مجلس الأمن يمنح «دعماً كاملاً» لوساطة بيرثيس في السودان

محادثات غير مباشرة و7 نقاط تقود إلى «انتقال ديمقراطي كامل بقيادة مدنية»

TT

مجلس الأمن يمنح «دعماً كاملاً» لوساطة بيرثيس في السودان

أكد أعضاء مجلس الأمن أنهم «يدعمون بالكامل» الجهود التي يبذلها رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة الأبعاد لدعم العملية الانتقالية في السودان، يونيتامس فولكر بيرثيس، لرعاية محادثات بين الأطراف المختلفة في البلاد، استناداً إلى سبع نقاط تشكل الإطار المبدئي العام لعملية سياسية شاملة بقيادة سودانية تقود إلى توافق على «انتقال ديمقراطي كامل بقيادة مدنيّة»، كمخرَج من الأزمة الراهنة.
وجاء ذلك خلال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن، أول من أمس (الأربعاء)، تحت بند ما يستجد من أعمال بطلب من بريطانيا وألبانيا وفرنسا وآيرلندا والمكسيك والنروج والولايات المتحدة، واستمع خلالها الأعضاء الـ15 إلى إحاطة من بيرثيس الذي يتولى أيضاً منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حول أحدث التطورات في شأن الأزمة السياسية التي يشهدها السودان منذ استيلاء الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وخصوصاً في ضوء استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في مطلع العام الحالي.
وأفاد دبلوماسيون بأن بيرثيس أطلع أعضاء مجلس الأمن على دور «يونيتامس»، ولا سيما فيما يتعلق «بالعملية السياسية بين السودانيين التي تيسرها الأمم المتحدة»، وفقاً لما أعلنه بيرثيس في 8 يناير (كانون الثاني) الماضي، لجهة أن العملية السياسية «تهدف إلى دعم أصحاب المصلحة السودانيين في الاتفاق على مخرج من الأزمة السياسية الحالية والاتفاق على مسار مستدام للمضي قدماً نحو الديمقراطية والسلام»، مؤكداً أن الدعوة ستوجه إلى «جميع أصحاب المصلحة المدنيين والعسكريين الرئيسيين، بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والجماعات النسائية ولجان المقاومة».
وخلال الجلسة، عبر بيرثيس عن «قلقه الشديد» من أن يؤدي الانسداد السياسي الراهن إلى «انزلاق» البلاد «نحو المزيد من عدم الاستقرار وإهدار المكاسب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تحققت منذ بدء الثورة».
وقال دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه للصحافيين إن المبعوث الدولي عرض مقاربته للأزمة وسبل حلها، بما في ذلك سبع نقاط تشكل «مبادئ أولية» لإطلاق عملية سياسية شاملة، ولكنه أشار إلى أن المكونين المدني والعسكري «يريدان مفاوضات غير مباشرة» للمساعدة في حل الأزمة. ولفت إلى أن بيرثيس عرض للنقاط السبع التي توضح فحوى المشاورات التي أطلقتها «يونيتامس»، وهي تتضمن أولاً إجراء مشاورات حول «عملية سياسية تيسرها الأمم المتحدة لدعم أصحاب المصلحة السودانيين للتوصل إلى توافق حول كيفية المضي قدماً» في «معالجة الجمود السياسي الحالي وتطوير مسار نحو الديمقراطية والسلام»، وإذ ذكر ثانياً بأن «يونيتامس» أُنشِئت بطلب من السودان، أشار إلى أن مجلس الأمن يكلّفها بـ«المساعدة في الانتقال السياسي وإحراز تقدم نحو الحكم الديمقراطي ودعم الحكومة في تعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام»، موضحاً أنه ضمن إطار دورها في المساعي الحميدة بموجب القرار 2579 «ستعمل (يونيتامس) مع جميع الجهات الفاعلة لتطوير عملية شاملة يمكن أن تؤدي إلى توافق حول السبيل نحو انتقال ديمقراطي كامل بقيادة مدنيّة». وأضاف أن أصحاب المصلحة هم الحكومة