من غلوستر سيتي المغمور إلى منتخب غانا... كيف تحوّل حلم وولاكوت إلى حقيقة؟

حارس سويندون يؤكد أن مشاركته في كأس الأمم الأفريقية ستكون نقطة انطلاق نحو آفاق جديدة

جو وولاكوت حارس منتخب غانا يدافع عن عرينه أمام الغابون في الجولة الثانية من «الأمم الأفريقية» (أ.ف.ب)
جو وولاكوت حارس منتخب غانا يدافع عن عرينه أمام الغابون في الجولة الثانية من «الأمم الأفريقية» (أ.ف.ب)
TT
20

من غلوستر سيتي المغمور إلى منتخب غانا... كيف تحوّل حلم وولاكوت إلى حقيقة؟

جو وولاكوت حارس منتخب غانا يدافع عن عرينه أمام الغابون في الجولة الثانية من «الأمم الأفريقية» (أ.ف.ب)
جو وولاكوت حارس منتخب غانا يدافع عن عرينه أمام الغابون في الجولة الثانية من «الأمم الأفريقية» (أ.ف.ب)

مرّت ثلاث سنوات هذا الأسبوع منذ أن شارك جوجو وولاكوت مع نادي غلوستر سيتي في الدوري الوطني الجنوبي (أحد الأقسام الثانية للدوري الوطني في إنجلترا، مباشرةً أسفل دوري الدرجة الأولى لكرة القدم، ويأتي في المستوى السادس بشكل عام من نظام دوريات كرة القدم الإنجليزية) أمام 242 مشجعاً. كانت تلك المباراة بعد شهر واحد من انتقاله على سبيل الإعارة للمرة الثامنة في مسيرته الكروية التي أخذته في رحلة رائعة من ترورو إلى دوري الدرجة الرابعة في النرويج، والآن كأس الأمم الأفريقية، حيث أصبح حارس المرمى الأول لمنتخب غانا.
في الحقيقة، لا يمكن لأحد أن يتهم حارس مرمى سويندون تاون بعدم المشاركة في المنافسات والأجواء الصعبة عندما شارك مع منتخب بلاده في كأس الأمم الأفريقية ضمن منافسات المجموعة الثالثة التي تضم المغرب والغابون وجزر القمر. يقول وولاكوت: «كان هذا هو طموحي دائماً، وقلت لنفسي إنه سيحدث يوماً ما. اللعب لمنتخب بلادك في بطولة كبرى هو حلم كل صبي صغير. ويجب أن أضغط على نفسي مرة أخرى».
ويحق لوولاكوت، المولود في بريستول، اللعب مع منتخب غانا بسبب جنسية والدته الغانية التي نشأت في أكرا. يتذكر وولاكوت كيف كان يشاهد ريتشارد كينغسون، الذي يشغل الآن منصب مدرب حراس مرمى منتخب غانا، وهو يلعب في كأس العالم 2010، وكيف جعله ذلك يعشق اللعبة بشكل أكبر ويتمنى أن يلعب يوماً ما مع منتخب بلاده. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شارك وولاكوت مع منتخب غانا لأول مرة في تصفيات كأس العالم أمام زيمبابوي. وبعد شهر واحد، فازت غانا على جنوب أفريقيا لتصل إلى الملحق النهائي لتصفيات كأس العالم 2022 بقطر، وهو الملحق الذي ستقام مبارياته في مارس (آذار). يقول وولاكوت: «كنت متأثراً بعد المباراة، فقد كانت هذه هي اللحظة التي أدركت فيها أنني ألعب على المستوى الدولي مع منتخب غانا. ستكون الأشهر القليلة القادمة مليئة بالتحديات والمباريات، لكنني أتطلع إلى ذلك».
وتطور أداء وولاكوت بشكل ملحوظ هذا الموسم، حيث أصبح أفضل كثيراً فيما يتعلق بلعب وتمرير الكرة بقدميه، لكن يمكن القول إن أهم مميزاته هي التواضع. وعلاوة على ذلك، فإنه يتحلى بالتركيز الشديد. وقد أجريت معه هذا الحوار لمدة ساعة وتطرق إلى الكثير من الأمور، مثل ارتدائه قميص منتخب غانا للمرة الأولى وتعليقه لهذا القميص في مكان مميز في ردهة منزله. يقول وولاكوت: «أنا أتعامل مع الجميع بتواضع شديد، نظراً لأني تربيت بطريقة جيدة، ويعود الفضل في ذلك إلى أمي. إنها ما زالت تراقب تصرفاتي بين الحين والآخر، لكن ليس بنفس القدر عندما كنت صغيراً».
