«يوتيوب»... بين نشر المعلومات «الزائفة» ومحاربتها

عقب عودة مطالب بضرورة التحقق من الأخبار

«يوتيوب»... بين نشر المعلومات «الزائفة» ومحاربتها
TT

«يوتيوب»... بين نشر المعلومات «الزائفة» ومحاربتها

«يوتيوب»... بين نشر المعلومات «الزائفة» ومحاربتها

في خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول قدرة منصة «يوتيوب» على مكافحة «المعلومات الزائفة» خصوصاً حول فيروس «كوفيد - 19»، عدّ تحالف عالمي من «مجموعات متخصصة في التحقق من المعلومات» منصة «يوتيوب» بمثابة «قناة رئيسية لـ(المعلومات غير اللائقة) عبر الإنترنت». واتهم «هذا التحالف العالمي» منصة الفيديوهات الشهيرة التابعة لـ«غوغل» بـ«عدم اتخاذ إجراءات كافية للحد من انتشار (المعلومات) الخاطئة على (الإنترنت)».
اتهامات «التحالف العالمي» دفعت خبراء الإعلام والمتخصصين إلى الإشارة إلى أن «جائحة (كوفيد - 19) أبرزت دور منصة (يوتيوب) في حالة (الاضطراب المعلوماتي) حول وباء (كوفيد - 19)، ومدى فاعلية اللقاحات». وشدد بعضهم على «أهمية التعاون الإيجابي بين المنصات العاملة على التحقق من المعلومات على مستوى العالم، لرصد أي (معلومات مظللة)». في المقابل قالت «يوتيوب» إنها «استثمرت بكثافة في سياسات الحد من انتشار (المعلومات الخاطئة)، في جميع دول العالم، لربط المستخدمين بمصادر موثوقة، وحذف مقاطع الفيديو المخالفة».
ووفق رسالة وجهها «التحالف العالمي» الذي يضم 80 مجموعة دولية متخصصة في التحقق من المعلومات، بينها «فول فاكت» في بريطانيا، و«فاكت تشيكر» بالولايات المتحدة الأميركية، إلى «يوتيوب»، فإن «المنصة تنشر محتوى (زائفاً) لأطباء حول (كوفيد - 19)، وبعض الفيديوهات التي تدعم (نظرية المؤامرة) فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة الأميركية».
الرسالة التي نشرت محتواها صحيفة «الغارديان» البريطانية، الأسبوع الماضي، أشارت إلى أن «(يوتيوب) يعد سلاحاً للترويج لـ(المعلومات الزائفة)، والتلاعب، واستغلال الآخرين، حيث يعد منصة رئيسية لنشر (الأكاذيب)، دون إجراءات فاعلة للحد منها». الرسالة طالبت المنصة التابعة لـ«غوغل» بـ«تمويل إجراء بحث مستقل حول عمليات التضليل على المنصة، وتوفير وسائل للإبلاغ عن أي محتوى (زائف) داخل الفيديوهات، وإيقاف الترويج لمقاطع الفيديو التي تروّج لـ(المعلومات الزائفة)، واتخاذ كل الإجراءات للحد من انتشار (الأكاذيب) في مقاطع فيديو بلغات أخرى غير الإنجليزية».
محمود غزيّل، الصحافي اللبناني، والمدرّب في مجال التحقق من المعلومات، قال إن «منصة (يوتيوب) وفقاً لعدد الزوار والمدة الزمنية التي يشاهد عبرها مقاطع الفيديو للحصول على معلومات، تحتل المركز الثاني كأبرز محرك بحث عن معلومات، بعد محرك البحث (غوغل)، وبذلك فهي تتحمل المسؤولية عن المحتوى الذي تتم مشاركته من الجمهور، وليس فقط من المنصات المعروفة أو الموثقة أو المدفوعة». وأضاف غزيل في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «جائحة (كوفيد - 19) أبرزت دور منصة (يوتيوب) في حالة (الاضطراب المعلوماتي) حول الوباء من ناحية طبيعة الفيروس، والوقاية منه، ومدى فاعلية اللقاحات». ويتابع أن «(المعلومات المضللة) التي يمكن العثور عليها عبر (يوتيوب) ليست من ذلك النوع سهل التمييز؛ بل توجد فيديوهات مدعومة من أطراف، وربما دول تروّج لـ(معلومات زائفة) حول وباء (كوفيد - 19)».
من جانبه، قال فادي رمزي، الخبير المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، إن «(يوتيوب) يروّج لـ(معلومات زائفة) حول الجائحة بشكل واضح وكثيف، وهو آخر منصة تبذل جهوداً لمكافحة (الخلل المعلوماتي) حول الوباء، متأخراً عن منصات أخرى مثل (فيسبوك) و(تويتر)، اللتين نفّذتا تحالفات مع منظمات للتحقق من المعلومات، بهدف الحد من هذا (الخلل المعلوماتي)». وأضاف رمزي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «(معهد رويترز لدراسات الصحافة) تبنى أخيراً مشروعاً بحثياً لدراسة معدل الثقة في الأخبار... وفي تقريره قبل الأخير، وجد أن (يوتيوب) أقل منصة يثق بها الجمهور بالولايات المتحدة، ويحتل المستوى الثالث في بريطانيا».
