تحويل السكر إلى أحد جزيئات البنزين

باستخدام بكتيريا وأحد المُحفزات

TT

تحويل السكر إلى أحد جزيئات البنزين

نجح باحثون من جامعة بافالو الأميركية في تحويل الغلوكوز (نوع من السكر) إلى أوليفينات (نوع من الهيدروكربون، وواحد من عدة أنواع من الجزيئات التي يتكون منها البنزين)، وهي خطوة تمثل تقدما في الجهود المبذولة لخلق وقود حيوي مستدام.
وخلال الدراسة المنشورة 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في دورية «نيتشر كميستري»، أبلغ الفريق البحثي عن تفاصيل عملية إنتاج الأوليفينات، والتي تعتمد على خطوتين، تستخدم فيها ميكروبات آكلة للسكر، ومحفز.
والأوليفينات تشكل نسبة صغيرة من جزيئات البنزين، لكن العملية التي طورها الفريق البحثي يمكن تعديلها في المستقبل لتوليد أنواع أخرى من الهيدروكربونات أيضاً، بما في ذلك بعض المكونات الأخرى للبنزين، كما أن الأوليفينات لها تطبيقات غير الوقود، حيث يتم استخدامها في مواد التشحيم الصناعية وفي صناعة البلاستيك.
ولإنتاج الأوليفنات، بدأ الباحثون بتغذية سلالات من الإشريكية القولونية التي لا تشكل خطرا على صحة الإنسان بالغلوكوز، فهذه الميكروبات مدمنة للسكر، بل أسوأ من أطفالنا، كما تقول تشن وانغ، الأستاذة المساعدة في جامعة بافالو للعلوم البيولوجية، وخبيرة في البيولوجيا التركيبية، والباحث الرئيسي بالدراسة، مازحة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشرها.
وتمت هندسة الإشريكية القولونية في التجارب وراثياً لإنتاج مجموعة من أربعة إنزيمات تقوم بتحويل الغلوكوز إلى مركبات تسمى الأحماض الدهنية «هيدروكسي - 3»، وعندما استهلكت البكتيريا الجلوكوز، بدأت أيضاً في إنتاج الأحماض الدهنية.
ولإكمال التحول، استخدم الفريق محفزاً يسمى خامس أكسيد النيوبيوم (Nb2O5) لتقطيع الأجزاء غير المرغوب فيها من الأحماض الدهنية في عملية كيميائية، مما ينتج عنه المنتج النهائي: الأوليفينات.
وحدد العلماء الإنزيمات والمحفز من خلال التجربة والخطأ، واختبروا جزيئات مختلفة بخصائص تهيئ نفسها للمهام المطروحة.
تقول وانغ «قمنا بدمج أفضل ما يمكن أن تفعله الأحياء مع ما يمكن للكيمياء أن تفعله بشكل أفضل، وقمنا بتجميعهما معاً لإنشاء هذه العملية المكونة من خطوتين، وباستخدام هذه الطريقة، تمكنا من إنتاج الأوليفينات مباشرة من الجلوكوز».
ويأتي الغلوكوز من عملية التمثيل الضوئي التي تسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ومن ثم فإن إنتاج الوقود الحيوي من مصادر متجددة مثل الغلوكوز لديه إمكانات كبيرة لتطوير تكنولوجيا الطاقة الخضراء، كما تؤكد وانغ.
وتضيف «تنتج النباتات الغلوكوز من خلال عملية التمثيل الضوئي، والتي تحول ثاني أكسيد الكربون والماء إلى أكسجين وسكر، لذا فإن الكربون الموجود في الغلوكوز - ولاحقاً الأوليفينات - هو في الواقع من ثاني أكسيد الكربون الذي تم سحبه من الغلاف الجوي».
ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم فوائد الطريقة الجديدة وما إذا كان يمكن زيادتها بكفاءة لصنع الوقود الحيوي أو لأغراض أخرى.
وأحد الأسئلة الأولى التي يجب الإجابة عليها هو مقدار الطاقة التي تستهلكها عملية إنتاج الأوليفينات، فإذا كانت تكلفة الطاقة مرتفعة للغاية، فستحتاج التكنولوجيا إلى التحسين لتكون عملية على المستوى الصناعي.
ويهتم العلماء أيضاً بزيادة العائد، فحالياً، يتطلب الأمر 100 جزيء غلوكوز لإنتاج حوالي 8 جزيئات أوليفين، ونحن نرغب في تحسين هذه النسبة، مع التركيز على دفع بكتيريا الإشريكية القولونية لإنتاج المزيد من الأحماض الدهنية «هيدروكسي – 3»، لكل غرام من الغلوكوز المستهلك.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»