ولم يكن أحد أكثر فخراً وسعادة بمشاهدة وولاكوت وهو يلعب أول مباراة مع منتخب غانا من والدته، التي كانت تصطحبه إلى التدريبات والمباريات وهو طفل صغير. لقد خاض وولاكوت عدداً من الاختبارات في بريستول روفرز وبريستول سيتي، الذي وافق على ضمه في المرة الثالثة من المحاولة، وقضى 10 سنوات في النادي دون أن يلعب أي مباراة مع الفريق الأول، قبل أن ينتقل إلى سويندون تاون الصيف الماضي. وكان مستشاره، إريك أنيان، من وكالة «جيه آي إيه» الرياضية، ونجل أنيان، إيليا، الذي يعمل ككشاف للمواهب، هما من لفتا نظر الاتحاد الغاني لكرة القدم بشأن وولاكوت وأنه يمكنه اللعب للمنتخب الغاني. يقول وولاكوت: «أخبرتني أمي بأن هاتفها لم يكن يتوقف عن الرنين بسبب رسائل التهنئة التي كانت تتلقاها بعد انضمامي لمنتخب غانا. لقد ضحّت كثيراً من أجلي عندما كنت صغيراً».
وكانت رحلة وولاكوت في كرة القدم تسير بشكل بطيء من نواحٍ كثيرة، لكنه عازم تماماً على اغتنام هذه الفرصة الذهبية التي أُتيحت له بأن يكون حارس المرمى الأول لمنتخب غانا. لقد كان اللعب جنباً إلى جنب مع الأخوين أيو، وتوماس بارتي في بطولة كبرى حلماً بعيد المنال عندما كان يلعب على سبيل الإعارة مع ويموث ووكينغ. ويتحدث لاعبو وإداريو منتخب غانا باللغة الإنجليزية وبلغة توي الأفريقية، وهي اللغة التي يعرفها وولاكوت إلى حد ما. يقول وولاكوت: «أحتاج إلى تحسين مستواي في هذه اللغة، لكن يمكنني فهم الأساسيات».
ويُقدر وولاكوت الأهمية الكبيرة للعبه على سبيل الإعارة في أكثر من نادٍ، بما في ذلك التجربة التي لعب خلالها لنادي بيرغسوي النرويجي لمدة ثلاثة أشهر. ويقول عن ذلك: «لا أعتقد أنه كان لديَّ أي عرض آخر من إنجلترا، لذلك كنت أرى أنه من الأفضل أن أغتنم الفرصة وأسافر إلى الخارج، وأرى كيف ستسير الأمور». ويضيف: «اللعب في النرويج كان تجربة جيدة أخرى حقاً. في ذلك الوقت، فتحت هذه التجربة الأبواب أمامي لأشياء أخرى عندما عدت إلى إنجلترا. أنت بحاجة إلى الذهاب إلى بلد مختلف وتجربة الفوز والحصول على النقاط الثلاث والوجود في مواقف تواجه فيها ضغوطاً كبيرة، فالأمر يختلف تماماً عن اللعب في الفريق الرديف أو فريق الناشئين تحت 23 عاماً».
ومع ذلك، لم تكن بداية وولاكوت مع سويندون تاون جيدة على الإطلاق -قبل أسبوعين فقط من بداية الموسم، لم يكن لدى النادي سوى ثمانية لاعبين فقط متعاقدين، ولم يكن هناك مدير فني– لكن الشيء الجيد بالنسبة لوولاكوت هو أن مدرب حراس المرمى، ستيف ميلدنهال، الذي كان له تأثير كبير على مسيرة وولاكوت، كان هو المدير الفني الفعلي للفريق. يقول وولاكوت: «لقد انتقلت إلى سويندون تاون عندما كان جون ماكغريل هو المدير الفني، لكنه رحل بعد أسبوع بسبب ظروف معينة. لقد كانت مخاطرة كبيرة أن أنتقل للنادي آنذاك، لكن اتضح بعد ذلك أن هذا كان واحداً من أفضل القرارات التي اتخذتها في مسيرتي الكروية، لأنني كنت بحاجة إلى اللعب بشكل أساسي. أنا الآن في الخامسة والعشرين من عمري، ونأمل في الأشهر القليلة المقبلة أن نواصل التحسن والتقدم للأمام، واحتلال مركز أفضل في جدول الترتيب عندما نرتقي للدوري الأعلى».
ويعترف وولاكوت بأن صعوده من نادي غلوستر للمشاركة مع منتخب بلاده كان صعوداً مذهلاً، ويقول: «أعرف ذلك تماماً، وما زلت لم أستوعبه بعد. لكن هذه هي طبيعة كرة القدم. يتعين عليك أن تؤمن بنفسك وتثق بقدراتك وتفهم أنه إذا واصلت فعل الأشياء الصحيحة وأُتيحت لك الفرصة فيتعين عليك أن تكون مستعداً تماماً لاغتنامها». لم يكن لدى وولاكوت الكثير من الوقت للتوقف والتفكير، لكنه يصر على أن حياته لم تتغير كثيراً خلال الأشهر القليلة الماضية، بصرف النظر عن عدم مروره عبر صالة المطار عند وصوله إلى أكرا. يقول عن ذلك ضاحكاً: «في المرة الأولى لم يكن يعرفني أحد حقاً. لكن في المرة الثانية أعتقد أن الناس بدأوا يتعرفون عليّ أكثر قليلاً». ويختتم حديثه قائلاً: «لا أعتقد أن أي شيء قد تغير حقاً. أنا لا أستبق الأحداث، وسأظل دائماً متسقاً مع ما أفعله. أنا لست نجماً، فأنا ما زلت نفس الشخص الذي كنت عليه في السابق، ولن أتغير».


