«الإصلاح» اليمني أمر 40 ألف مقاتل بعدم مواجهة الحوثيين في سبتمبر الماضي

سكرتير الزنداني قال لـ«الشرق الأوسط»: إن مؤيدي الحزب يسعون لعزل قيادته السياسية

الدكتور هود أبو راس («الشرق الأوسط»)
الدكتور هود أبو راس («الشرق الأوسط»)
TT

«الإصلاح» اليمني أمر 40 ألف مقاتل بعدم مواجهة الحوثيين في سبتمبر الماضي

الدكتور هود أبو راس («الشرق الأوسط»)
الدكتور هود أبو راس («الشرق الأوسط»)

كشف الدكتور هود أبو راس، مدير مكتب رئيس هيئة علماء اليمن عبد المجيد الزنداني، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، عن سعي الشباب المؤيدين لحزب التجمع اليمني للإصلاح إلى عزل القيادة السياسية للحزب، وأضاف أنهم ينتظرون استقرار الأوضاع في بلادهم بعد دحر الانقلاب الحوثي من أجل إعادة ترتيب صفهم والبدء بروح جديدة في بناء بلادهم، ولفت إلى أن أهم الأسماء التي ستعزل عبد الوهاب الأنسي الأمين العام للحزب، ومحمد اليدومي رئيس الهيئة العليا، ومحمد قحطان عضو الهيئة العليا وممثل التجمع في الحوار بين الأطراف اليمنية.
وأوضح أن قيادة «الإصلاح»، أسهمت في تفاقم الأمور داخل اليمن، حين أصدرت أمرا أوقفت بموجبه زحف 40 ألف مقاتل نحو صعدة لوقف التمدد الحوثي الذي طال محافظة عمران ووصل لاحتلال العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، مبينا أن ذلك الإجراء كان غامضا على الرغم من أن مقاتلي «أنصار الله» أنفسهم قاتلوا الزنداني ومناصريه في محيط جامعة الإيمان وهو ما يوضح رغبتهم في فرض أنفسهم قوة تحتكر البلاد.
وأشار أبو راس، إلى أن الزنداني الذي يعد أحد كبار مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والذي طالب اليمنيين أخيرا بالنفير العام ضد مقاتلي جماعة «أنصار الله»، لا يقيم في اليمن حاليا، نظرا للمخاطر المحدقة التي تهدد حياته من قبل الحوثيين الذين يسعون لاغتياله كونه رمزا دينيا، مشددا على أن الانقلابيين أرادوا قبل ذلك تصفية رؤوس كبيرة بينهم اللواء علي محسن الأحمر، واللواء حميد القشيبي قائد «اللواء 310 مدرع» في عمران الذي اغتالته ميليشيا الحوثي في 8 يوليو (تموز) العام الماضي. وأضاف أن اللواء علي محسن الأحمر، أسهم بثقله في الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح حين انشق عنه وانضم لثورة الشباب اليمني، مؤكدا أن شارعا واسعا من مؤيدي حزب الإصلاح يعتبرون أن قيادة الحزب قد تآمرت على اللواء الأحمر حين تركته وحيدا في وجه موالي صالح، وهو ما عرّضه لأكثر من محاولة استهدفت حياته.
وكان عبد المجيد الزنداني، رئيس هيئة علماء اليمن، قد أعلن الثلاثاء الماضي، عن تأييده العمليات العسكرية التي تقودها السعودية ضد جماعة الحوثي في اليمن، داعيا اليمنيين إلى النفير العام بعد ما تبين من سير المعارك حول الإمكانات والأسلحة والدعم الخارجي الذي استحوذ عليه الانقلابيون.
وأضاف أنه قد «تبين من سير المعارك والأحداث؛ ضخامة الإمكانات، والأسلحة التي استحوذ عليها الانقلابيون، والدعم المادي الهائل الذي حصلوا عليه من الخارج، كما تبين حجم الخلل الذي أصاب المؤسسة العسكرية، والأمنية، فجعلها غير قادرة على حماية نفسها، وأسلحتها، من نهب الحوثيين، وتدميرهم لها، فضلاً عن عجزها عن القيام بحماية شعبها؛ مما أصابه من ظلم وعدوان، بل لقد وقع ما هو أخطر من ذلك وهو: مشاركة بعض قياداتها في التمرد على رئيسهم الشرعي، ودعمهم للانقلاب، ومناصرته، مما جعل القيادة الشرعية تستنجد بجيرانها في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، للقيام بما أوجبه الله عليهم من واجبات شرعية في مثل هذا الحال».
وزاد بالقول: «علمتم يا أبناء اليمن الحكم الشرعي في وجوب مناصرة السلطة الشرعية في بلادكم، فندعو الجميع للمبادرة إلى إعلان تأييدها، والانتماء إليها، ولن تنس الأجيال اليمنية القادمة، المواقف المشرفة لآبائهم، الذين وقفوا الموقف الصحيح، وقدموا من التضحيات، والجهود، والأوقات، والمعاناة، الكثير، لضمان مستقبل مشرق في جميع محافظات اليمن ومديرياتها سيما في عدن الباسلة التي أصبحت رمزًا مشرفا للدفاع عن الشرعية».
وتابع الزنداني: «ولما سبق بيانه من عدوان الانقلابين، وظلمهم، مع حليفهم، وما مارسوه من انتهاكات، توجب على اليمنيين قبل غيرهم؛ أن يهبوا لإسقاط هذا الانقلاب، والحفاظ على دولتهم، وبلادهم، فإن عجزوا أو قصروا، فإن الواجب الشرعي على الأمة سيمتد ليشمل أقرب المجاورين إليهم من المسلمين.. وهذا يقتضي على اليمنيين؛ حكومةً وشعبًا، التعاون، والتنسيق، وتوحيد الجهود، والمواقف، مع إخوانهم في دول الخليج، في كل المجالات، والشؤون الداخلية، والخارجية، والقيام بما يجب عليهم في هذا المجال من مهام ومسؤوليات».



انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.