تونس: أحزاب تتحدى منع السلطات التجمعات للاحتفال بـ«عيد الثورة»

جانب من مظاهرة سابقة تنديداً بتدهور الأوضاع المعيشية في تونس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة سابقة تنديداً بتدهور الأوضاع المعيشية في تونس (إ.ب.أ)
TT

تونس: أحزاب تتحدى منع السلطات التجمعات للاحتفال بـ«عيد الثورة»

جانب من مظاهرة سابقة تنديداً بتدهور الأوضاع المعيشية في تونس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة سابقة تنديداً بتدهور الأوضاع المعيشية في تونس (إ.ب.أ)

تمسك حراك «مواطنون ضد الانقلاب»، و«المبادرة الديمقراطية»، وتنسيقية الأحزاب التونسية الديمقراطية، المُشكَّلة من أحزاب التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري، وحزب التكتل الديمقراطي، إلى جانب حركة النهضة، وهي تحالفات سياسية معارضة لتوجهات الرئيس قيس سعيد بحق التظاهر، والتجمع اليوم (الجمعة)، إحياء لذكرى انتصار الثورة التونسية، وانتقدوا قرار الحكومة منع المظاهرات والتجمعات لمدة أسبوعين، مؤكدين أنها «وظّفت الأوضاع الصحية توظيفاً سياسياً».
وفي تحدٍّ واضح لقرارات السلطات، دعت حركة النهضة المواطنين إلى الاحتفال بذكرى ثورة 17 ديسمبر (كانون الأول)، التي توافق 14 يناير (كانون الثاني) في شارع الثورة بالعاصمة، وذلك «تكريساً لمكاسب الشعب من الحقوق والحريات الأساسية، وأهمها حرية التظاهر والتعبير عن الرأي»، معلنة رفضها لما سمّته «التوظيف السياسي للوضع الصحي، ومخاطر انتشار جائحة كورونا لضرب ما تبقى من هوامش الحريات، وتجاهل دعوات الاحتفاء بعيد الثورة»، على حد تعبيرها.
في السياق ذاته، عقدت الأحزاب السياسية المنضمة إلى تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، أمس، مؤتمراً صحافياً مشتركاً بمقر جريدة «الموقف»، التي كانت أهم الصحف المعارضة لنظام بن علي، تمسكت فيه بحقها في التظاهر، مع احترام شروط التباعد وارتداء الكمامات، مؤكدة أنها ضد «سياسة تكميم الأفواه»، على حد تعبيرها.
وقال خليل الزاوية، رئيس حزب التكتل لـ«الشرق الأوسط»، إن القرارات الصحية «يجب أن تمتد على ثلاثة أسابيع كي تعطي نتائج، وهو ما أوصت به اللجنة العلمية لمكافحة الوباء، لكن الحكومة منعت التجمعات لمدة أسبوعين فقط، وهو ما يعني أن تلك القرارات موجهة فقط لمنع احتفالات التونسيين بعيد الثورة (14 يناير)»، على حد تعبيره.
وكشف الزاوية عن وجود نية لتمديد الإجراءات الصحية لمدة طويلة، قد تمتد لفترة انعقاد مؤتمر اتحاد الشغل في شهر فبراير (شباط) المقبل، ما يعني تأجيله ومنع قيادات الاتحاد من عقده، وهو «أمر خطير للغاية»، على حد قوله.
ويرى معارضو الرئيس سعيد أن استثناء الحكومة عدة مجالات وفضاءات للتجمعات، على غرار المؤسسات التربوية، ودور العبادة والأسواق وغيرها، واقتصارها على المظاهرات بكل أشكالها، فيه «نية ثابتة لاستهداف التحركات المناهضة» للسلطات، على حد تعبيرهم.
من ناحيته، دعا غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي، أنصاره إلى النزول إلى الشارع اليوم «مهما كان القرار الذي ستصدره السلطات القائمة». وقال إن الرئيس سعيد «مطالب بخدمة التونسيين وتلبية انتظاراتهم»، وعبّر عن استغرابه من عدم مقابلة سعيد للمنظمات الوطنية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، مؤكداً أنه لا يلتقي إلا أعضاء الحكومة فقط، وأنه «اختار الطريق الانفرادي الذي لا يخدم المسار الديمقراطي».
من جانبه، اعتبر حمة الهمامي، رئيس حزب العمال اليساري، في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، أن التوقيت، الذي تم فيه إعلان حظر الجولان، ومنع المظاهرات المفتوحة للعموم في تونس «توقيت سياسي لم تمله الظروف الصحية على خطورتها، بل هو قرار سياسي مقنع، أملته رغبة الرئيس سعيد وحكومته في منع المظاهرات السياسية المناهضة له، والمبرمجة في ذكرى عيد الثورة، التي ألغاها قيس سعيد، وعوضها بقرار انفرادي، يقضي بالاحتفال في 17 ديسمبر، ذكرى انطلاق الثورة من سيدي بوزيد».
على صعيد متصل، أكدت حركة النهضة، بقيادة راشد الغنوشي، أن الحالة الصحية للقيادي المحتجز نور الدين البحيري، بلغت مرحلة الخطر الشديد، وقالت إنه «شارف على الموت». وحمّلت الحركة السلطة القائمة المسؤولية الكاملة عن حياة البحيري، في إشارة إلى الرئيس سعيد، مؤكدة أن حياته «باتت مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بعد وصوله إلى حالة حرجة جداً»، وفي ظل ما اعتبرته «تعنتاً من السلطة، ورفضها الانصياع لمقتضيات القانون للإفراج عنه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.