آلاف المتظاهرين يحاولون الوصول للقصر الجمهوري في الخرطوم

الشرطة السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم

جانب من احتجاجات ضد «الانقلاب العسكري» في الخرطوم الخميس الماضي (أرشيفية - رويترز)
جانب من احتجاجات ضد «الانقلاب العسكري» في الخرطوم الخميس الماضي (أرشيفية - رويترز)
TT

آلاف المتظاهرين يحاولون الوصول للقصر الجمهوري في الخرطوم

جانب من احتجاجات ضد «الانقلاب العسكري» في الخرطوم الخميس الماضي (أرشيفية - رويترز)
جانب من احتجاجات ضد «الانقلاب العسكري» في الخرطوم الخميس الماضي (أرشيفية - رويترز)

خرج آلاف السودانيين مجدداً اليوم (الاثنين) في مظاهرات مناهضة لما عدّوه «انقلابا عسكريا» في البلاد، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
وأطلقت قوات الشرطة السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين حملوا الأعلام السودانية وكانوا في طريقهم إلى القصر الرئاسي في وسط العاصمة.
وأفاد شهود عيان بأن بعض المتظاهرين رفعوا صوراً للمغني والملحن السوداني الراحل مصطفى سيد أحمد الذي عُرف بالأغاني الثورية بالتزامن مع الذكرى الـ26 لوفاته.

وفي أم درمان، شمال غربي الخرطوم، قالت إحدى شهود العيان، وتدعى سوسن صلاح، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تجمع حوالي 3 آلاف متظاهر في شارع الـ40 وهم يحملون الأعلام وصور الشهداء، وأحرقوا الإطارات القديمة وأقاموا المتاريس لقطع الشارع».
وقال عماد محمد، من «مدني» عاصمة ولاية الجزيرة، والتي تبعد 186 كيلومتراً جنوب الخرطوم: «تجمع ألفا متظاهر يهتفون لحكم مدني كامل».
تأتي الاحتجاجات في وقت كان من المتوقع أن يصل فيه إلى العاصمة وفد أميركي على رأسه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد ومساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي في.

وتهدف الزيارة الأميركية إلى دعم مساعي الأمم المتحدة الأخيرة لحل الأزمة السياسية في السودان و«تسهيل انتقال مدني جديد إلى الديمقراطية».
وقبل زيارة السودان، يلتقي الوفد الأميركي في العاصمة السعودية «أصدقاء السودان»؛ وهي مجموعة تطالب بإعادة الحكومة الانتقالية في البلاد بعد الانقلاب العسكري.
والأسبوع الماضي، أعلن ممثل الأمم المتحدة في الخرطوم فولكر بيرثيز رسمياً إطلاق مبادرة تجرى بمقتضاها لقاءات ثنائية مع الأطراف المختلفة قبل الانتقال في مرحلة تالية إلى محادثات مباشرة أو غير مباشرة بينها.
ورحب «مجلس السيادة السوداني» بمبادرة الأمم المتحدة، واقترح إشراك «الاتحاد الأفريقي»، بينما أكد «ائتلاف قوى الحرية والتغيير» المناهض للانقلاب أنه سيقبل بالمبادرة إذا كان الهدف هو حكماً مدنياً.
وعطل عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي استكمال انتقال السلطة إلى المدنيين عبر اعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وغالبية القادة المدنيين وتعليق عمل «مجلس السيادة».
ومنذ ذلك الحين، يكثف الناشطون السودانيون المطالبون بحكم مدني ديمقراطي احتجاجاتهم في موازاة تصاعد العنف من قبل قوات الأمن بحق المتظاهرين، ما أسفر حتى الآن عن مقتل 64 متظاهراً على الأقل وسقوط مئات الجرحى.
إلا إن السلطات الأمنية تنفي بانتظام استخدام الذخيرة الحية في مواجهة الاحتجاجات، واتهمت بعض المتظاهرين بعدم التزام السلمية في المسيرات والتسبب في مقتل ضابط وإصابة عشرات أفراد الأمن.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».