«النفط الليبية» تشتكي شح الميزانية رغم تحقيق «إيرادات قياسية»

صنع الله أكد أن «المؤسسة» أنقذت البلاد من شبح الحرب والإفلاس

حقل الفيل النفطي الليبي (رويترز)
حقل الفيل النفطي الليبي (رويترز)
TT

«النفط الليبية» تشتكي شح الميزانية رغم تحقيق «إيرادات قياسية»

حقل الفيل النفطي الليبي (رويترز)
حقل الفيل النفطي الليبي (رويترز)

اشتكى مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، من شح الميزانية المعتمدة للقطاع، رغم تأكيده أن صافي إيراداته من مبيعات النفط الخام والغاز والمكثفات والمنتجات النفطية، خلال شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين، سجل «مستويات قياسية» بنحو 321.‏4 مليار دولار، مدفوعة بطفرة في الأسعار العالمية.
واستعرض صنع الله الأوضاع في مؤسسته خلال العام الماضي، وما واجهته من أزمات، وقال في تصريحات صحافية، مساء أول من أمس، إن المؤسسة أنقذت البلاد «من شبح الحرب والإفلاس»، وأرجع ذلك إلى قيامها بالتحفظ على الإيرادات المباشرة والإتاوات والضرائب عام 2020 «بقصد تحريك المياه الراكدة ومعاودة الإنتاج، ونتيجة لذلك حققنا فوائض مالية خلال العام الماضي».
وتابع صنع الله موضحاً: «لولا هذه الخطوات التي فرضتها الظروف لكانت الخزينة العامة فارغة الآن، ولكان العجز المتحكم في الموازنة واحتياطيات البنك المركزي في أدنى مستوياته»، مشيراً إلى أن قدرة قطاع النفط في ليبيا على الاستثمار، ودفع عملية تحديث البنية التحتية «ستبقى ضعيفة في المدى المنظور، لا سيما في ظل شح الميزانيات»، ورأى أن ما يحتاجه القطاع «أكثر من أي وقت مضى هو التفكير خارج الصندوق، وخلق مبادرات لإنقاذ البنية التحتية، والدفع بعجلة الاستثمار في قطاع النفط الوطني، باعتباره الممول شبه الوحيد للخزانة العامة».
وذهب صنع الله إلى أن قطاع النفط «سجل نهاية عام 2021 انتعاشاً، بعد أن حققت أسعار النفط أكبر مكاسبها السنوية منذ عام 2016، مدفوعة بتعافي الاقتصاد العالمي من حالة الركود بسبب وباء (كورونا)»، مستدركاً بأن الأسعار «لم تصل بعد لأعلى مستوياتها، ويتوقع أن تواصل الارتفاع، ما لم تتغير أساسيات السوق وزيادة الاستثمار العالمي في المنبع والمصب».
وبلغ صافي إجمالي إيرادات النفط الليبي، المحققة خلال العام الماضي، نحو 5.‏21 مليار دولار، وفقاً للمؤسسة، رغم إغلاق أربعة حقول، ما تسبب في انخفاض الإنتاج إلى أقل من مليون برميل في اليوم، قبل أن يعاود الصعود مجدداً.
ورأى صنع الله أنه «يتعين على دوائر اتخاذ القرار في البلاد معالجة الميزانيات المعطلة والمعطوبة، وألا نتغاضى عن سلامة أصولنا النفطية، وأهمية المحافظة عليها، وألا نستنكر خطوات المؤسسة الوطنية للنفط في تمويل مشاريع نفطية بترتيبات خاصة»، داعياً إلى وضع «ترتيبات خاصة لتجاوز البيروقراطية، التي تعاني منها ليبيا». بالإضافة إلى «تنفيذ حزمة من المشاريع الحيوية، على رأسها مصفاة الجنوب، ومعمل استخلاص غاز الطهي لتعزيز قيم الإنتاج، واكتفاء الجنوب ذاتياً من المحروقات».
ورفعت المؤسسة الوطنية للنفط حالة «القوة القاهرة» عن صادرات الخام من حقول الفيل والشرارة والوفاء، منتصف الأسبوع الماضي، بعد إغلاقها لثلاثة أسابيع من قبل حراس المنشآت النفطية. وفتحت الحقول إثر نجاح مفاوضات الحراس مع السلطات الانتقالية، التي وعدتهم بالاستجابة إلى مطالبهم. وتأمل السلطات الليبية أن يعاود إنتاج النفط إلى مستوياته السابقة بـ1.3 مليون برميل في اليوم، لكن لا تزال تعترضه بعض الأزمات، وهو الأمر الذي بحثه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، مع وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة الوطنية»، محمد عون، بقصد الوقوف على أهم الإشكاليات التي تواجه قطاع النفط.
وتطرق اللقاء، الذي جمع بينهما بديوان المجلس الرئاسي، إلى الإشكاليات التي يعاني منها قطاع النفط والغاز، وسير الإنتاج وبعض العراقيل، التي تعوق زيادة الإنتاج، وتحسين أوضاع القطاع بصفة عامة.


مقالات ذات صلة

«أديس» السعودية تبرم عقد إيجار لمنصة حفر بحرية في نيجيريا بـ21.8 مليون دولار

الاقتصاد إحدى منصات «أديس» البحرية (موقع الشركة الإلكتروني)

«أديس» السعودية تبرم عقد إيجار لمنصة حفر بحرية في نيجيريا بـ21.8 مليون دولار

أعلنت شركة «أديس القابضة» السعودية فوز منصتها البحرية المرفوعة «أدمارين 504» بعقد حفر مع شركة «بريتانيا-يو» في نيجيريا بنحو 81.8 مليون ريال (21.8 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام في منشأة «إينبريدج» في شيروود بارك في أفق مدينة إدمونتون في كندا (رويترز)

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، يوم الخميس، بعد زيادة كبيرة في مخزونات الوقود في الولايات المتحدة أكبر مستخدم للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد العلم الإيراني مع نموذج مصغر لرافعة مضخة للنفط (أرشيفية- رويترز)

«رويترز»: إيران تضغط على الصين لبيع نفط عالق بقيمة 1.7 مليار دولار

قالت مصادر مطلعة، 3 منها إيرانية وأحدها صيني، إن طهران تسعى لاستعادة 25 مليون برميل من النفط عالقة في ميناءين بالصين منذ 6 سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر بمخزونات النفط الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم