ماكرون سيشدد على استعادة «السيادة الأوروبية» خلال رئاسته للاتحاد

في الخطاب التقليدي أمام النوّاب في ستراسبورغ

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون سيشدد على استعادة «السيادة الأوروبية» خلال رئاسته للاتحاد

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

يقول العرف الأوروبي إن على الرئيس الدوري لمجلس الاتحاد الأوروبي أن يمثل أمام البرلمان لإلقاء خطاب يعرض فيه أولويات رئاسته وخطته للأشهر الستة التي سيتولى فيها مهمة قيادة الاتحاد والتحاور مع النواب الأوروبيين والإصغاء لرؤيتهم ولمطالبهم. ويعد الخطاب بمثابة انطلاقة للرئاسة الأوروبية التي تسلمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بداية الشهر الجاري وحتى يوليو (تموز) المقبل. والحال أن ماكرون يخوض انتخابات رئاسية في أبريل (نيسان) المقبل، وبالتالي فإن الفرصة ستتاح له لإبراز طموحاته الأوروبية وبالتالي التمايز عن منافسيه على المسرح السياسي الفرنسي. إلا أن مصادر قصر الإليزيه حرصت اليوم الثلاثاء في معرض تقديمها لزيارة ماكرون لمدينة ستراسبورغ حيث مقر البرلمان وللمحاور الرئيسية التي سيدور حولها خطابه، إلى نفي أي جانب له علاقة بالتنافس الرئاسي الداخلي.
بداية، تتعين الإشارة إلى أن ماكرون سيتكلم باسم الدول الأوروبية الـ27. وقالت مصادر الإليزيه إن المحور الرئيسي الذي سيدور حوله الخطاب هو مفهوم «السيادة الأوروبية» ورسم الطريق للوصول إليها. ومنذ وصوله إلى الرئاسة ربيع عام 2017، دافع ماكرون عن هذا المبدأ الذي كان يلقى معارضة شديدة من الدول التي كانت تنضوي سابقاً تحت الراية السوفياتية وحلف وارسو، فضلاً عن تحفظ عواصم رئيسية منها برلين. وكل هذه الأطراف كانت ترى أن الأفضل هو المحافظة على المظلة الأميركية والأطلسية. وتؤكد مصادر الإليزيه أن الأمور بدأت تتغير وغداً «سيرسم ماكرون السبيل للوصول إلى السيادة الأوروبية والدفاع عن النموذج الأوروبي، أي الديمقراطية والليبرالية الاقتصادية والنموذج الإنتاجي وحماية البيئة والحماية الاجتماعية للمواطنين». وتؤكد هذه المصادر أنه يتعين أن تكون أوروبا «قطب قوة واستقرار وأمن لها ولمحيطها المباشر في عالم غير مستقر، وأن يكون لها دور في المسائل التي تخصها مثل بنية الأمن الأوروبي».
هذا الملف عاد إلى الواجهة أوروبياً بداية الأسبوع الماضي عندما جرت محادثات أميركية - روسية «فاشلة» في جنيف بعيداً عن الأوروبيين، الأمر الذي دفع بهؤلاء إلى التشديد على ضرورة أخذ آراء الأوروبيين ومصالحهم بعين الاعتبار. وبعد اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية ونشر عشرات الآلاف من الجنود الروس على الحدود المشتركة مع أوكرانيا، تبين كم أن أوروبا كانت غائبة وكم أن موسكو تفضل الحوار مباشرة مع واشنطن متجاوزة الأوروبيين. وليست السيادة الأوروبية سياسية - دفاعية بل إنها تعني، وفق المنظور الفرنسي السيادة الصناعية، خصوصاً في المجالات التكنولوجية المتقدمة والسيبرانية والسيطرة على الحدود الخارجية للاتحاد وتعديل اتفاقية شينغن للتنقل الحر، وتوفير دفاع أوروبي قادر على الدفاع عن المصالح الأوروبية، بحيث لا يكون بالضرورة بديلاً عن الحلف الأطلسي بل إلى جانبه.
جميع هذه المواضيع ستكون مطروحة خلال قمة أوروبية ستنعقد في فرنسا في مارس (آذار) المقبل وستكون مهمتها الموافقة رسمياً على تبني ما يسمى «البوصلة الاستراتيجية» الأوروبية التي ستحدد سياسات الاتحاد حتى عام 2030 الدفاعية والأمنية. وقالت مصادر الإليزيه إن البوصلة أحد عناصر «السيادة الأوروبية». وبما أن القدرات المالية ستشكل عصب هذه البوصلة فإنه سيكون على القادة الأوروبيين أن يحددوا سقف الاستثمارات التي سيرصدونها للصناعات ومنها الدفاعية والمشاريع المشتركة بحيث تبقى أوروبا قوة صناعية رائدة ويعتد بها.
بيد أن الرئاسة الفرنسية تريد التوصل إلى نتائج ملموسة سريعاً جداً مثل الحد الأدنى للأجور وضريبة الكربون وإعادة النظر باتفاقية شينغن... ذلك الملف الأكبر «السيادة الاستراتيجية» يحتاج لسنوات ولا يمكن إنجازه في ستة أشهر خصوصاً أن ماكرون سيكون منهمكاً بحملة إعادة انتخابه، وبالتالي فإن رئاسته الفعلية لن تذهب أبعد من منتصف مارس (آذار) بانتظار حصول الانتخابات والتعرف على هوية الفائز بها. وثمة من يرى في رئاسته لأوروبا «رافعة» سيتوكأ عليها لفرض المواضيع التي سيدور حولها النقاش والجدل بينما يسعى اليمين الكلاسيكي واليمين المتطرف إلى فرض مواضيع الهجرة والأمن والإرهاب والإسلام والمواضيع السيادية الأخرى لأنه يرى فيها مدخلاً لمهاجمة ماكرون وإضعافه.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.