و«منصة (يوتيوب) تحتل المركز السادس في معدل الثقة لدى الجمهور المستهلك في الولايات المتحدة الأميركية، بعد (غوغل)، و(إنستغرام)، و(فيسبوك)، و(واتساب)، و(تويتر) على التوالي، بينما تحتل منصة (يوتيوب) المركز الثالث بعد (غوغل) و(إنستغرام) في بريطانيا»، وذلك حسب تقرير «معهد رويترز لدراسات الصحافة» الصادر في سبتمبر (أيلول) 2020.
ووفق رسالة «التحالف العالمي»، وهو عبارة عن تحالف من مدققي المعلومات يمثل 40 دولة، بينها الهند ونيجيريا والفلبين وكولومبيا وإسبانيا، فإن «(يوتيوب) فشل في الحد من انتشار (المعلومات الزائفة) في مختلف دول العالم، خصوصاً في دول الجنوب والتي تشمل أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، مما يشير إلى مشكلة فيما يتعلق بمواجهة المحتوى المنشور بلغات أخرى غير الإنجليزية».
وهنا يرى غزيل أن «(يوتيوب) ما زال يرى أن العالم برمّته يتكلم اللغة الإنجليزية، وبالتالي يرى أن المشكلة الأبرز في (المعلومات المضللة والكاذبة) بشكل عام تتعلق بالمواد الناطقة باللغة الإنجليزية، بينما على أرض الواقع هناك قرابة 6500 لغة محكية حول العالم، والناطقون باللغة الإنجليزية لا يتجاوز عددهم 1.5 مليار شخص حول العالم من أصل 7.7 مليار إنسان على الكرة الأرضية، وبالتالي هناك شعوب بأعداد كبيرة لا تزال خارج رادار مكافحة (التضليل المعلوماتي) على الإنترنت وبخاصة على (يوتيوب)».
من جهة أخرى، تعليقاً على رسالة التحالف الدولي لمدققي المعلومات. تقول إيلينا هيرنانديز، متحدثة باسم «يوتيوب»، في تصريحات نشرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية، إن «(يوتيوب) استثمرت بكثافة في سياسات الحد من انتشار (المعلومات الخاطئة)، في جميع دول العالم، لربط المستخدمين بمصادر موثوقة وحذف مقاطع الفيديو المخالفة، وحققنا تقدماً في ذلك».
لكن رمزي أكد أن «إجراءات (يوتيوب) للحد من (الأخبار والمعلومات الزائفة) غير فعّالة، ودائماً متأخرة»، وهو ما أشارت إليه مؤسسة «فيرست درافت» في تقريرها رداً على إجراءات «يوتيوب» التي ادّعى فيها حذف كل «المعلومات الخاطئة حول لقاحات (كوفيد - 19)».
من جهته، قال غزيل إنه «على مدار السنوات الماضية، حاولت (ألفابت) الشركة الأم لـ(غوغل) اتخاذ بعض الإجراءات؛ إلا أنها لا تزال دون المستوى، فالمقاطع التي تستعرض (معلومات مزيفة) حول (كوفيد - 19) تبقى وتنتشر ولا يزال منها سوى قلة قليلة جداً بعد أن تكون هناك حملة وحديث ما حولها، وبالتالي فإن العدد الأكبر من (المواد المضللة) يعاد نشرها بأكثر من طريقة».
وحقاً نشرت مؤسسة «فيرست درافت» تقريراً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حللت فيه نتائج إعلان منصة «يوتيوب» في سبتمبر الماضي، عزمها حذف جميع الفيديوهات التي تتضمن محتوى خاطئاً حول اللقاحات، قالت فيه إنه «بالبحث عن كلمة لقاح باللغة الإنجليزية، تم العثور على فيديوهات تنتقد اللقاحات بين أكثر من خمسين فيديو متداولاً».
وحول مكافحة انتشار «المعلومات المضللة والزائفة» على «يوتيوب»، أكد غزيل أن «خطوات كالتي اتخذها تحالف مدققي المعلومات في رسالته إلى (يوتيوب) ترسم الطريق وتضع أسساً لمواجهة (الخلل المعلوماتي)، حتى طريق وضع الحقائق أمام المستخدم». وشدد على «أهمية التعاون الوثيق والإيجابي بين المنصات العاملة على التحقق من المعلومات على مستوى العالم، وبخاصة في المنطقة العربية لرصد هذا النوع من المعلومات».
ويتفق معه رمزي في «أهمية تحالف مجموعات مدققي المعلومات على مستوى العالم للضغط على منصات التواصل الاجتماعي لاتخاذ إجراءات أكثر فاعلية للحد من انتشار (المعلومات الزائفة)، إضافةً إلى أهمية دور الإعلام في التحقق مع المعلومات وعدم نشرها؛ إلا بعد التأكد من صحتها، حتى لو كانت المعلومات عبارة عن فيديو، فمع وجود تقنية (الديب فيك) أصبح تزوير الفيديو ممكناً».


