السيسي: المنطقة دفعت ثمناً كبيراً نتيجة تدخل الآخرين في شؤونها

اعتبر أن «التغيير بالقوة» يؤدي إلى خراب تصعب السيطرة عليه

السيسي في منتدى شباب العالم
السيسي في منتدى شباب العالم
TT

السيسي: المنطقة دفعت ثمناً كبيراً نتيجة تدخل الآخرين في شؤونها

السيسي في منتدى شباب العالم
السيسي في منتدى شباب العالم

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن بلاده «نجت من خطر الانهيار، وتحولها إلى دولة لاجئين»، في أعقاب عام 2011، على غرار دول عدة بالمنطقة لا تزال تعاني من الأزمات والنزاعات، واضطر سكانها للجوء إلى الخارج، وأكد أن «المنطقة دفعت ثمناً كبيراً نتيجة تدخل الآخرين في شؤونها»؛ مشيراً إلى أن «التغيير بالقوة يؤدي إلى خراب تصعب السيطرة عليه».
وشدد السيسي، أمس، خلال مداخلته بجلسة «المسؤولية الدولية في إعادة إعمار مناطق ما بعد الصراعات»، ضمن فعاليات ثالث أيام النسخة الرابعة من «منتدى شباب العالم»، المنعقدة حالياً في مدينة شرم الشيخ، بجنوب سيناء، على «ضرورة وقف النزاعات والاقتتال في كافة مناطق العالم أولاً، قبل التفكير في مشروعات إعادة الإعمار».
وأعرب الرئيس المصري عن استعداد بلاده للمشاركة بإيجابية لحل الأزمة في اليمن؛ مؤكداً أن «مصر لن تتدخل في شؤون الدول الأخرى؛ لكنها مستعدة دائماً للتعاون من أجل البناء والتعمير»؛ داعياً في الوقت ذاته إلى «عدم تدخل الآخرين في شؤون بلاده».
وتحدث السيسي عن دعم الدولة المصرية لشباب اليمن، قائلاً: «الأكاديمية الوطنية للتدريب، بجانب أي مؤسسة أخرى موجودة بمصر، متاحة للجميع لبناء القدرات»، وأكد أنه جاد في هذا الأمر بقوله: «كلامي ليس دبلوماسياً بسبب المنتدى».
وبشأن دعم مصر لقطاع غزة، قال السيسي إن «القطاع يحتاج إلى أكثر من 500 مليون دولار لإعادة الإعمار فيه»، مضيفاً: «كنا نتمنى أن نساهم بأكثر من ذلك»، ووجَّه بإنهاء مشروعات إعادة الإعمار التي بدأتها مصر قبل عدة أشهر.
وعن إجراءات مكافحة أوضاع الفقر، قال الرئيس السيسي خلال مداخلة أخرى، بجلسة «تجارب تنموية في مواجهة الفقر»، ضمن منتدى الشباب، إن مصر أنفقت نحو 400 مليار دولار على مدار 7 سنوات للخروج من متاهة الفقر.
ووصف السيسي الفقر بأنه «جائحة تدمر الحاضر والمستقبل، وتُدخل الدول في متاهات يصعب الخروج منها».
وبشأن عملية الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها مصر في عام 2016، قال السيسي: «رغم أن أجهزة الدولة كانت تتحسب لهذا الأمر، قبيل نهاية عام 2016، فإنني راهنت على الشعب المصري، والمرأة المصرية، وقلت إن البرنامج سوف يمر، وسيتحمله المواطنون، وثبت أن تنفيذه كان ضرورياً للغاية»؛ معتبراً أن عدم تنفيذه منذ سنوات، كان سيصبح كارثياً على الاقتصاد المصري.
وأوضح السيسي أن «مصر دولة شابة يعمل بها عشرات الملايين من الشباب، ورأينا أن استمرار العمل خلال جائحة (كورونا)، هو الحل المناسب لمجابهة الجائحة؛ لأننا لسنا دولة غنية تستطيع إعطاء منح بشكل مستمر». واعتبر السيسي مبادرة «حياة كريمة»، نموذجاً ملهماً في التنمية، لافتاً إلى أنها «كانت إحدى أفكار شباب مصر».
ودعا منظمات التمويل الدولية إلى «خفض نسب التكلفة أو الفائدة على الدول الفقيرة»؛ مشيراً إلى أن «60 في المائة من نسبة الفقر في العالم موجودة في أفريقيا»، وأن «الدول الغنية تحصل على تمويل منخفض التكلفة، بينما تحصل الدول الفقيرة على تمويل مرتفع التكلفة، ما يزيد من أعبائها».
من جهتها، قالت سحر الجبوري، مديرة مكتب ممثل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) بالقاهرة، في كلمتها، خلال جلسة «المسؤولية الدولية في إعادة إعمار مناطق ما بعد الصراعات»، بمنتدى شباب العالم أمس، إن «الرئيس السيسي أول رئيس مصري يطالب المجتمع الدولي بتمويل الوكالة، في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة».
وأكدت أن «الوكالة تمر بأزمة مالية كبيرة، بسبب عزوف الجهات المانحة عن عملية التمويل، بجانب وجود ضغوط سياسية صعبة، بهدف إنهاء دور الوكالة وتصفيتها، وإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين».
وثمَّنت الجبوري الدور المصري الداعم للوكالة في شتى المحافل الدولية، بجانب مبادرتها لإعادة إعمار قطاع غزة، معتبرة أن «الدور المصري كان محورياً في وقف الحرب، وتثبيت الهدنة، وفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية وعلاج المصابين».
بينما أشارت مدير بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مصر، ليزلي ريد، خلال كلمتها، إلى أن «الولايات المتحدة تعد المانح الأكبر بالنسبة للإغاثة في العالم؛ حيث استجابت لحوالي 82 أزمة العام الماضي؛ ووفرت الوكالة مليارات الدولارات للمتأثرين بالنزاعات، من خلال توفير الطعام في صورة مساعدة عاجلة للاجئين».
ولفتت ريد إلى أن «الأمم المتحدة وفرت أكثر من 37 مليار دولار للمساعدة الإنسانية في العام الماضي، ولكن الاحتياج أكبر من ذلك بكثير».