مقالات ذات صلة


شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
TT
20

شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)

تنافس أكثر من 20 روبوتاً في أول نصف ماراثون بشري في العالم في الصين اليوم (السبت)، ورغم تفوقها التكنولوجي المذهل، فإنها لم تتفوق على البشر في المسافة الطويلة.

وشارك أكثر من 12 ألف شخص في السباق الذي يمتد إلى 21 كيلومتراً. وفصلت حواجز مسار عدْو الروبوتات عن منافسيها من البشر.

وبعد انطلاقها من حديقة ريفية، اضطرت الروبوتات المشاركة إلى التغلب على منحدرات طفيفة، وحلبة متعرجة بطول 21 كيلومتراً (13 ميلاً) قبل أن تصل إلى خط النهاية، وفقاً لصحيفة «بكين ديلي» الحكومية.

شاركت فرق من عدة شركات وجامعات في السباق، الذي يُمثل عرضاً للتقدم الذي أحرزته الصين في تكنولوجيا الروبوتات، في محاولتها اللحاق بالولايات المتحدة، التي لا تزال تفخر بنماذج أكثر تطوراً، وفق ما أفادت شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وتم السماح للمهندسين بإجراء تعديلات على أجهزة التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بهم على طول الطريق، مع تحديد محطات مساعدة خاصة للروبوتات. ولكن بدلاً من الماء والوجبات الخفيفة، كانت المحطات تقدم بطاريات، وأدوات فنية للروبوتات.

روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

ورغم منح الروبوت أقصى طاقة ممكنة، تأخر الروبوت «تيانغونغ ألترا» كثيراً عن أسرع رجل في السباق، الذي عبر الخط في ساعة واحدة و11 ثانية تقريباً. أول روبوت يعبر خط النهاية، تيانغونغ ألترا، من ابتكار مركز بكين لابتكار الروبوتات البشرية، أنهى السباق في ساعتين و40 دقيقة. وهذا يقل بنحو ساعتين عن الرقم القياسي العالمي البشري البالغ 56:42 دقيقة، والذي يحمله العداء الأوغندي جاكوب كيبليمو. أما الفائز بسباق الرجال اليوم (السبت)، فقد أنهى السباق في ساعة ودقيقتين.

وكان السباق بمثابة عرض فني، وقال رئيس الفريق الفائز إن روبوتهم -رغم تفوقه على البشر في هذا السباق تحديداً- كان نداً لنماذج مماثلة من الغرب، في وقتٍ يحتدم فيه السباق نحو إتقان تكنولوجيا الروبوتات البشرية.

المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)
المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)

وكانت الروبوتات، بأشكالها وأحجامها المتنوعة، تجوب منطقة ييتشوانغ جنوب شرقي بكين، موطن العديد من شركات التكنولوجيا في العاصمة.

خلال الأشهر القليلة الماضية، انتشرت مقاطع فيديو لروبوتات صينية بشرية وهي تؤدي حركات ركوب الدراجات، والركلات الدائرية، والقفزات الجانبية على الإنترنت.

روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

في وثيقة سياسية لعام 2023، حددت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية صناعة الروبوتات البشرية باعتبار أنها «حدود جديدة في المنافسة التكنولوجية»، وحددت هدفاً بحلول عام 2025 للإنتاج الضخم، وسلاسل التوريد الآمنة للمكونات الأساسية.

وقال مهندسون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهدف هو اختبار أداء الروبوتات، وما إذا كانت جديرة بالثقة. ويؤكدون أنّ الأولوية هي الوصول إلى خط النهاية، لا الفوز بالسباق. ورأى كوي وينهاو، وهو مهندس يبلغ 28 عاماً في شركة «نوتيكس روبوتيكس» الصينية، أن «سباق نصف الماراثون يشكل دفعاً هائلاً لقطاع الروبوتات بأكمله». وأضاف: «بصراحة، لا يملك القطاع سوى فرص قليلة لتشغيل آلاته بهذه الطريقة، بكامل طاقتها، على هذه المسافة، ولوقت طويل. إنه اختبار صعب للبطاريات، والمحركات، والهيكل، وحتى الخوارزميات». وأوضح أن روبوتاً تابعاً للشركة كان يتدرب يومياً على مسافة تعادل نصف ماراثون، بسرعة تزيد على 8 كيلومترات في الساعة.

منافسة مع الولايات المتحدة

وشدّد مهندس شاب آخر هو كونغ ييتشانغ (25 عاماً) من شركة «درويد آب»، على أن سباق نصف الماراثون هذا يساعد في «إرساء الأسس» لحضور هذه الروبوتات بشكل أكبر في حياة البشر. وشرح أنّ «الفكرة الكامنة وراء هذا السباق هي أنّ الروبوتات الشبيهة بالبشر يمكنها الاندماج بشكل فعلي في المجتمع البشري، والبدء بأداء مهام يقوم بها بشر». وتسعى الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى أن تصبح الأولى عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مما يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة التي تخوض معها راهناً حرباً تجارية. أصبحت الشركات الصينية، وتحديداً الخاصة منها، أكثر نجاحاً في استخدام التقنيات الجديدة.

في يناير (كانون الثاني)، أثارت شركة «ديب سيك» الناشئة اهتماماً إعلامياً واسعاً في الصحف العالمية بفضل روبوت محادثة قائم على الذكاء الاصطناعي، وتقول إنها ابتكرته بتكلفة أقل بكثير من تكلفة البرامج التابعة لمنافسيها الأميركيين، مثل «تشات جي بي تي».