مقالات ذات صلة

صحافيون معرّضون للخطر بعد تفكيك ترمب وسائل إعلام مموّلة أميركياً

العالم مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)

صحافيون معرّضون للخطر بعد تفكيك ترمب وسائل إعلام مموّلة أميركياً

حذّرت منظمة «مراسلون بلا حدود»، الاثنين، من أن الخطوات التي يتّخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتفكيك وسائل إعلام عالمية تموّلها الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
إعلام سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث لبرنامج «الليوان» (روتانا خليجية)

وزير الإعلام السعودي: لدينا حرية منضبطة وإعلامنا الأقوى عربياً

عدَّ سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، إعلام بلاده الأقوى والأكثر تأثيراً وانتشاراً عربياً، ومشاريع «رؤية 2030» أهم أذرعه لمخاطبة العالم.

جبير الأنصاري (الرياض)
الولايات المتحدة​  مبنى إذاعة صوت أميركا (ا.ب)

ترمب يجمد عمل إذاعات موجهة للخارج من بينها «صوت أميركا»

جمدت إدارة الرئيس دونالد ترمب، السبت، عمل الصحافيين العاملين في إذاعة صوت أميركا وغيرها من وسائل الإعلام الممولة من حكومة الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
سفر وسياحة «جرائم المال» من «الشرق» الأول في فئة «بودكاست الأعمال» على «أبل» (SRMG)

منصات «SRMG» تتصدر المراتب الأولى في «أبل بودكاست»

تصدَّرت منصات المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، قائمة «الأعمال» على «بودكاست أبل» في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ نظير أعمالها المتميزة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الوزير سلمان الدوسري مع الفائزين بـ«جائزة التميّز الإعلامي» الخامسة (وزارة الإعلام)

السعودية: «جائزة التميز الإعلامي» تتوِّج الفائزين بنسختها الخامسة

احتفت وزارة الإعلام السعودية بالفائزين بـ«جائزة التميّز الإعلامي» الخامسة من المؤسسات والشخصيات ذات البصمات البارزة والجهود النوعية في مختلف مجالات القطاع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وزير الإعلام السعودي: لدينا حرية منضبطة وإعلامنا الأقوى عربياً

سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث لبرنامج «الليوان» (روتانا خليجية)
سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث لبرنامج «الليوان» (روتانا خليجية)
TT

وزير الإعلام السعودي: لدينا حرية منضبطة وإعلامنا الأقوى عربياً

سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث لبرنامج «الليوان» (روتانا خليجية)
سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث لبرنامج «الليوان» (روتانا خليجية)

عدَّ سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، إعلام بلاده الأقوى والأكثر تأثيراً وانتشاراً عربياً، ومشاريع «رؤية 2030» أهم أذرعه لمخاطبة العالم، مشيراً إلى وجود «حرية منضبطة لديه، وبمستوى يناسب ثقافة المملكة، وسقف مرتفع مقارنة بالدول المحيطة».

وأكد الدوسري في برنامج «الليوان» مع الإعلامي السعودي عبد الله المديفر على قناة «روتانا خليجية» منتصف ليل الأحد/ الاثنين، أن الحكومة لا تطالب وسائل الإعلام بمدحها، وقال: «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لا يقبل المدح، ولا يرضى بالمدح الزائف. نحن نعمل معه ونسمع منه ونعرف أن هذا توجهه، لكن هناك فرق بين إظهار إنجازاتنا - وهذا دور أصيل لوسائل الإعلام، - وبين المدح الزائف غير المقبول وغير المطلوب».

وأضاف الوزير: «هناك حس مسؤولية عالي لدى وسائل الإعلام والإعلاميين في المملكة، واليوم أصبحت لدى الصحافي رقابة ذاتية فهو يعرف مصالح الدولة، ويستطيع أن يتفادى الحساسيات أو يقف عند حد معين يحدده بنفسه، كذلك المؤسسات الإعلامية. ونعول على ذلك الحس كثيراً لا على الرقابة اليومية غير الموجودة لدينا»، متسائلاً: «إذا لم تكن هذه حرية إعلامية فأين هي؟».

وزير الإعلام تحدَّث عن الفرق بين إظهار الإنجازات والمدح الزائف (روتانا خليجية)

ونوّه الدوسري بأن «المطلوب من الإعلاميين هو القيام بدورهم، وأحد الأدوار الأصيلة المناطة بهم هي كشف العيوب، ونحن نشجعهم على ذلك ما دام ذلك ضمن الحرية المنضبطة، ومن حقهم على المواطنين أن يتحدثوا بالطريقة المناسبة التي يرونها في خدمة بلدهم»، عادَّاً «انتقاد وسائل الإعلام الخدمات جزءاً من واجبها الأصيل، وهي تقدم بذلك خدمة للحكومة، ولا نعتبره أمراً سلبياً».

وأشار وزير الإعلام إلى «ضرورة أخذ المرحلة الزمنية والظروف الإقليمية في الاعتبار»، ذلك أن التوقيت قد يكون غير مناسب لقضايا معينة في وقت ما والعكس في وقت آخر، مؤكداً: «يجب الأخذ بالمصلحة العامة، وأن تكون لدينا حرية مسؤولة فيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية والدول الشقيقة». وزاد: «لا نقول إن مراعاة الحساسيات هي قدرة الدولة على التدخل في وسائل الإعلام، بل هي في الحقيقة قدرة الارتقاء بالمصلحة العامة من قبل وسائل الإعلام نفسها، وهذه مسؤولية كبيرة، وثقة وضعتها الدولة في الإعلام الخاص، وأرى أنه كان على قدر المسؤولية في كل الأوقات».

سلمان الدوسري يرى أن الإعلام الخاص كان على قدر المسؤولية في كل الأوقات (روتانا خليجية)

وحول رضا المجتمع السعودي عن الإعلام، يرى الدوسري أنه «من حق الناس أن تكون تطلعاتهم عالية في إعلامهم، لكن لدينا انطباعات وحقائق»، مضيفاً: «فيما يتعلق بالحقائق عندما ننظر للإعلام السعودي لدينا ثلاثة أركان له، وهي: المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) بمطبوعاتها وتاريخها وحضورها القوي جداً في كل مكان، ومجموعة (إم بي سي)، و(روتانا) بمجموعة قنواتها ومكتبتها الضخمة غير الموجودة في أي دولة عربية».

