«آكمي»... لقمة يونانية في كنف صحراء السعودية

مطعم يستوحي مذاقه من محيطه الجغرافي

TT

«آكمي»... لقمة يونانية في كنف صحراء السعودية

هدوء يعمك بمجرد الجلوس على طاولات مطعم «آكمي»، القابع في مدينة العلا (غرب السعودية)، فيما أصوات تماس قطع لحم البرغر مع نيران استوائها تشعل الاشتياق لطبقك المفضل، وتتقن عبر مذاقه أنه صنع خصيصاً لك، لقد أضيف إليه كثير من طعم المكان بتاريخه العميق وتراثه الأصيل وتاريخ مديد مع بهارات خاصة، ليعيش الزائر تجربة عشق العين للأكل قبل الفم أحياناً.
«آكمي»، يعني باللغة اليونانية «القمة»، حيث تعج قوائمه بين خيارات لا محدودة من الأطباق العالمية، ليحدد الراغب الطبق الذي سيأتي وكأنه صنع هناك.
يطل «آكمي»، في مكانه، من العلا، على التاريخ بكل ما تعنيه الكلمة، ويطل كذلك على جمهور متنوع المشارب يأتون للزيارة من كل مكان على وجه المعمورة، وقد أبدى المطعم عبر رئيسه التنفيذي عبد الإله النداف الرئيس التنفيذي لشركة مفاهيم الأطعمة المالكة لسلسلة مطاعم «آكمي» جاهزيته القصوى لاستقبال الضيوف وتقديم أفضل تجربة طعام ضمن أجواء طبيعية ساحرة.
يؤكد النداف أن المطاعم النوعية قطاع مهم وحيوي في وقت تعد السوق السعودية الأكبر والأكثر جاذبية في منطقة الشرق الأوسط والخليج على وجه الخصوص، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يواصل النمو السنوي بواقع 6 في المائة خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
يعلل النداف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قرار افتتاح المطعم في العلا لما تشهده من جمال طبيعي وتراث إنساني فريد، وكذلك للأهمية البالغة الذي يمثله مشروع تطوير العلا في إطار (رؤية المملكة 2030).
يشير النداف إلى أن «آكمي» يملك ميزة تنافسية لكونه مطعماً سعودياً مستوحى من نكهات عالمية، وأن كل طبق يقدم بنكهة خاصة، لافتاً إلى أن فريق العمل الذي يزيد على 200 موظف يعملون باحترافية عالية على مدار الساعة، وهو ما يسهم في تطوير رحلة العميل. واستطرد: «خطط التوسع لا تتوقف داخل المملكة وخارجها خلال عام 2022».
الاهتمام بأدق التفاصيل حاضر في «آكمي»؛ حيث أتى المطعم ضمن تصميم وديكورات حية، تنسجم مع البيئة المحيطة، وتلبي حاجة معايشة التاريخ، لكن وفق محددات عصرية، تحفظ الجودة والخدمة عند حدودها المعهودة، وتقدم خيارات طعام عالمية متنوعة، بما يفي بحاجة الزوار على اختلاف أذواقهم.
الشيف آميت، رئيس فريق الطهاة، يؤكد أن مطعم «آكمي» يشتهر بالبرغر الخاص الذي يحمل اسم المطعم «آكمي برغر»، وكذلك طبق البطاطس الشهير «هايكينغ فرايز»، الذي يحظى بتكوينات خاصة تشمل طبقات البطاطس ومزيجاً من اللحم والهلابينو وطبقات من صوص الجبن والصوص الخاص.
يضيف آميت أن أطباق «آكمي» تشكل مزيجاً من المنتجات الطازجة والصوص الخاص، مفيداً أن الأطباق تتميز بطعمه الخاص ومذاقها المتفرد، وأن مزجها في وجبة واحدة تمثل تكاملاً لتجربة خاصة.
وإلى المكان، حيث تتميز الطاولات ومقاعدها بذلك الاستيحاء الجميل لها من التراث، فيما مساحات المكان المفتوحة على الطبيعية يضعك في خضم تجربة العلا بكل ما تعنيه من طبيعة خلابة وأجواء عبقة بالتاريخ والفعاليات، أما عن سعة المكان فهي مريحة جداً وتضمن مزيد من الخصوصية، حيث يسع المطعم في الزيارة الواحدة نحو 100 فرد، وهو ما يضمن سلاسة تدفق الزوار ويقضي احتمالية الانتظار أو يضغطها لأقل وقت.
ويؤدي المطعم عملاً رسالة مهمة، فحواها هي تمسك تلك الأمة بتراثها وفخرها بآثارها الضاربة في عمق الزمن والتاريخ، وتعريف للسياح والزائرين بمدى الجمال، حين تقدم كل الأطباق العالمية في أجمل صورة وأزكى مذاق ممكن.
تمعن «آكمي» في إيصال الزائر إلى أعلى درجات الانسجام والتلاقي مع التراث والتفاعل مع الأجواء الطبيعية والتاريخية المحيطة، لذلك فالمطعم يقوم على تقديم مجموعة من الأطباق المستوحاة من عمق الثقافة السعودية، كما لا ينسى المطعم توفير مساحة لصناعة أطباق خاصة حسب طلب الزائرين. إنها تجربة لا تضاهى، خصوصاً بما تكمله العلا، المنطقة، من صفاء وانقطاع وراحة وتأمل.


مقالات ذات صلة

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

عالم الاعمال فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

افتتح فندق شيدي الحجر أبوابه في مدينة الحِجر الأثرية في السعودية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

«الشرق الأوسط» (العلا)
عالم الاعمال مجموعة فنادق ومنتجعات «آي إتش جي» تُعزز قطاع الضيافة في السعودية

مجموعة فنادق ومنتجعات «آي إتش جي» تُعزز قطاع الضيافة في السعودية

مجموعة فنادق ومنتجعات «آي إتش جي» حصدت تصنيفات عالية من مؤسسة «Great Place to Work» لعام 2024.

عالم الاعمال فندق «فيفيندا» حي السفارات بالرياض يطلق ليالي المأكولات الإيطالية في «لا دولتشي فيتا»

فندق «فيفيندا» حي السفارات بالرياض يطلق ليالي المأكولات الإيطالية في «لا دولتشي فيتا»

أطلق فندق فيفيندا الواقع في حيّ السفارات الليالي الإيطالية من خلال قائمة طعام جديدة ومبتكرة ستشعر ذواقة الطعام بأنهم في إيطاليا، وذلك من خلال الوصفات الرائعة…

عالم الاعمال فندق بولمان زمزم المدينة يقدم تجربة فريدة بالقرب من المسجد النبوي

فندق بولمان زمزم المدينة يقدم تجربة فريدة بالقرب من المسجد النبوي

فندق بولمان زمزم المدينة يقدم تجربة راقية للضيوف وذلك على بُعد دقائق قليلة من المسجد النبوي الشريف.

عالم الاعمال فنادق «ماريوت الرياض» تقدم تجربة سياحية تجمع بين الأصالة والحداثة

فنادق «ماريوت الرياض» تقدم تجربة سياحية تجمع بين الأصالة والحداثة

فنادق «ماريوت» تتطلّع إلى توسيع وجودها في السعودية من خلال تقديم تجربة سياحية تجمع بين الأصالة والحداثة.


المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».