صراع ضار بين التنظيمات الإسلامية المتشددة على منابع النفط شرق سوريا

يخوض تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) معارك عنيفة ضد تنظيمات إسلامية أخرى مثل «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» بهدف السيطرة على حقول النفط والغاز الموجودة في محافظتي الحسكة ودير الزور، شرق سوريا.
وبعد اندلاع اشتباكات عنيفة تمكنت قوات تابعة لتنظيم «داعش» قبل يومين من محاصرة المقرات والحواجز التابعة لـ«جبهة النصرة» وحركة «أحرار الشام» الإسلامية في منطقة «الشدادي» بريف الحسكة، المعروفة بوجود عدد من آبار النفط في أراضيها.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن «الدولة الإسلامية فرضت على مقاتلي (النصرة) و(أحرار الشام) الموجودين في القرية إما الاستسلام أو البيعة، مما دفعهم إلى تقديم الولاء لأمير الدولة الإسلامية في العراق والشام من دون اشتباكات بين الطرفين، وأدى ذلك إلى سيطرة (داعش) على القرية».
وتعد قرية «الشدادي» الواقعة على طريق «الحسكة – دير الزور» المصدر الرئيس لإنتاج البترول في محافظة الحسكة، إذ تحوي عددا من آبار النفط. وتمكنت جبهة «النصرة» من السيطرة على القرية قبل سنة تقريبا مما سمح لها باستخراج البترول بوسائل بدائية والتجارة به، وذلك بالشراكة مع تنظيم «أحرار الشام» الإسلامي الموجود في القرية أيضا.
وتكشف الحرب حول هذه القرية النفطية طبيعة الصراع بين الكتائب العسكرية على الأرض، ولا سيما المتشددة منها، إذ بات يكتسب طابعا اقتصاديا يتعلق بالسيطرة على منابع الثروة النفطية في سوريا والمتمركزة في المدن الشرقية.
وسارعت حركة «أحرار الشام» بعد ساعات على إعلان «داعش» سيطرتها على قرية «الشدادي» إلى إصدار بيان وصفت فيه «الدولة» بأنها «جماعة غدر وخيانة»، مشيرة إلى أن «مقاتلي الدولة الإسلامية يغصبون السلاح والمقدرات ويأسرون المجاهدين ويكرهونهم على إعطاء البيعة لجماعتهم على الرغم من أن الأحرار هم الأقدم وجودا وعملا والأكثر تأثيرا».
ولم ينحصر الصراع بين «داعش» والكتائب الإسلامية الأخرى حول المناطق النفطية على قرية «الشدادي»، بل امتد إلى مدينة دير الزور الغنية بالنفط أيضا، إذ اتهمت «جبهة النصرة» في بيان لها، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في دير الزور بـ«السطو على بعض المنشآت الحيوية التي كانت تحت يدي (الهيئة الشرعية) في المنطقة الشرقية، لتقطع بذلك طرق الإمداد لجنود الإسلام المرابطين داخل المدينة وتفصلهم عن عمقهم الاستراتيجي في محافظة دير الزور»، وتشمل هذه المنشآت بحسب بيان «النصرة»، حقل «كونيكو للغاز وعدة مقرات أخرى».
وقالت «النصرة» في بيانها إن «تلك المنشآت كانت بأيدي مجموعة من اللصوص ينهبونها ويتمتعون بها من دون رقيب أو حسيب»، وإن «الهيئة الشرعية» التي تضم «جبهة النصرة» حررتها من أيديهم وفرضت رقابة صارمة وباتت عائداتها تعود على عوام المسلمين من خلال نشاطات «الهيئة الشرعية» هناك.
وأضاف البيان أنه «بعد السيطرة على حقل الغاز (كونيكو) فوجئ الجميع بـ(والي) جماعة (الدولة) في دير الزور يطالب بحصته في حقل (كونيكو) المحرر، معللا ذلك بأنه كان ينوي تحريره من قبل ومع كثرة إلحاحه ودرءا للفتنة والشر قررت جبهة النصرة أن تخصص نسبة من ناتج الحقل لجماعة الدولة رغم عدم أحقيتهم في ذلك»، وتابع البيان أن الدولة الإسلامية حرضت العشائر التي ينتمي إليها أولئك اللصوص لاسترداده، وأغرتهم بالقتال إلى جانبها، وأن بعض القائمين على الحقل بايعوا «الدولة الإسلامية» وانضموا لها.
كما أوضح بيان «النصرة» أن «الدولة الإسلامية رفضت النزول لمحكمة شرعية تقضي بين الطرفين وتفصل في القضية»، مشيرا إلى أن «والي الدولة الإسلامية في دير الزور قد سرق من جبهة النصرة من قبل ما يقارب خمسة ملايين دولار، ولم يردها إلى الآن، بل كانت مكافأته أن يولى على محافظة دير الزور من قبل الدولة». ودعت «النصرة» في بيانها «قيادة جماعة الدولة إلى النظر في من توليه من الأمراء والقيادات الذين يمثلونها على الأرض ويعبرون عنها».
وسبق لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أن سيطر على منطقة «بادية شاعر» بريف حماه، الغنية بحقول النفط، وذلك بعد انسحاب عناصر تنظيم «صقور الشام» منها، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. ومن المرجح أن تتوسع المعارك بين التشكيلات العسكرية على منابع الثروة النفطية، نظرا للعوائد المادية التي يجنيها زعماء هذه المجموعات من السيطرة على آبار النفط والغاز.