وتابع الوزير: «عندما ننظر اليوم إلى منصة (شاهد) على سبيل المثال التي تصل إلى 70 في المائة من المنازل العربية، والمشاهد للقنوات السعودية هو الأعلى، والإعلام السعودي الذي يتبع القطاع الخاص يعدّ الأكثر تأثيراً وقوة وانتشاراً في الدول العربية»، مواصلاً: «عندما نأتي لبرامج البودكاست، تتصدر السعودية المشهد عربياً؛ على سبيل المثال لدينا (بودكاست ثمانية) التابع للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام؛ 300 مليون مشاهد ومستمع له في عام 2024، بينهم 68 في المائة داخل السعودية و32 في المائة خارجها. ولدينا 52 مليون حساب سعودي في (يوتيوب) و(إنستغرام) و(إكس) وبقية المنصات، وهؤلاء جزء أساسي من إعلامنا».

سلمان الدوسري استعرض قوة وتأثير الإعلام السعودي عربياً (روتانا خليجية)

وزاد الدوسري: «قد يكون لدى البعض انطباعات، لكن عندما ننظر إلى هذه الحقائق، نجد أن الإعلام السعودي مؤثر ويصل ويضع بصمة في كل مكان، ومع ذلك نحن مطالبون بالارتقاء به ليكون قوياً جداً ويرتقي برؤية السعودية 2030»، مبيناً أن «الحقائق هي من تتكلم، وجعلت إعلامنا الأقوى عربياً، والأكثر مشاهدة والأكثر وصولاً، وهذا ما يؤكد إذا كان يمثلنا أم لا».

وعن التحديات التي تواجه الإعلام السعودي، يعتقد الوزير أن التحدي الحقيقي هو القدرة على مواكبة التقنية في القطاع. ويرى أنه «ليس هناك إعلام قديم وجديد، بل إعلام وطني يُقدِّمك سواءً كان قناة تلفزيونية أو موقعاً إلكترونياً أو حساباً على منصة تواصل اجتماعي، ونحن نُقدِّم محتوى بشكل إيجابي وأكثر بكثير من المحتوى السلبي أو الهابط، لكن التحدي الحقيقي هو مواكبته مع التقنية».

وفيما يتعلق بموت الصحافة الورقية، علّق وزير الإعلام، قائلاً: «لا يقلقني ذلك لأن الورق وسيلة وليس غاية، بل يقلقني موت الصحافي. عندما نتحدث عن أركان الإعلام السعودي الثلاثة فأساسها هو الصحافي، وعندما نتحدث عن المحتوى الإيجابي وصانع التأثير وصانع المحتوى فأساسها الصحافي»، مضيفاً: «في الفترة السابقة، كان المطبخ الصحافي هو الذي يصنع الصحافيين، ومع غياب الصحافة الورقية، أصبح هناك صعوبة في إيجادهم». وأكد: «ما يجب أن نعمل عليه اليوم هو بقاء الصحافي، ونحن دورنا كمُمكِّن نحافظ عليه من الموت عبر الأكاديميات الإعلامية الموجودة والشراكات مع الشركات الكبرى مثل (غوغل) و(أمازون) وغيرها ومع الوزارات والهيئات».

وزير الإعلام أعرب عن قلقه من موت الصحافي بعد غياب الصحافة الورقية (روتانا خليجية)

وعن مستقبل القطاع في البلاد، قال الدوسري: «لدينا في الإعلام السعودي ركيزتان أساسيتان، هما: الإعلام الوطني، واقتصاديات الإعلام. عندما نتحدث عن الأول فهو هادف بكل منصاته، ويُمثِّل رؤية المملكة ويرتقي بها في 2030، أما الجانب الآخر فللأسف وفي فترات كثيرة كان الإعلام عبئاً على الدولة، ونحن بحاجة لرفع مساهمته في الناتج المحلي البالغة اليوم أقل من 1 في المائة عند 0.4 في المائة، ولكن نستهدف رفعها بنسبة 150في المائة بحلول 2030».

وحول فرص التوظيف في القطاع، أكد أهمية هذا الملف بالنسبة لمنظومة الإعلام، مشيراً إلى أنه «في عام 2023 وصلنا لأكثر من 60 ألف وظيفة، ونستهدف الوصول إلى 150 ألف وظيفة بحلول 2030 بزيادة 100 في المائة عن الوظائف الحالية».

