انتقادات لإضراب سائقي لبنان: السلطة تتظاهر ضد السلطة

TT

انتقادات لإضراب سائقي لبنان: السلطة تتظاهر ضد السلطة

طرح إضراب السائقين الذي دعت له نقابات النقل البري أمس علامات استفهام لجهة توقيته وأهدافه حيث اعتبر البعض أن «السلطة تتظاهر ضدّ السلطة»، انطلاقاً من أن رئيس اتحاد النقل البري بسام طليس هو عضو في الهيئة السياسية لـ«حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، فيما رأى البعض الآخر أن «رسالة الإضراب» تأتي في سياق المعركة السياسية المفتوحة بين بري ورئيس الجمهورية ميشال عون.
وفيما سجّلت انتقادات واضحة في هذا الإطار ولا سيما من قبل «التيار الوطني الحر»، خصوصاً مع «الدعم» الذي لقيه الإضراب من قبل جمعية المصارف التي أعلنت الإقفال أمس إضافة إلى إعلان رئاسة الجامعة اللبنانية تعطيل الدروس، كما كان لافتاً عدم قيام القوى الأمنية والجيش اللبناني بفتح الطرقات.
ورفض طليس ما وصفها بـ«الافتراءات»، مؤكداً أن إضراب أمس لا يمثله هو فقط إنما هو صرخة من قبل جميع السائقين في لبنان الذين يعانون من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحتها جميع المواطنين، وأكد أن الإضراب نجح بشكل كامل وشارك فيه 98 في المائة من السائقين.
ورداً على الاتهامات التي اعتبرت أن السلطة تظاهرت ضد السلطة أمس، قال طليس لـ«الشرق الأوسط»: «من الظلم تسخيف أو التخفيف من معاناة وصرخة السائقين الذين ينتمون إلى كل الطوائف وجميعهم يعانون من الأزمة نفسها وباتوا غير قادرين على تأمين لقمة عيشهم وهم الذين يقومون بدور الدولة حيث لا وجود لقطاع النقل العام»، مضيفاً: «إذا أنا عضو في الهيئة التنفيذية في حركة أمل وغيري ينتمي إلى هذا الحزب أو ذاك لا يعني أن جميع السائقين ينتمون إلى أحزاب أو أن قرار الإضراب أتى بخلفية سياسية»، مؤكداً: «بدل انتقاد الحكومة التي لم تنفذ وعدها بدعم السائقين انهالت علينا الاتهامات اليوم وكأننا نحن من يقف خلف ما يحصل في لبنان».
وذكّر طليس بالأسباب التي دعت الاتحاد إلى الإضراب وإعلان يوم الغضب وهي المطالبة بتنفيذ الاتفاق الذي حصل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء المعنيين ولم يطبق، وينص على دعم قطاع النقل البري عبر تخصيص كل سيارة سياحية بصفيحة بنزين يومياً بسعر مائة ألف ليرة وكل ميني باص دون 14 راكباً بصفيحة ونصف بنزين يومياً بالسعر نفسه، علماً بأن سعر صفيحة البنزين في لبنان تجاوز الـ350 ألفاً، كما تخصيص الشاحنات بصفيحتي مازوت يومياً بسعر 70 ألف ليرة للصفيحة الواحدة.
كما نص الاتفاق على تخصيص 500 ألف ليرة شهرياً لكل مركبة عمومية بدل صيانة وقطع غيار، على أن يبدأ التنفيذ ابتداء من بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021، مع البدء بحملة قمع المخالفات والتعديات على قطاع النقل البري من لوحات مزوّرة ومكررة وخصوصية وشركات وهمية تعمل في مجال النقل لا سيما على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
وصدرت أمس مواقف مشككّة بخلفية الدعوة إلى الإضراب، وقال النائب في «التيار الوطني الحر» أسعد درغام إن «الغضب ليس بقطع الطرقات وشل البلد الذي لا يوصل لنتيجة، الغضب يجب أن يكون ضد من يعطل البلد». ولفت إلى أن «الطرف السياسي الذي يتظاهر اليوم هو من يعطل الحكومة ويمنع اجتماعها ويمنع إيجاد حلول للأمور المعيشية والارتفاع الجنوني للدولار». وسأل في حديث تلفزيوني: «أليس الأفضل تفعيل الحكومة وإنتاجية جلسات مجلس النواب؟ فالحكومة اللبنانية لا تقوم بواجباتها، والناس متروكة لمصيرها، رواتب المواطنين والقوى الأمنية والعسكرية لم تعد تكفي بدل النقل وهذه كارثة».
وانتقد العرف السائد بحصول «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) على وزارة المالية وقال: «يجب ألا نقبل أو نشارك في أي حكومة تكون فيها وزارة المال مع الثنائي الشيعي بسبب إنجازاتهم في وزارة المال التي تهدد السلم الأهلي في البلد، مثلا أي ترقية أو خلاف مع الضباط يتم توقيف المخصصات وتأخير الترقية لأسباب طائفية وحسابات خاصة». وانتقد رئيس البرلمان نبيه بري قائلاً: «مع الأسف إن نموذج (وزير المال السابق) علي حسن خليل هو السائد لدى بري وهو نموذج (حدث ولا حرج) فيما النموذج النظيف والآدمي يبقى جانباً»، مضيفاً: «نحن لا نطالب الثنائي الشيعي بفك التحالف بل نطالبهم باستثمار التحالف لخير البلد، هل يجوز مثلاً تحويل المجلس الدستوري إلى مجلس ملة؟ (يمثل طائفة بعينها). وفي موضوع التحالف مع «حزب الله» قال: «لم نعد نستطيع إكمال التحالف مع حزب الله بهذا الشكل القائم حالياً، المؤسسات دمرت والبلد انهار ومكملين بالسياسة نفسها، والمطلوب من الحزب فك أسر الحكومة».
وتوجه النائب في «الوطني الحر» زياد أسود عبر حسابه على «تويتر» إلى طليس قائلاً: «يوم غضب يا طليس؟ هو الغضب بإغلاق الطرقات بالشاحنات فقط، أم أن الغضب من أداء جماعتك في إغراق البلد بالفوضى؟ فليكن الغضب ضد الجهاد الأكبر، فهناك تأخذ النتيجة الصحيحة وليس في قطع طرقات وتعطيل حياة الناس. إن غضب التعطيل وغضب التشبيح توأم روحي أبدي».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.