سوريون يرحبون بالحكم الألماني ضد رسلان: سابقة أعادت الأمل بالعدالة

السجن المؤبد للمسؤول السابق عن التحقيقات في «فرع الخطيب»

الضابط السوري السابق أنور رسلان لحظة وصوله مقيداً إلى المحكمة في ألمانيا أمس (أ.ب)
الضابط السوري السابق أنور رسلان لحظة وصوله مقيداً إلى المحكمة في ألمانيا أمس (أ.ب)
TT

سوريون يرحبون بالحكم الألماني ضد رسلان: سابقة أعادت الأمل بالعدالة

الضابط السوري السابق أنور رسلان لحظة وصوله مقيداً إلى المحكمة في ألمانيا أمس (أ.ب)
الضابط السوري السابق أنور رسلان لحظة وصوله مقيداً إلى المحكمة في ألمانيا أمس (أ.ب)

منح القضاء الألماني ملايين السوريين أملاً بإمكانية تحقيق العدالة ضد الذين نكّلوا بهم وتسببوا بتهجيرهم من بلادهم، بعدما أدان أمس (الخميس) ضابطاً سورياً سابقاً بجرائم «ضد الإنسانية».
ووصف ناشطون حقوقيون ومحامون سوريون الحكم بالسجن المؤبد الصادر بحق الضابط السوري المنشق أنور رسلان، بأنه سابقة أعادت الأمل للسوريين بإمكانية تحقيق العدالة.
وحكمت محكمة في مدينة كوبلنز الواقعة في غرب ألمانيا على رسلان بالسجن المؤبد مع إمكانية إطلاق سراحه بعد 15 عاماً، بعد أن وجدته مذنباً بجرائم ضد الإنسانية وتهم تعذيب آلاف السجناء والتسبب بتعذيب 27 منهم حتى الموت، عندما كان مسؤول قسم التحقيقات في «الفرع 251» في دمشق، المعروف بـ«فرع الخطيب»، التابع للمخابرات السورية.
وفصّلت القاضية الحكم الذي توصلت إليه بعد عامين تقريباً من بدء المحكمة وعقد أكثر من 100 جلسة استمعت فيها لأكثر من 40 شاهداً، وتلت مقاطع من الحكم الواقع في مئات الصفحات، لأكثر من 6 ساعات. وتحدثت بإسهاب في البداية عن شكل النظام في سوريا وكيف يقمع المعارضين منذ ما قبل ثورة عام 2011، وكيف أن عمليات التعذيب تضاعفت بعد الثورة وتحول استهداف المعارضين إلى منهجية تُعتمد لقمع الثورة. وفصّلت كذلك دور «الفرع 251» الذي قالت إنه كان مسؤولاً عن مراقبة المدنيين السوريين داخل وخارج البلاد، وإنه كان يستهدف المتظاهرين ويجلبهم إلى الفرع للتحقيق معهم وتعريضهم للتعذيب والقتل.
واستندت القاضية في حكمها إلى شهادات استمعت إليها المحكمة من سجناء سابقين كانوا قد تعرضوا للتعذيب والاعتقال والاستجواب على يد رسلان نفسه، وإلى شهادات ذوي الذين قُتلوا في «الفرع 251» في الفترة التي كان رسلان مسؤولاً فيها والواقعة بين مطلع عام 2011 وسبتمبر (أيلول) 2012 عندما انشق عن النظام ولجأ إلى الأردن قبل أن يلجأ إلى ألمانيا حيث اعتُقل وأُودع السجن.
ورفضت القاضية دفاع رسلان الذي نفى التهم الموجهة إليه، وقال عبر محاميه إنه لم يُصدر أي أوامر بالتعذيب ولا بالقتل. ورفض رسلان الحديث طوال فترة محاكمته واكتفى بإصدار بيان تلاه محاميه في الجلسة الختامية دافع فيه عن نفسه ونفى التهم. وزعم أيضاً بأنه أراد الانشقاق في وقت سابق ولكنه لم يتمكن من ذلك. ولكن القاضية رفضت هذا الدفاع أيضاً، وقالت إن الأدلة تؤكد أن رسلان كان من الدائرة الموثوقة لدى النظام السوري، وإنه لا يمكن تصديق أن النظام يترك موظفاً برتبة عالية في منصبه إذا لم يكن واثقاً فيه مائة في المائة. ورفضت أيضاً ادعاءه بأنه لم يتمكن من الانشقاق مبكراً، وقال إنه لا يمكن التصديق أن رسلان لم تكن لديه إمكانية مغادرة سوريا قبل سبتمبر 2012.
وقبلت القاضية الأدلة التي تثبت تورط رسلان بالمسؤولية عن قتل 27 سجيناً تحت التعذيب، وليس 58 كما هي التهم الموجهة إليه. وقالت إن عدد الضحايا على الأرجح أكبر من ذلك بكثير ولكن الأدلة أمام المحكمة تُثبت فقط 27 ضحية. وأشارت القاضية إلى صور قيصر التي استندت إليها المحكمة كذلك لكي تتحدث عن جرائم ضد الإنسانية وعمليات قتل جماعي، وقالت إن شهادة خبير ألماني أكدت صحة الصور المسربة والتي تُظهر على جثث 6821 سجيناً علامات التعذيب وسوء التغذية البادية عليهم.
ووصف المحامي الألماني باتريك كروكر، الموكل عن مجموعة من المدعين باسم المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، الحكم الصادر بأنه «في الاتجاه الصحيح». وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا عقوبة كافية على هكذا جرائم، وكان واضحاً منذ البداية بأن هذه الخطوة هي الأولى ومع ذلك لديها دلالات مهمة». وأضافت: «القضية هنا مرفوعة ضد شخص واحد وهو ليس المسؤول الأرفع المتورط في هذه الجرائم، ولكنها خطوة في الاتجاه الصحيح». وعدّ القرار «تأكيداً من محكمة بأن ما حصل جرائم ضد الإنسانية ومَن شارك فيه ستتم معاقبته حسب القانون».
ورأى المحامي والناشط السوري أنور البني الذي كان أحد الشهود في القضية، أن الحكم يمثل «إنجازاً كبيراً» لأن «باب العدالة كان موصداً أمام كل السوريين، والآن الضحايا كسروا هذا الباب وأظهروا أنه يمكن الوصول للعدالة دون أن تتدخل بها السياسة». وأضاف: «عندما يصل أحد الضحايا لحقه هذا يعني كل الضحايا حتى الذين ما زالوا يتعرضون لنفس الجرائم، خصوصاً عندما يكون حق الضحية محجوباً بالوصول للمحاكمة وللعدالة لأن مجلس الأمن لم يتمكن من التحرك دولياً، ومحاكم سوريا غير قادرة». ورأى أن الحكم يؤكد أنه «لا يمكن حجب العدالة».
وأكد البني أن في الحكم إدانة لكامل النظام السوري بسبب تشديد القاضية على دور رسلان في المنظومة بأكملها، وقال: «ما قامت به المحكمة أنها سلسلت جرائم النظام منذ تسلمه السلطة، وبيّنت منهجيته بالاعتقال والتعذيب والقتل تحت التعذيب، وكم أن هذه المسألة أصبحت منهجية بعد الثورة». وأضاف أنها «جرائم ضد الإنسانية تُرتكب من نظام ودولة وليس من أشخاص أو مجموعة، ما يعني أن إدانته هي إدانة لكل النظام ولو كانت المحكمة تقول إنها غير قادرة على إدانة النظام، وقانونياً غير قادرة، ولكن حكمها أدانه قضائياً من دون أن تسميه بالاسم».
ويُتوقع أن يستأنف رسلان الحكم الصادر بحقه رغم أنه محاميه لم يؤكد ذلك بعد. ولو حصل ذلك تُرفع القضية إلى المحكمة العليا في كوبلنز للنظر بها من جديد. وقال البني إنه يأمل أن يستأنف الحكم لأنه لو تم تأكيد القرار من المحكمة العليا فهذا «يعطيه مصداقية أكثر لأنه يكون تم تمحيصه من أعلى سلة قضائية في ألمانيا».



الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
TT

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه الحوثيون وأدى، بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها. ودفع ذلك مهمة الاتحاد الأوروبي في المنطقة إلى إجلاء طاقمها المؤلف من 25 شخصاً.

ونشر الحوثيون على وسائل إعلام تابعة لهم، مساء الخميس، مقطع فيديو يُظهر شخصاً ملثماً ومسلحاً يعدّ جهاز تفخيخ على متن «سونيون». وسرعان ما يتمّ تفجيرها فتندلع حرائق عدة على متنها وتتصاعد أعمدة الدخان الأسود منها.

أحد عناصر جماعة «الحوثي» على سطح ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، الخميس، إن قواته نفذت «عملية جريئة وشجاعة» هذا الأسبوع عبر «اقتحام» السفينة سونيون «وتدمير ما فيها من الشحنات واستهداف السفينة نفسها وتفخيخها وتفجيرها».

وأشار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الناقلة «كانت تخالف قرار الحظر وتحمل شحنات للعدو الإسرائيلي».

وبحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة مملوكة لشركة «دلتا تانكرز» اليونانية للشحن، وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأظهر الفيديو أيضاً أضراراً في هيكل السفينة، إضافة إلى أغراض مبعثرة داخل غرفة القيادة.

يأتي ذلك غداة إعلان بعثة إيران لدى «الأمم المتحدة» موافقة الحوثيين على إنقاذ الناقلة سونيون، التي تحمل 150 ألف طن من النفط، «نظراً للمخاوف الإنسانية والبيئية».

وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، على منصة «إكس»، في وقت متأخر الأربعاء: «بعد تواصل جهات دولية عدة معنا، خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون».

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأفادت مهمة «أسبيدس» الأوروبية في البحر الأحمر، الخميس، أن «(سونيون) مشتعلة منذ 23 أغسطس (آب)» مع «رصد حرائق في مواقع عدة على السطح الرئيسي للسفينة».

وأشارت إلى «عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف». وأكدت، على منصة «إكس»، أنها تستعدّ «لتسهيل أي مسارات عمل، بالتنسيق مع السلطات الأوروبية والدول المجاورة، لتجنب أزمة بيئية كارثية».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعدّونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية، التي يمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية.