المقبل لإعلان موعد جديد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ الشهر الماضي.
وقال صالح أمام مجلس النواب بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد إنه «يجب إزالة المعوقات التي حالت دون إجراء الانتخابات»، مشيراً إلى أن المجلس ينتظر تقرير لجنة خريطة الطريق التي شكلها بخصوص الاقتراع المؤجل. وبعدما دعا اللجنة للتعاون مع «مفوضية الانتخابات» و«مصلحة الأحوال المدنية» لتحديد موعد نهائي للانتخابات، هدد بمعاقبة أعضاء المجلس في حال الغياب عن حضور جلساته. وأضاف: «النائب الذي يتغيب عن الجلسات دون عذر، سيُعتبر من المعرقلين وسيتعرض للخصم المالي ويمنع من التصويت وقد نُسقط عنه العضوية». وشدد على أن «جلسات النواب ستعقد بشكل دوري وهي مستمرة طبقاً للقانون دون الحاجة لدعوة الأعضاء».
بدوره، أبلغ نصر الدين مهنى رئيس «لجنة خريطة الطريق» المجلس بأن لجنته «ستقدم تقريرها بشأن خريطة الطريق في 25 من الشهر الحالي»، موضحاً أن «الخريطة ستتناول 4 مسارات، هي الدستور والسلطة التنفيذية والأمن والمصالحة الوطنية».
وبعد نحو ساعة من استئناف الجلسة، تم تعليقها بعد مشادة كلامية بين أعضاء المجلس على خلفية المطالبة بضرورة القضاء على الميليشيات المسلحة كشرط لإمكانية إجراء الانتخابات.
وقال عبد الله بليحق الناطق باسم المجلس إنه تم التأكيد في ختام الجلسة على عمل لجنة خريطة الطريق وتواصلها مع جميع الأطراف المعنية للوصول إلى موعد حقيقي للانتخابات في أقرب الآجال وإنهاء عمل اللجنة قبل نهاية الشهر الحالي.
في المقابل، تجاهل رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة مطالب إقالته وتشكيل حكومة جديدة، وشارك في ندوة عن «دور المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي في خطة عودة الحياة». وأكد الدبيبة «أهمية التنسيق بين المجلس والوزارات المختلفة لبدء مشروعات وبرامج تنفيذية مشتركة حسب اختصاص كل وزارة»، لافتاً إلى «الحاجة لتفعيل الدور الاستشاري للمجلس لما له من أهمية في إنشاء رؤية مستقبلية تنموية بعيدة المدى».
كما ترأس الدبيبة اجتماعاً حكومياً موسعاً مساء أول من أمس لمتابعة «الأحكام الصادرة ضد الدولة الليبية في عدد من الدول، وآخرها في بلجيكا وتونس وغيرها من القضايا ذات العلاقة». وأكد الدبيبة أن «المسؤولية تجاه هذا الملف لا بد أن تكون تضامنية، وضرورة تحديد المهام بشكل واضح، وفق آلية قانونية وإدارية منتظمة»، مشيراً إلى «الاتفاق على عقد اجتماعات دورية لمتابعة نتائج عمل اللجان المشكلة والإجراءات المتخذة من قبل مكتب النائب العام وديوان المحاسبة بالخصوص».
بدوره، قال حسين القطراني نائب الدبيبة في تصريحات تلفزيونية أمس إن زيارته التي كانت مقررة إلى روسيا لبحث انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا «تأجلت لمدة 3 أيام، بطلب من الدبيبة» دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
إلى ذلك، قالت ستيفاني ويليامز المستشارة الأممية للشأن الليبي إنها اجتمعت خلال زيارتها للقاهرة مع محاورين ليبيين لم تكشف عن هويتهم، لكنها قالت إنهم «جددوا دعواتهم لإنهاء الفترة الانتقالية الطويلة في ليبيا عبر انتخابات وطنية».
وأوضحت ويليامز التي غادرت القاهرة أول من أمس لبدء زيارة لروسيا، أنها كررت التزام الأمم المتحدة بالعمل على إشراك جميع الأطراف الليبية في عملية شاملة وإجراء الانتخابات في أقصر إطار زمني ممكن، مشيرة إلى أنها أكدت مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أهمية توحيد الجهود الدولية والإقليمية لدعم تنفيذ خريطة الطريق السياسية التي زكاها مجلس الأمن الدولي بما في ذلك الإطار الزمني المتضمن فيها.
وكانت ويليامز قد أبلغت وكالة أسوشييتد برس الأميركية أنها تضغط من أجل إجراء انتخابات في ليبيا بحلول شهر يونيو (حزيران) المقبل، بما يتماشى مع خريطة الطريق لعام 2020 التي توسطت فيها الأمم المتحدة. وبعدما اعتبرت أن «كل المؤسسات تعاني من أزمة شرعية»، أضافت: «لا أرى أي مخرج آخر لليبيا غير عملية سياسية سلمية». ولم تعتبر ويليامز رحيل المرتزقة الأجانب «شرطاً أساسياً لإجراء الانتخابات»، وقالت إن الحفاظ على وقف إطلاق النار هو الأولوية. وأضافت: «كان هناك مرتزقة في ليبيا منذ السبعينات، ولا أعتقد أن هذه بطاقة ضرورية للعب في هذا الوقت».
وتتعارض هذه التصريحات مع مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن الدولي، بضرورة الانسحاب الكامل للمرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، محذراً من أن المنافسة بين الجماعات المسلحة للسيطرة على الأراضي استمرت في التأثير على الأمن في العاصمة طرابلس وفي مدن الشمال الغربي للبلاد.
من جهة أخرى، أعلنت كارولين هرندال، سفيرة بريطانيا لدى ليبيا، عودتها للعمل في ليبيا على رغم تصويت مجلس النواب الليبي الشهر الماضي، لصالح اعتبارها «شخصية غير مرغوب فيها في البلاد». وقالت هرندال في بيان مقتضب مساء أول من أمس عبر «تويتر» إنه «تم استقبالها بحلويات كعك منزلية الصنع من قبل أحد موظفي السفارة».
وأثارت تصريحات لكارولين عاصفة من الرفض، واعتبرها البعض «انتهاكاً للسيادة الليبية» بعد إعلانها رفض المساعي لاستبدال حكومة الوحدة الحالية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.