دمشق تنضم إلى مبادرة «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» الصينية

وفد اقتصادي إيراني يزور سوريا ويلتقي الأسد

صورة وزعتها وكالة «سانا» لاستقبال الرئيس الأسد وفداً إيرانياً برئاسة رستم قاسمي وزير الطرق وبناء المدن في دمشق أمس (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة «سانا» لاستقبال الرئيس الأسد وفداً إيرانياً برئاسة رستم قاسمي وزير الطرق وبناء المدن في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

دمشق تنضم إلى مبادرة «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» الصينية

صورة وزعتها وكالة «سانا» لاستقبال الرئيس الأسد وفداً إيرانياً برئاسة رستم قاسمي وزير الطرق وبناء المدن في دمشق أمس (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة «سانا» لاستقبال الرئيس الأسد وفداً إيرانياً برئاسة رستم قاسمي وزير الطرق وبناء المدن في دمشق أمس (أ.ف.ب)

بالتزامن مع توقيع دمشق وبكين مذكرة تفاهم تتيح انضمام دمشق إلى المبادرة الصينية (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين)، وصل إلى دمشق أمس (الأربعاء) وفد اقتصادي إيراني برئاسة رستم قاسمي وزير الطرق وبناء المدن رئيس اللجنة الاقتصادية السورية - الإيرانية المشتركة من الجانب الإيراني.
وتتيح اتفاقية انضمام سوريا إلى المبادرة الصينية فتح آفاق واسعة من التعاون مع الصين وعدد من الدول الشريكة بالمبادرة في مجالات تبادل السلع والتكنولوجيا ورؤوس الأموال وتنشيط حركة الأفراد إضافة إلى التبادل الثقافي، بحسب بيان نشرته وكالة (سانا).
من جانبه، بحث الوفد الاقتصادي الإيراني مع الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقاء أمس «مجالات العمل الثنائي في القطاعين العام والخاص وتشجيع الاستثمارات المشتركة»، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) التي أفادت بتأكيد الأسد «أهمية إقامة مشاريع جديدة تحقق المنفعة الاستراتيجية المشتركة لسوريا وإيران وتربط بين قطاع الأعمال في كلا البلدين». كما بحث اللقاء سبل توسيع مجالات العمل الثنائي في القطاعين العام والخاص وتشجيع الاستثمارات الإيرانية - السورية بهدف «إعطاء دفعة جديدة للروابط التجارية والاقتصادية».
وتسعى إيران التي وطدت قواعدها العسكرية في محافظة دير الزور وسيطرتها على مدينة البوكمال ومعبرها الحدودي مع العراق، منذ عام 2018، إلى تحقيق هدفها بإنجاز ممر بري يوصلها بالبحر الأبيض المتوسط ولبنان عبر العراق وسوريا، وهو المشروع الذي واجهته عراقيل كثيرة، أخطرها مواصلة إسرائيل توجيه ضرباتها العسكرية لأهداف ايرانية في سوريا، علماً أن ايران تستخدم ميناء اللاذقية على شاطئ المتوسط للشحن البحري إلى سوريا، حيث أعلن في مارس (آذار) الماضي عن إنشاء خط شحن بحري منتظم بين إيران وسوريا لنقل البضائع. وبموجب اتفاقية مبرمة بين طهران ودمشق، تنقل سفن الشحن البضائع بانتظام من إيران إلى سوريا مرة واحدة شهرياً. وتعرض ميناء اللاذقية إلى ضربتين إسرائيليتين خلال الشهر الماضي وقالت وسائل إعلام إنهما استهدفتا «أسلحة متطورة مهربة من إيران عن طريق البحر».
وتزامنت زيارة الوفد الاقتصادي الإيراني مع توقيع دمشق وبكين مذكرة تفاهم في إطار مبادرة (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين) في مبنى هيئة التخطيط والتعاون الدولي بدمشق. ووقع المذكرة من الجانب السوري رئيس هيئة التخطيط فادي الخليل وعن الصين سفيرها بدمشق فنغ بياو.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.