عائلات في صنعاء تشكو تجنيد الحوثيين صغارها

TT

عائلات في صنعاء تشكو تجنيد الحوثيين صغارها

مع الانتصارات الكبيرة التي تحققها ألوية العمالقة وقوات الجيش اليمني، صعدت الميليشيات الحوثية من عملية تجنيد طلبة المدارس وملاحقة شيوخ القبائل الذين يرفضون حشد المزيد من المقاتلين لتغطية العجز الكبير في عناصرها جراء الخسائر التي تكبدتها خلال مواجهات الأسابيع الثلاثة الأخيرة في محافظتي شبوة ومأرب.
في هذا السياق شكت إحدى الأسر من اختطاف اثنين من أبنائها من مدرستهما في صنعاء وإلحاقهما بجبهات القتال بعد يومين على تصفية شيخ قبلي رفض حشد المزيد من المقاتلين في صعدة.
مصادر قبلية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن قادة الميليشيات كثفوا من زياراتهم إلى المناطق القبلية منذ الأسبوع الماضي، وأنهم يضغطون على شيوخ القبائل لحشد المزيد من المقاتلين، وبالذات من محافظات ذمار وعمران وصعدة، وبعض مديريات محافظة البيضاء لتغطية العجز الناتج عن الخسائر التي تكبدتها في جبهات القتال في محافظتي شبوة ومأرب.
وبحسب المصادر، هددت قيادات الحوثي بعزل كل شيخ يعجز عن حشد 50 مقاتلا من كل عزلة من العزل، كما منحت مشرفيها وشيوخ القبائل المتعاونين معها حرية فرض جبايات على الأسر التي ترفض إلحاق أبنائها في الجبهات، وقاموا بفرض مبالغ مالية تصل إلى مليون ريال على كل من يرفض إرسال ابنه إلى الجبهات (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
ووفق ما ذكرته المصادر فإن من يوافق على إلحاق أبنائه بمعسكرات التدريب يحصل على راتب شهري إلى جانب ضمانة بوضع اسمه وعائلته في مقدمة المستفيدين من المبالغ المالية التي يوزعها برنامج الغذاء العالمي كبديل للمواد الغذائية في مناطق سيطرة الميليشيات، حيث تصل هذه المبالغ إلى 120 ألف ريال أي ما يعادل 200 دولار أميركي لكل أسرة يبلغ عدد أفرادها ستة أشخاص، وهي مبالغ كبيرة في المناطق التي تعاني من انعدام مصادر الدخل والأمن الغذائي حيث إن رواتب الموظفين المقطوعة منذ خمسة أعوام تساوي مائة دولار أميركي في الشهر.
وفي السياق نفسه خرج أحد شيوخ القبائل في محافظة عمران (شمال صنعاء) عن المألوف، وشكا من قيام الميليشيات الحوثية بأخذ اثنين من أحفاده من مدرستهم في العاصمة صنعاء وإلحاقهم بجبهات القتال، وناشد زعيم الميليشيات لإعادتهما إلى أسرتهما، حيث إن سن الأول 10 سنوات والآخر 12 سنة فقط.
وقال الشيخ صالح محسن الغشمي في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي إنه تفاجأ بأخذ الولدين (عمر بشير الغشمي 12 سنة) وشقيقه (معمر 10 سنوات) من داخل مدرستهما بسعوان (حي سكني شرق صنعاء) من قبل مشرفي الجماعة الحوثية.
وأضاف أنه يحمل المسؤولية من قاموا بأخذ الطفلين إلى معسكرات التدريب التي قال إنه لا يريد أن يذكر اسمها، داعيا قادة الميليشيات إلى إلزام المشرف أبو عقيل الحشيشي وأبو هاشم مشرف سعوان بإرجاع حفيديه إلى مدرستهما في أسرع وقت.
هذه المطالبة أتت بعد يومين على مقتل الشيخ عبد الرحمن مرداس واثنين من أقربائه، هما: بدر وجمال، في محافظة صعدة، خلال كمين نصبه لهما مسلحون من عناصر الميليشيات الحوثية على الطريق الرابط بين مدينة صعدة وخولان بن عامر. حيث اتُهم المشرف علي سيلة بالوقوف وراء العملية التي أطلق خلالها النار بكثافة على السيارة التي كان الشيخ مرداس ومن معه يستقلونها، وهو ما جعلهما يفارقان الحياة على الفور.
المصادر اليمنية التي تحدثت على الواقعة، ذكرت أن تصفية الزعيم القبلي جاءت على خلفية رفضه الاستجابة لمطالب الميليشيات بتحشيد مقاتلين إلى جبهتي مأرب وشبوة، حيث نشب خلاف بين الرجل وهو أحد أبرز أعيان ووجهاء منطقة بني بحر التابعة لقبائل خولان بن عامر، مع حد المشرفين الحوثيين على خلفية هذا الموقف، والذي ترجح المصادر أنه كان وراء تصفية الشيخ مرداس.
وإثر مقتله، قالت المصادر إن المئات من أبناء قبيلة خولان بن عامر في محافظة صعدة احتشدوا لتدارس الرد على هذه الجريمة، حيث طرحت فكرة استدعاء أغلب المقاتلين من أبناء القبيلة المشتركين في جبهات الحوثي ضد ألوية العمالقة والجيش الوطني في جبهات مأرب وشبوة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.