مصر: حبس المتهم بتأسيس «حسم» يجدد مخاوف «إخوان الخارج»

جانب من خسائر عملية تفجير معهد الأورام في مصر عام 2019 المتهمة فيها حركة «حسم» (رويترز)
جانب من خسائر عملية تفجير معهد الأورام في مصر عام 2019 المتهمة فيها حركة «حسم» (رويترز)
TT

مصر: حبس المتهم بتأسيس «حسم» يجدد مخاوف «إخوان الخارج»

جانب من خسائر عملية تفجير معهد الأورام في مصر عام 2019 المتهمة فيها حركة «حسم» (رويترز)
جانب من خسائر عملية تفجير معهد الأورام في مصر عام 2019 المتهمة فيها حركة «حسم» (رويترز)

بين حين وآخر، تتجدد مخاوف «شباب الإخوان في الخارج» -في ظل «انقسام» بين «قيادات الخارج»- من الترحيل إلى القاهرة. وخلَّف حبس حسام منوفي، المتهم بتأسيس حركة «حسم الإرهابية» الموالية لتنظيم «الإخوان» الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»، مخاوف جديدة لدى «شباب الإخوان» من «السيناريوهات القادمة».
وحسب مراقبين، فإن «هناك قلقاً يتصاعد لدى الشباب، وسط (تجاهل) من قيادات التنظيم لهذا القلق». وقال الباحث المصري المتخصص في الحركات الأصولية عمرو عبد المنعم، إن «مخاوف (شباب الإخوان) ازدادت أكثر منذ تطبيق (ميثاق الشرف الإعلامي) على القنوات الإخوانية التي تصدر من تركيا، وظهرت تخوفات كبيرة تجاه مجموعات (الإخوان) ومكتب محمود حسين في إسطنبول، فضلاً عن تأثر الدعم الذي كان يوفره التنظيم للشباب، واستغلاله كسلاح ضد من يعارض أو يطالب بحقوق مختلفة عن حقوق القادة وحقوق الصف الأول للتنظيم، وهنا اتسعت دائرة مخاوف الشباب».
وقدَّر عبد المنعم عدد «شباب الإخوان» الموجود في تركيا بنحو «3 آلاف إلى 4 آلاف، ويتلقون ما يسمى (الدعم)، ويعمل بعضهم في الوظائف العليا بالتنظيم، أو في الفضائيات، أو مراكز الأبحاث، أو الأعمال التي تدر استثمارات كبيرة لدى (الإخوان) ومكاتبها».
وأضاف الباحث المصري المتخصص في الحركات الأصولية، أحمد زغلول، أن «الخوف والرعب موجود عند الشباب وعناصر التنظيم؛ خصوصاً في تركيا، وغيرها من الدول»؛ لافتاً إلى أن «عناصر (الإخوان) الموجودين في تركيا لا يستطيعون الخروج منها، وحتى تحركات القيادات قلَّت بشكل كبير أخيراً».
ووفق المراقبين، فإن «توقيف منوفي أعاد إلى أذهان الشباب (واقعة) تسليم تركيا الشاب محمد عبد الحفيظ (المحكوم عليه بالإعدام في قضية استهداف النائب العام المصري الأسبق) إلى مصر، وذلك في فبراير (شباط) عام 2019». وبشأن وجود عناصر «الإخوان» في السودان؛ أشار عبد المنعم إلى أن «السودان كان أبرز المحطات التي كان يهرب إليها (شباب الإخوان) عن طريق منافذ حدودية معروفة بالتهريب، وفي السودان كان يتم استقبالهم في (أماكن خاصة)، يتدرب فيها الشاب الإخواني على الأعمال القتالية والتنظيمية، وأعمال الهروب والتخفي، وكيفية التعامل مع أوراق هويته الشخصية، ليبدأ مرحلة جديدة من العمل (التنظيمي السري)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «يبلغ عدد (شباب الإخوان) في السودان من مجموعة (التنظيم السري) التابع للقيادي الإخواني يحيى موسى، أو من حركة (حسم) ما يقرب من 80 إلى 120 شاباً، ويتولى إدارة المجموعة شخص يدعى عبد الرحمن الشواف، وهو المسؤول عن تدريب الشباب، وتتراوح أعمارهم من 20 إلى 35 عاماً، معظمهم متهمون في (قضايا عنف) بمصر»، كاشفاً عن أن «اللافت في الأمر، أنه تم وضع هؤلاء الشباب بالكامل من قبل (الإخوان) على قوائم (المختفين قسرياً) خلال الفترة من 2017 وحتى 2018، وذلك بهدف استغلال التنظيم ذلك كـ(ورقة حقوقية)».
وقال زغلول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأوضاع في السودان الآن تغيرت، والسودان لم يعد الآن ملاذاً آمناً لـ(الإخوان) كما كان في السابق، وشباب التنظيم يدرك الآن أنه لم يعد هناك حواضن في السودان».
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية «حبس منوفي 15 يوماً على ذمة التحقيقات»، وذلك عقب توقيفه على متن طائرة قادمة من السودان ومتجهة إلى تركيا، هبطت في مصر اضطرارياً. وخلال اتخاذ الإجراءات الاعتيادية بمطار الأقصر (جنوب مصر)، تم إلقاء القبض عليه، بعد إجراءات الكشف عن اسمه ضمن قوائم ترقب الوصول، لاتهامه في «قضايا إرهابية». ويشار إلى أنه في عام 2017 أمرت سلطات التحقيق المصرية بـ«ضبط 96 متهماً من عناصر حركة (حسم) بسبب اتهامهم في تخطيط وتنفيذ (عمليات إرهابية)، وضمت القضية منوفي وبعض قيادات (الإخوان) في تركيا». وصادر بحق منوفي حكم بالإعدام «غيابياً» في القضية المعروفة إعلامياً بـ«تأسيس حركة (حسم الإرهابية)»، ومن المقرر أن تعاد إجراءات محاكمته من جديد.
وعن «السيناريوهات المقبلة» لصراع «قيادات الخارج»؛ أفاد عمرو عبد المنعم بأن «هناك (وثيقة سرية مسربة) نشرها (الإخوان) على (الإنترنت) تكشف أن هناك مكتباً ثالثاً يسمى (إداري مصر) قد قام بفصل محمود حسين ومجموعته في إسطنبول، وإبراهيم منير ومجموعته في لندن، وتعيين مجموعة أخرى تعتمد على (منهج بديل)»، مضيفاً: «وفق الوثيقة فإن (الضعف والشيبة) في (إشارة لمنير وحسين) هما اللذان يسيطران على رأس (الإخوان) الآن. وتهكمت الوثيقة على عدم قدرتهما على حسم الصراع»؛ موضحاً أن «الوثيقة تشير إلى وجود تنظيم آخر قد يتكون وينقضَّ على (جبهتي لندن وإسطنبول)، وهذا ما سوف تسفر عنه الأيام المقبلة».
من جهته، أكد أحمد زغلول أن «كلاً من (جبهتي لندن وإسطنبول) تظن أن معها (الشرعية)، وتصعِّد إعلامياً، وتفرض سياسة الأمر الواقع، ويصعب حالياً التوصل إلى توافق بينهما، فلا بد من تدخل طرف ثالث».
وكانت قد ارتفعت حدة الصراع بين «جبهتي لندن وإسطنبول» عقب قيام منير بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وعزل محمود حسين وآخرين، بينما قام حسين بعد ذلك بعزل منير، وتشكيل «لجنة للقيام بمهامه».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.