والجهات السياسية الفاعلة وشركاء السلام والحركات المسلحة والمجتمع المدني ولجان المقاومة والمجموعات النسائية والشباب. وشدد رابعاً على أن الأمم المتحدة «ليس لديها أي موقف حيال نتيجة هذه العملية التي ستهتدي بآراء السودانيين أنفسهم»، معتبراً أن النتيجة المتوخاة من هذه المرحلة الأوّلية من المشاورات «ستساهم في تصميم الخطوات التالية للعملية». وركز سادساً على أهمية احترام هذه العملية لحقوق الإنسان ومشاركة النساء والشباب في عمليات السلام. وأكد أخيراً على أن المنظمة الدولية تعول على «التعاون الكامل» من كل الأطراف، لا سيما السلطات «لتهيئة مناخ ملائم لهذه المشاورات، ويشمل ذلك الإنهاء الفوري لاستخدام العنف ضدّ المتظاهرين السلميين ومحاسبة مرتكبي هذا العنف، والحفاظ على حقوق الشعب السوداني الإنسانية وحمايتها».
وتخلل الجلسة «تساؤلات» من روسيا والصين والأعضاء الأفارقة: كينيا والغابون وغانا، «لكن لم تكن هناك معارضة فعلية». ولفت دبلوماسي آخر، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، إلى أنه خلال الجلسة «كان هناك دعم واسع للمبعوث وجهوده». وأضاف: «ومع ذلك، فقد طُرحت أسئلة كثيرة أيضاً حول كيفية جعل العملية شاملة، وكيفية ضمان مشاركة جميع الأطراف الرئيسيين.
وسعى أعضاء المجلس إلى الحصول على مزيد من التفاصيل حول الخطوات التالية في العملية السياسية، بما في ذلك تقييم مدى استعداد مختلف أصحاب المصلحة للمشاركة، ولا سيما في ضوء رفض تجمع المهنيين السودانيين المشاركة، علماً بأن «قوى الحرية والتغيير» وعدت بإعلان موقف عندما تحصل على المزيد من التفاصيل حول المبادرة.
وضغط عدد من أعضاء مجلس الأمن للحصول على معلومات عن الوضع في دارفور، بما في ذلك عمليات النهب والهجمات على مرافق الأمم المتحدة ومعداتها وإمداداتها خلال ديسمبر (كانون الأول) 2021، في إشارة إلى أعمال نهب وعنف استهدفت قاعدة العملية المختلطة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) في الفاشر، بشمال دارفور، بالإضافة إلى مهاجمة مجموعات مسلحة مجهولة مستودعاً تابعاً لـ«برنامج الغذاء العالمي» في الفاشر، حيث سُرق أكثر من 1900 طن متري من السلع الغذائية التي كانت تهدف إلى إطعام 730 ألف شخص.
وقبل الاجتماع قالت المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتّحدة باربره وودوارد إنّه بالنظر إلى التطوّرات الأخيرة في السودان، فإن «الديمقراطية باتت الآن على المحكّ».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي فلسطينيون يجمعون الطعام المتبرع به في مركز توزيع أغذية في دير البلح وسط قطاع غزة، 2 يناير 2025 (أ.ب)

برنامج الأغذية العالمي يندد بهجوم إسرائيلي على قافلة له في غزة

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، إن قوات إسرائيلية فتحت النار على قافلة تابعة له في غزة أمس الأحد في واقعة وصفها بأنها «مروعة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى المساعدة

قالت الأمم المتحدة الاثنين إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهرا من الحرب المدمرة.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف إسرائيلي على مستشفى الوفاء وسط الحرب بقطاع غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة قد تشكل جرائم حرب

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم (الثلاثاء) أن الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات في قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».