الحكومة الإسرائيلية لاتفاق مع اليمين يمنع لمّ شمل الفلسطينيين

نواب في القائمة المشتركة بينهم أيمن عودة وأحمد طيبي ضمن محتجين ضد مناقشة الكنيست لقانون لم الشمل يونيو الماضي (أ.ف.ب)
نواب في القائمة المشتركة بينهم أيمن عودة وأحمد طيبي ضمن محتجين ضد مناقشة الكنيست لقانون لم الشمل يونيو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية لاتفاق مع اليمين يمنع لمّ شمل الفلسطينيين

نواب في القائمة المشتركة بينهم أيمن عودة وأحمد طيبي ضمن محتجين ضد مناقشة الكنيست لقانون لم الشمل يونيو الماضي (أ.ف.ب)
نواب في القائمة المشتركة بينهم أيمن عودة وأحمد طيبي ضمن محتجين ضد مناقشة الكنيست لقانون لم الشمل يونيو الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت وزيرة الداخلية في الحكومة الإسرائيلية، إييلت شاكيد، أنها مصرة على تمرير القانون الذي يمنع لم شمل عائلات فلسطينية (إلا في حالات نادرة). وبذلك ألمحت إلى صحة المعلومات بأنها تجري مفاوضات مع المعارضة اليمينية في الكنيست (البرلمان) بقيادة بنيامين نتنياهو، على إيجاد صيغة مشتركة للقانون.
وقالت شاكيد، إنها تتوقع أن يتخذ اليمين المعارض موقفاً مسؤولاً تغلب به المصلحة الوطنية العليا، لمنع إغراق إسرائيل باللاجئين الفلسطينيين العائدين. وجاء هذا الموقف في أعقاب قرار حزبين في الائتلاف معارضة القانون المذكور، وهما: حزب ميرتس اليساري برئاسة وزير الصحة، نتسان هوروفتش، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس. وكان الحزبان قد صوتا مع القانون في شهر يوليو (تموز) الماضي، لكنه سقط في حينه، لأن ثلاثة نواب من الائتلاف تمردوا، فصوت أحدهم (عميحاي شيكلي من حزب رئيس الحكومة، نفتالي بنيت، «يمينا») ضد القانون، فيما امتنع نائبان من القائمة الموحدة، النائب مازن غنايم وهو مستقل، والنائب الراحل، سعيد الخرومي، عن التصويت، فتساوت أصوات الائتلاف والمعارضة (58:58). وسقط القانون.
وأعلن النائبان منصور عباس ووليد طه، وكذلك نواب حزب ميرتس، أمس، أنهم سيصوتون ضد القانون، بعد أن جُوبه تصويتهم السابق بمعارضة جماهيرية واسعة في صفوفهم. وقال النائب طه، أمس، إن «التصويت مع القانون كان خطأ»، وأضاف «لا حاجة للتصويت على قانون يعمق الظلم ضد شعبنا، وكنا مخطئين عندما صوتنا لصالح القانون وسنصوت ضده لاحقاً».
ويعني التصويت ضد القانون أنه سيسقط، لكن شاكيد مررت القانون بصيغته الحكومية في اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية في الحكومة الإسرائيلية، قبل أسبوع. وفي يوم الأول من أمس، الأحد، عملت شاكيد على تمرير صيغة أخرى متشددة أكثر ضد الفلسطينيين، كان قد تقدم به النائب سمحا روتمان من حزب اليمين المتطرف المعارض، «الصهيونية الدينية»، الذي يقوده بتسلئيل سموترتش. وجاءت هذه الخطوة مقدمة لتفاهم بين الحكومة والمعارضة على صيغة مشتركة تنقذ القانون. وقد قدم وزير الخارجية، يائير لبيد، استئنافاً على قرار اللجنة، الأمر الذي يستوجب طرح القانون لمناقشة موسعة في الحكومة.
والقانون المذكور يقيد فرص الموافقة على طلبات عائلات فلسطينية ممزقة ومشتتة، لجمع شملها. وقد قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اعتباره قانون تمييز عنصري. وتوجه مركز «عدالة» الحقوقي، برسالة إلى كل من المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبيت، ووزيرة الداخلية، شاكيد، ووزير القضاء ورئيس اللجنة الوزارية لسن القوانين، غدعون ساعر، يطالبهم فيها بعدم الموافقة على المقترح، والامتناع عن تمرير اقتراح هذا القانون. وأكد أن استمرارية هذا القانون يشكل خطورة تكمن في خلق تفرقة عنصرية على أساس المواطنة، ما يتماهى مع نهج الفوقية الإثنية اليهودية كما يُبينه أحد القوانين الأساسية الإسرائيلية، وهو قانون القومية.
وأشار مركز عدالة إلى أن اقتراح هذا القانون، بمثابة تمديد لقانون المواطنة الذي سُن في أغسطس (آب) 2003 كأمر مؤقت، ولكن الكنيست اعتمد على تمديده عاماً بعد الآخر (21 مرة) حتى إسقاط محاولة تمديده المرة الأخيرة في يوليو 2021، وقال إن القانون يحتوي على بند جديد، يملي على وزير الداخلية المصادقة على عدد طلبات محدد مسبقاً بشكل سنوي. ويطالب مقترحو القانون تمديده وتنفيذه إلى حين الموافقة على القانون البديل والثابت: «قانون الهجرة والدخول لإسرائيل» المقترح.
وقال مركز «عدالة» إن القانون منذ تم سنه في عام 2003، منع عشرات آلاف العائلات الفلسطينية على جانبي الخط الأخضر وقطاع غزة المحاصر والقدس، العيش معاً في بيت واحد، أكان ذلك زوجين مشتتين أو أباً محروماً من لقاء أولاده أو أمًّا أو أطفالاً محرومين من الأبوة أو الأمومة. واعتبره المركز «من القوانين الأكثر عنصرية على مستوى العالم»، لذلك طالب بشطبه فوراً، قائلاً: «لا توجد دولة واحدة في العالم تختار توطين ولم شمل أزواج وزوجات مواطنيها وفق انتمائهم القومي والإثني، ومن خلال تصنيفهم كعدو».
المعروف أن إسرائيل اتفقت مع السلطة الفلسطينية، خلال لقاء وزير دفاعها بيني غانتس مرتين مع الرئيس محمود عباس، على منح لم شمل لنحو 13500 فلسطيني. وهناك نحو 90 آخرين ينتظرون الحصول على مواطنة تجمع شملهم بعائلاتهم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.