هل ينجح «اجتماع القاهرة» في بلوغ المرحلة الثانية من «هدنة غزة»؟

شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

هل ينجح «اجتماع القاهرة» في بلوغ المرحلة الثانية من «هدنة غزة»؟

شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
شاب يسير أمام مدرسة لحقت بها أضرار جسيمة في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

اجتماع جديد تحتضنه القاهرة لبحث استكمال هدنة قطاع غزة، وسط تأخر انعقاد مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق نحو أسبوعين، ووعود أميركية بالتئام ذلك المسار هذا الأسبوع، وشكوك من «حماس» في جدية إسرائيل.

الوفد الإسرائيلي الذي قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إيفاده للقاهرة الاثنين «لا يحمل صلاحيات، وبالتالي سيكرر الأخير مناوراته وضغوطه بهدف تعديل الصفقة وإطالة أمد المفاوضات لنيل جميع الرهائن دفعة واحدة، وهذا ما سترفضه (حماس)»، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وتوقعوا أن تكون هناك حلول وسط، فنتنياهو يخشى الإعلان عن بدء مسار محادثات المرحلة الثانية لتفادي سقوط حكومته عقب تهديدات اليمين المتطرف بالانسحاب، ومن ثم قد يتم الاتفاق على تمديد المرحلة الأولى أو اللعب بالألفاظ عبر تسميتها «دفعة رمضان».

وتواصل القاهرة حشد الجهود الدولية لاستكمال الاتفاق، كان أحدثها محادثات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، مع نظيره الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليدس، والتي تناولت «جهود القاهرة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وحرصها على تنفيذ الاتفاق بمراحله الثلاث بما يدعم الاستقرار في المنطقة، واستئناف ومواصلة عملية تبادل الرهائن والمحتجزين»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

السيسي يلتقي الرئيس القبرصي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

ووسط عدم انعقاد مفاوضات المرحلة الثانية كما كان مقرراً في اتفاق الهدنة، في 3 فبراير (شباط) الجاري، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، إن نتنياهو وجّه الوفد المفاوض للسفر إلى القاهرة، الاثنين، لبحث استكمال تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة، وسيعقد اجتماعاً في اليوم ذاته لـ«الكابينت» (مجلس الوزراء المصغر) لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق غزة. في حين زعمت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الأحد، أن وزير الخارجية جدعون ساعر، التقى نظيره المصري بدر عبد العاطي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، مشيرة إلى أن «محادثات المرحلة الثانية من الاتفاق سوف تُعقد في القاهرة هذا الأسبوع، بعد أن استضافت الدوحة محادثات المرحلة الأولى».

وبالتزامن، كشف المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لقناة «فوكس نيوز» الأميركية، أنه سيتم استئناف المحادثات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق «هذا الأسبوع»، مؤكداً أنه أجرى مكالمات «مثمرة وبنّاءة للغاية»، الأحد، مع نتنياهو، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد.

عضو مجلس الشؤون الخارجية المصري، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن المساعي المصرية - القطرية ستستمر لإنقاذ الاتفاق وبدء مفاوضات مرحلته الثانية التي هي بالأساس متأخرة بسبب معوقات من نتنياهو تستهدف عدم الوصول لتلك المحادثات خشية استهداف حكومته، «بل يخفي حدوث محادثات تمهيدية بشأن تلك المرحلة، ويراضي خصومه بإرسال وفد بلا صلاحيات للقاهرة».

امرأة فلسطينية تسير على طريق موحل وسط الدمار في بيت حانون شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبرأي أنور، فإن مصر وقطر ستعملان على تجاوز المعضلات الحالية التي يضعها نتنياهو، ومحاولة إيجاد ضمانات تقود للمرحلة الثانية، ونتنياهو نفسه يبحث عن حل وسط يكون بمثابة «كارت إنقاذ» لحكومته، وفي نفس الوقت الالتزام بالاتفاق عبر إعادة تسمية المرحلة بأن تكون «الأولى مكرر» أو «دفعة رمضان»، لكي يقول إنه لم يدخل المرحلة الثانية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن ويتكوف يملك صلاحيات، ويمكن أن يمارس ضغطاً أكبر في استمرار الهدنة والدفع بها مع الوسطاء للمرحلة الثانية، «وهذا ما يُنتظر»، لافتاً إلى أن «نتنياهو يريد المماطلة، لكن القاهرة والدوحة تريدان إنقاذ الاتفاق والدفع لبدء المرحلة الثانية في أقرب وقت لتجاوز مساعي إسرائيل لتعطيل الصفقة، والتي منها إرسال وفد بلا صلاحيات، بخلاف استهدافاته المتتالية ضد (حماس) اليومين الماضيين».

ونعت «حماس»، الاثنين، في بيان صحافي، أحد قادتها العسكريين، وهو محمد شاهين الذي استهدفته إسرائيل عبر طائرة مُسيَّرة في مدينة صيدا بلبنان، في ثاني موقف للحركة بعد إدانتها قصفاً إسرائيلياً شرق رفح، الأحد، أسفر عن مقتل 3 عناصر من الشرطة، مؤكدة في بيان أن «ذلك يعد انتهاكاً خطيراً لاتفاق وقف إطلاق النار».

وعاد نتنياهو في تصريحات، الاثنين، لوعوده السابقة، قائلاً: «كما تعهدت بأنه بعد الحرب في غزة لن تكون هناك لا (حماس)، ولا السلطة الفلسطينية، يتعين عليَّ أن ألتزم بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنشاء غزة أخرى»، بعد حديث مصدر مصري مطَّلع، السبت، بأن حركة «حماس» أكدت عدم مشاركتها في إدارة قطاع غزة، خلال المرحلة المقبلة.

ووسط ذلك التصعيد، زار وفد من مجلس النواب الأميركي، الاثنين، معبر رفح البري الذي عبر من خلاله، الاثنين، 290 شاحنة مساعدات، منها 23 شاحنة وقود، بخلاف دخول 39 من المصابين والمرضى لمصر.

وبرأي الرقب، فإن نتنياهو يسعى لاستفزاز «حماس» بتلك العمليات والتصريحات للخروج من مأزقه السياسي بإعلان انهيار الاتفاق مع رد من الحركة، مشيراً إلى أن ما يطرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي يحمل احتمالات أنه يمهد لانقلاب على الاتفاق، وخاصة أنه يصر على عدم إدخال المساعدات بشكل كامل كما نص الاتفاق.

ويعتقد أنور أن «حماس» لن تفرط في ورقة الرهائن الرابحة بسهولة، وهي تدرك ألاعيب نتنياهو، مرجحاً أن تسعى للحصول على ضمانات حقيقية للمضي في الصفقة.