وبشأن تسرب إيرادات الإعلانات إلى الخارج، عدَّ الوزير السوق والمعلن والإعلام السعودي الأكبر في المنطقة العربية، «والفاقد من الإعلانات الذي يذهب لخارج البلاد يصل إلى 90 في المائة بدلاً من أن يُسجَّل ضمن مساهمة الإعلام في الناتج المحلي»، متابعاً: «لذلك نحن نستهدف توطين مثل هذه الصناعة، وبقاء كل الإنفاق الإعلاني في وسائل الإعلام والجهات السعودية داخل المملكة، وعدم تسرُّبه خارجياً».

سلمان الدوسري أكد السعي لتوطين صناعة الإعلان لمنع تسرَّب إيراداتها إلى الخارج (روتانا خليجية)

وحول المحتوى الهابط، لفت الدوسري إلى وجود ثلاثة أنواع من المحتوى عموماً، «الأول (الإيجابي)، وهو ما يُعزِّز القيم المجتمعية والهوية الوطنية، وهذا تدعمه الدولة بالكامل عبر جوائز ومبادرات لتعزيزه. والثاني (المقبول اجتماعياً)، ولكنه ليس متميزاً وليس مسيئاً، وهو الغالب بنسبة 90 في المائة من المحتوى اليوم»، مردفاً: «أما الثالث (المخالف)، وهو الذي لا تقبل به التشريعات والقوانين، ومنه على سبيل المثال مظاهر الثراء الزائف في مواقع التواصل الاجتماعي، التي نتخذ موقفاً قوياً جداً ضدها، لكن إذا أردت أن تظهر الثراء فهذا شيء آخر».

ونوّه الوزير بأن «المجتمع هو الذي يحدد الذائقة، سواء نرتقي أو نقبل بها، وله دور ضد المحتوى الهابط الذي تخالفه منظومة الإعلام»، مشيراً إلى أن أفضل عقوبة لمشاهير ذلك المحتوى هي التخلي عن متابعتهم، وعدم تسويق وترويج محتواهم. وأضاف: «نحن مجتمع متنوع، ولدينا مساحة، فما يقبله البعض ثقافياً قد لا يقبله البعض الآخر، وهناك حدود وخط فاصل، ودورنا ضبط المشهد ولا نتحكم فيه. وليس دورنا قمع أفراد المجتمع، ولكن لدينا أنظمة وقوانين نطبقها على المحتوى المخالف».

وزير الإعلام شدَّد على التمسك بتعزيز القيم المجتمعية والهوية الوطنية (روتانا خليجية)

وحول دور الإعلام في تعزيز القيم المجتمعية والهوية الوطنية، أكد الدوسري أهمية هذا الموضوع بالنسبة للوزارة التي ضمّنته في كل مبادرة ومشروع لديها، وتقبل كل محتوى إيجابي يساهم في ذلك، وتعتبر من يُقدِّمه صديقاً؛ لضرورة بقاء القيم المجتمعية وظهورها بشكل مستمر.

وبشأن الإعلام الخارجي، يرى الوزير أن فكرة هذا المفهوم باتت «قديمة وانتهت»، حيث «لم يعد اليوم بمفهومه التقليدي السابق»، مستعرضاً عدة أوجه للإعلام في وقتنا الحاضر، منها «الاستضافات العالمية مثل رالي داكار، والسوبر الإسباني، وفورمولا 1، وموسم الرياض، ومباريات الملاكمة، وعروض الأوبرا السعودية في طوكيو ونيويورك وباريس، ومشاركة بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في المنتدى السعودي للإعلام 2025 وذهابه مع أسرته إلى مشروع البحر الأحمر وتحدثه بشكل إيجابي وفق ما رآه هناك، و7 آلاف فعالية ومؤتمر استضافتها السعودية خلال عام 2024 بمعدل فعاليتين كل ساعة، وصورة لكريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة يتناولان الإفطار في جدة»، مؤكداً أن مشاريع «رؤية 2030» هي أهم الأذرع الإعلامية لدى المملكة لمخاطبة العالم.

