إسرائيل تدرس الهجوم الحوثي وتعلن عن تجربة ناجحة لصاروخ «حيتس3»

تعرف على الصواريخ الباليستية وأحبط هجوماً

TT

إسرائيل تدرس الهجوم الحوثي وتعلن عن تجربة ناجحة لصاروخ «حيتس3»

أعلن مصدر أمني كبير في تل أبيب أن «إسرائيل تتابع بقلق التقارير في أعقاب الهجوم الإرهابي على أبوظبي، وتجري دراسة حول الهجوم، تحسباً من هجوم مشابه ضد أهداف إسرائيلية». وربط مسؤولون بين الهجوم الحوثي في اليمن، وإطلاق تجربة ناجحة لصاروخ «حيتس3»، تمكن فيها من تدمير صواريخ باليستية، وهي في الفضاء، قبل أن تصل إلى أهدافها.
في الأثناء، أعلن كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، ورئيس الوزراء البديل ووزير الخارجية، يائير لبيد، استنكارهما الهجوم ووقوفهما إلى جانب الإمارات.
وكانت الدوائر الاستخبارية في الجيش الإسرائيلي، قد أجرت، أمس (الثلاثاء)، دراسة أولية حول الهجوم الحوثي. اتضح منها أن الحوثيين استخدموا طائرات مسيرة وكذلك صواريخ كروز الجوالة (Cruise missile)، المعروفة بدقتها الشديدة وارتفاعها المنخفض، وقدرتها على التملص من الرادارات بواسطة الانعطافات المفاجئة التي تحدثها. وهي من نوع الصواريخ التي قام الإيرانيون باستخدامها في قصف مفاعل «أرامكو» في السعودية.
وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن الإيرانيين لم يمنحوا الحوثيين هذه الصواريخ إلا في السنة الأخيرة، بعد أن دربوهم عليها بشكل خاص. ويعتبر استخدامها في الحرب الآن تصعيداً واضحاً من إيران. وأوضحوا أن الحوثيين أطلقوا عدة صواريخ في آن واحد. وما من شك في أن الإمارات أسقطت بعضاً منها قبل أن تصل إلى أهدافها المدنية.
ومع أن القناة التلفزيونية الرسمية «كان 11»، نقلت على لسان مسؤول أمني في تل أبيب، قوله إنهم في إسرائيل يتابعون بقلق التقارير الواردة من أبوظبي، تحسباً من تنفيذ هجوم مشابه على الأراضي الإسرائيلية، فإن القادة العسكريين أكدوا في تلك الجلسة أن الحوثيين لا يقدمون بسهولة على ضرب إسرائيل، لأنهم يعرفون أن ردّها سيكون قاسياً، ليس فقط على اليمن، بل على من أرسلهم في طهران. وقالوا إن الهجوم على الإمارات ينشئ وضعاً جديداً في المنطقة، يستدعي التعاون المشترك بين كل القوى التي تعاديها إيران. «فهنالك قدرات لدى الجميع ومعلومات وخبرات، إذا تم توظيفها معاً، فسيشكل ذلك ردعاً قوياً للإيرانيين وأذرعهم».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيت، قد أصدر بياناً، الثلاثاء، أعلن فيه إدانته بشدة الهجوم واعتبره عملية إرهابية للحوثيين بتوجيه إيراني. وأعلن وقوفه إلى جانب الشيخ محمد بن زايد. وقال إن على العالم أن يقف في وجه الإرهاب. كما أرسل بنيت رسالة تعزية إلى الشيخ محمد بن زايد، أعرب فيها عن الاستعداد لتقديم أي مساعدة مطلوبة أمنياً واستخبارياً.
وأدان الهجوم وزير الخارجية، لبيد، وقال إن «إسرائيل تقف إلى جانب الإمارات». وكتب في منشور على «تويتر»، مساء الاثنين: «أدين بشدة هجوم الطائرات بدون طيار اليوم في أبوظبي، وأرسل تعازيّ لعائلات القتلى وتمنياتي بالشفاء العاجل للجرحى. إسرائيل تقف إلى جانب الإمارات العربية المتحدة». ودعا لبيد المجتمع الدولي إلى إدانة مثل هذه الهجمات بشدة، والعمل على الفور «حتى لا تمتلك إيران ووكلاؤها الأدوات لمواصلة تقويض الأمن الإقليمي وإلحاق الأذى بالأبرياء».
ويوم أمس (الثلاثاء)، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن إجراء تجربة جديدة ناجحة على النظام الصاروخي «حيتس3»، أحبطت خلالها هجوماً بالصواريخ الباليستية. وقالت مصادر عسكرية، إنه في منتصف الليلة الفائتة (الاثنين - الثلاثاء)، انطلقت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي للمشاركة في الاختبار في البحر الأبيض المتوسط من قاعدة «الناتو» في اليونان، وعادت الطائرات إلى قاعدتها في إسرائيل فجراً، بعد انتهاء التجربة بنجاح.
خلال التجربة، اكتشفت منظومة الرادار التشغيلية لمنظومة الصواريخ «حيتس3» الهدف، وأرسلت بياناته إلى مركز إدارة إطلاق النار، الذي قام بتحليل البيانات ووضع خطة اعتراض كاملة. ولأول مرة في تجارب «حيتس3» تم إرسال صاروخين في آن واحد، لاعتراض الهدف، ودمراه بنجاح. ومع أن إسرائيل تحرص على التأكيد أن هذه التجربة مقررة سلفاً بدون علاقة مع أحداث اليمن، فإن نجاح هذه التجربة يعتبر مهماً بشكل خاص، في ضوء قيام إيران بتزويد الحوثيين بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة انتحارية، كتلك التي تم استخدامها في الهجوم الإرهابي على أبوظبي. وقال موقع صحيفة «معريب»، أمس، إن هذه هي التجربة الثالثة على المنظومة في غضون أسبوعين. وإن وحدة الأبحاث وتطوير الوسائل القتالية والبنية التحتية التكنولوجية في وزارة الدفاع شرعت في شهر فبراير (شباط) الماضي في تطوير الصواريخ الاعتراضية لمنظومة «حيتس4»، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للدفاع من الصواريخ.
وقال وزير الدفاع، بيني غانتس، إن «إسرائيل تطور قدراتها المسلحة خطوة إثر خطوة، في سبيل صدّ التهديدات الإقليمية المتصاعدة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.