غالبية الإسرائيليين ترفض صفقة تنجي نتنياهو من السجن

في ثلاثة استطلاعات رأي مختلفة

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

غالبية الإسرائيليين ترفض صفقة تنجي نتنياهو من السجن

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو (رويترز)

بينما ألغى زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مشاركته في عدد من البرامج المهمة بسبب تفرغه للمفاوضات مع النيابة العامة حول إبرام صفقة ادعاء تعفيه من عقوبة السجن على مخالفات الفساد الخطيرة، وتوجه عبر شريط فيديو بالشكر إلى «الجماهير الغفيرة التي تتضامن معي»، أظهرت ثلاثة استطلاعات رأي جديدة أن غالبية الإسرائيليين ترفض الصفقة وتطلب الاستمرار في المحاكمة. ويأتي هذا الرأي الجماهيري الواسع مسانداً لعدد كبير من الخبراء والسياسيين الذين خرجوا بتصريحات حادة ضد الصفقة.
وخرجت وسائل الإعلام، اليوم الاثنين، بعشرات المقالات التي تبين أن الصفقة غير مسبوقة في سهولتها، لأنها المرة الأولى التي تتم فيها مسايرة قائد متهم بالفساد، لهذا الحد. وهاجمت المقالات القاضي أهرون باراك، الرئيس الأسبق لمحكمة العدل العليا والذي يعتبر أحد أهم المفكرين في عالم القانون والقضاء في التاريخ الإسرائيلي، وكان وسيطاً بين نتنياهو والنيابة العامة. وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على صدر صفحتها الأولى أن باراك طعن تاريخه المجيد في الصميم، بعدما كان محل تقدير هائل. فهو يبتعد كثيراً عن العدالة عنما يؤيد صفقة كهذه مع من حاول تحطيم جهاز القضاء وسلطة نفاذ القانون لمجرد قيامهم بدورهم في التحقيق مع نتنياهو والتوصية بمحاكمته.
وأجرت صحيفة «هآرتس» مقارنة بين الحكم المخفف على نتنياهو وحالات شبيهة في الماضي، واستغربت كيف يتم تخفيف العقوبة عن نتنياهو إلى هذا الحد. واعتبرت أن الحكم المخفف هو ليس تشجيعاً على الفساد فحسب بل تأكيد للفرية التي أطلقها نتنياهو ضد محققي الشرطة والنيابة زاعماً أنهم نسجوا ملف فساد ضده لأسباب سياسية «لأن الدولة العميقة قررت التخلص من حكمي».

وأظهر استطلاع قناة التلفزيون الرسمي («كان 11») أن 52 في المائة من المستطلعة آراؤهم يفضلون حسم قضايا فساد نتنياهو قضائياً في قاعة المحكمة، في حين يؤيد 28 في المائة التوصل إلى صفقة ادعاء معه، فيما قال 23 في المائة إنهم لم يتخذوا موقفاً من هذه المسألة. وفي استطلاع «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي التجاري تبيّن أن 51 في المائة من الجمهور الإسرائيلي يرفض التوصل إلى صفقة ادعاء مع نتنياهو، في حين يؤيد 31 في المائة مسار التسوية. وأما استطلاع «القناة 13» التلفزيونية، فأظهر تأييد 29 في المائة من المستطلعة آراؤهم التوصل إلى تسوية، في حين قال 46 في المائة إنهم يرفضون التوقيع على الصفقة، فيما قال 25 في المائة إنهم لا يعرفون الإجابة عن هذا السؤال.
ويرى العديد من مؤيدي نتنياهو أن الصفقة تظلمه ولذلك يعارضونها، فيما يرى معارضوه أنه مذنب ومتورط في الفساد ويجب أن يلقى العقاب، ولذلك يؤيدون استمرار المحاكمة.
لكن نتنياهو ماضٍ في المفاوضات حول الصفقة. وألغى اليوم كل اجتماعاته لكي يتابع شؤون الصفقة. ومع أنه كان قد طلب عقد جلسة برلمانية بحضور رئيس الوزراء نفتالي بنيت، وجند 40 عضو كنيست طلبوا الجلسة مثله، فإنه أبلغهم بأنه سيتغيب فألغيت الجلسة. وتنازل عن الإدلاء بخطاب سياسي في احتفال ذكرى تأسيس الكنيست. وشوهد نتنياهو وهو مع أفراد أسرته، زوجته سارة وولديه يائير وأفنير، وهو يغادر ليل الأحد - الاثنين، بيت أحد محامي العائلة، بعد البحث معه في إمكان المضي قدماً بالصفقة المعروضة عليه. ونقل عن مصدر مقرب أن زوجته وأولاده يعارضون هم أيضاً إبرام صفقة وينصحونه بمواصلة المحاكمة، «لأن الملفات القضائية تنهار». لكن محاميه ينصحونه بوقف المحكمة واغتنام فرصة وجود أبيحاي مندلبليت مستشاراً قضائياً للحكومة، مؤكدين أن وضعه القضائي غير مضمون واحتمالات الخسارة في القضية لا تقل عن احتمالات الربح.
وكان أنصار نتنياهو نظموا تظاهرة تطالب بإلغاء المحاكمة تماماً مساء الأحد. لكن معارضيه ردوا بتظاهرة مضادة، أمس، يحتجون فيها على صفقة ادعاء، وهتفوا ضده «يسقط نتنياهو».


مقالات ذات صلة

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

يربط فيلم «ملفات بيبي» بين فضائح الفساد التي تطارد نتنياهو واستراتيجياته للبقاء في السلطة، حتى لو كان الثمن استمرار الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شرطيان إيطاليان (رويترز - أرشيفية)

توقيفات ومصادرة 520 مليون يورو في تحقيق أوروبي بشأن المافيا والتهرب الضريبي

ألقت الشرطة في أنحاء أوروبا القبض على 43 شخصاً وصادرت 520 مليون يورو، في تحقيق أوروبي بمؤامرة إجرامية للتهرب من ضريبة القيمة المضافة.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية داني جوردان (رويترز)

اعتقال رئيس اتحاد جنوب أفريقيا لكرة القدم بسبب مزاعم فساد

ذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات في جنوب أفريقيا ألقت القبض على داني جوردان، رئيس الاتحاد الوطني لكرة القدم، الأربعاء؛ بسبب مزاعم بشأن استخدام أموال الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
الخليج «نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

شهّرت هيئة الرقابة السعودية بمواطنين ومقيمين تورطوا بعدة قضايا جنائية باشرتها خلال الفترة الماضية، والعمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جلسة مجلس الشعب السوري الأربعاء (سانا)

مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة عن اثنين من نوابه

رفع الحصانة عن النائبين في مجلس الشعب السوري جاء بعد يوم من إسقاط عضوية النائب أنس محمد الخطيب بسبب حصوله على الجنسية الأردنية إلى جانب السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».