وزير الإعلام نقل خلال البرنامج 3 من رسائل الحكومة للناس (روتانا خليجية)

وبشأن رسائل الحكومة للناس، نقل وزير الإعلام ثلاثاً منها، هي: «المواطن أولاً مهما كانت الظروف والتحديات، وهنا نذكر جائحة (كورونا) عندما أوقفت الدولة كل مشاريعها لصالحه، وقدَّمت تجربة لم تُقدِّمها أي دولة في العالم. ثانياً: التنمية لن تستمر ولا تنجح من دون شراكة مع المواطن، ولدينا أكبر دليل (رؤية 2030) التي وصلت لمستهدفاتها قبل أوانها؛ لأن المواطن شريك آمن فيها واقتنع بها وعمل بها. ثالثاً: صوت المواطن وحقوقه مكفولة وكفلها له النظام».

وحول تجربته مع جريدة «الشرق الأوسط»، يقول الدوسري: «وصلت إلى طموحي بتولي رئاسة تحرير الصحيفة بعدما كان هذا حلماً لي في المرحلة المتوسطة»، مؤكداً أن هذه الخطوة «كانت نقلة كبيرة جداً بالنسبة لي، ليس فقط من الناحية المهنية، بل من ناحية العلاقة العاطفية مع (الشرق الأوسط)، فما زلت مرتبطاً عاطفياً بها إلى اليوم».

وعدَّ الدوسري رئاسة تحرير «الشرق الأوسط» مسؤولية كبيرة، مبيَّناً أن ميزة الصحيفة أنها استطاعت الوصول إلى كل الدول العربية وغيرها، فأكثر جمهورها هو سفارات الدول الأجنبية في لندن، و«نفاجأ أحياناً بسفارة دولة ما ترسل مُعلِّقة على خبر صغير، وتبدي رأيها فيه». ويضيف: «قدرتك على التوازن وجعل الصحيفة تستمر كما هي قوية من دون إثارة أي مشكلة مع أي دولة، خصوصاً ما يتعلق بالدول العربية، أعتقد أن هذه مهمة ليست سهلة».

سلمان الدوسري تناول خلال المقابلة تجربته مع جريدة «الشرق الأوسط» (روتانا خليجية)

وعن قصته مع الراحل علي إبراهيم نائب رئيس التحرير الأسبق، قال الدوسري: «كان نائب رئيس التحرير، ورئيساً، وأنا مراسل ومسؤول تحرير، وعندما كنت مساعد رئيس تحرير أيضاً، ثم أصبحت أنا رئيسه، ولم يتغير»، مضيفاً: «الصحيفة مرَّ عليها كُتَّاب ورؤساء تحرير وقامات ولم تتعثر. أنا في تقديري ووجهة نظري الشخص الوحيد الذي فقدته (الشرق الأوسط)، وأحد أهم من فقدته فيها هو علي إبراهيم. كانت بالنسبة له ليس بيته الثاني بل الأول، وأعطاها من روحه وحياته».

وواصل: «عندما جاءت علي إبراهيم أزمة قلبية وهو على رأس العمل، انقطع فترة ثم عاد، والأزمة القلبية أثرت عليه، ولا يستطيع المشي، فكنت في صراع يومي معه، أطلب منه أن يخفِّف العمل ولا يضغط على نفسه، وكانت كلمته الشهيرة هي (حاضر)، وكنت أشتكيه عند زوجته، ويبتسم ويقول لي: (حاضر)، حتى جاء يوم، وهذه من النوادر، ضج من كثرة ما أطلب منه تخفيف العمل. قال لي: لو سمحت اتركني أنا أستمتع هنا أكثر من أي مكان آخر، فقلت حينها له: (حاضر)».

وحول الأثر الذي تركه علي إبراهيم، قال: «التفاني. مهما حاولنا أن نقول إننا تفانينا في عملنا لن نصل إلى جزء من التفاني الذي كان يحمله في عمله، والدرس الذي أعطاني إياه ليس فقط فيما يتعلق بـ(الشرق الأوسط) حتى بعدها. كان تفانيه في هذه المسألة ركناً من أركان (الشرق الأوسط). الطريقة التي يتعامل بها، أسلوبه، ابتسامته، وتحمله للضغوط. كل هذه صراحة كانت دروساً عظيمة بالنسبة لي ولزملائي»، متابعاً: «اليوم الذي فقدناه فيه كان بالنسبة لنا جرحاً لكل الزملاء في (الشرق الأوسط) لم يندمل».

عاجل إعلام فلسطيني: إسرائيل تشن سلسلة من الغارات على قطاع غزة