«العمال» يدعو لمحاسبة {النهضة} لـ«اقترافها جرائم بحق التونسيين»

تشمل التسفير لبؤر التوتر والاغتيالات السياسية ونهب المال العام

منظمات سياسية وحقوقية دعت لتنظيم وقفات احتجاجية في العاصمة تونس غداً الجمعة (رويترز)
منظمات سياسية وحقوقية دعت لتنظيم وقفات احتجاجية في العاصمة تونس غداً الجمعة (رويترز)
TT

«العمال» يدعو لمحاسبة {النهضة} لـ«اقترافها جرائم بحق التونسيين»

منظمات سياسية وحقوقية دعت لتنظيم وقفات احتجاجية في العاصمة تونس غداً الجمعة (رويترز)
منظمات سياسية وحقوقية دعت لتنظيم وقفات احتجاجية في العاصمة تونس غداً الجمعة (رويترز)

قال حمة الهمامي، رئيس حزب العمال التونسي (يساري)، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة التونسية، إن قيادات حزبه «طالبت مراراً وتكراراً بمحاسبة راشد الغنوشي وحركة النهضة، على ما اقترفاه من أخطاء وجرائم في حق التونسيين طوال سنوات الإرهاب، والتسفير لبؤر التوتر والاغتيالات السياسية، ونهب المال العام». وفي غضون ذلك، تستعد أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية عدة لتنظيم وقفات احتجاجية في 14 من يناير (كانون الثاني) الحالي، بمناسبة ذكرى إسقاط النظام السابق.
وأضاف حزب العمال، موضحاً، أنه كان دائماً يعبّر عن رفضه لـ«عمليات الاحتجاز القسري، والاختطاف وتعذيب المواطنين في تونس». في إشارة إلى احتجاز نور الدين البحيري، نائب رئيس حركة النهضة، والقيادي الأمني فتحي البلدي، وإخضاعهما للإقامة الإجبارية على خلفية تهم بتزوير جوازات سفر.
وبهذا الخصوص، قال الهمامي، إن حزبه «يرى أن البحيري لم يحتجز بسبب ملفات كبرى، مثل الإرهاب والتسفير والاغتيالات السياسية، بل في قضايا منح الجنسية لأجانب، وهي قضايا مرّت عليها سنوات عديدة». مؤكداً أن حزبه «يؤيد محاسبة (النهضة) حسب القانون، لكنه يرفض أسلوب الخطف والاحتجاز القسري، وما حدث للبحيري قد يحدث لغيره».
وأضاف الهمامي موضحاً، أن ما يفعله الرئيس سعيّد اليوم يذكّره بما قام به رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد خلال الحملة، التي قادها سنة 2019 ضد الفساد، وقال، إن الكثير من السياسيين «كانوا يصفقون لذلك. لكننا نرفض هذه الأساليب... ونطالب الرئيس أن يترك القضاء ليقرر في ملف البحيري». مذكراً في هذا السياق بأن الرئيس سعيّد «تحدث طويلاً عن ملفات ومعطيات دقيقة يمتلكها تدين البحيري، لكنه لم يقدم أيّاً منها للقضاء، وهو فقط يزايد بهذه الملفات»، على حد قوله.
من جهتها، قالت حركة النهضة أمس إن الحالة الصحية للقيادي في الحزب نور الدين البحيري، الخاضع
للإقامة الجبرية «باتت في مرحلة الخطر الشديد، ويشارف على الموت».
وأضافت الحركة أنها تحمل السلطة القائمة المسؤولية الكاملة عن حياة البحيري «المهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بعد وصوله حالة حرجة جدا»، وفق ما جاء في بيان لها.
على صعيد آخر، دعا سرحان الناصري، رئيس حزب «التحالف من أجل تونس»، المؤيد قرارات الرئيس سعيّد، إلى منع التجمعات المرتقبة في 14 من يناير الحالي لـ«أسباب صحية وأخلاقية»، وذكّر في هذا السياق بوفاة 20 ألف تونسي بفيروس كورونا في عهد حكومة هشام المشيشي.
ووصف الناصري معارضي الرئيس سعيّد، الذين يعتزمون الاحتجاج غداً (الجمعة) بـ«المعارضة الكاذبة»، واتهمهم بتلقي تمويلات من حركة النهضة، مؤكداً أنها «تدعمهم لوجيستياً».
في المقابل، عبّر فوزي الشرفي، رئيس حزب المسار الديمقراطي (يساري)، عن حاجة تونس إلى «حوار وطني عاجل يخرجها من أزمتها السياسية والاجتماعية الخانقة»، وقال، إن حزبه «يقف ضد منظومة ما قبل 25 يوليو (تموز) 2021». معلناً ترحيبه بقرارات الرئيس. لكنه أوضح في المقابل، أنه كان «يأمل ألا تتجاوز التدابير الاستثنائية شهراً واحداً، لكنه فوجئ بتجميع كل السلط في يد واحدة مع انفراد بالرأي». ودعا الشرفي رئيس الدولة إلى «ضرورة الاستماع إلى الأحزاب والهياكل الوسيطة، وعدم التعامل مع الجميع كرعايا»، على حد تعبيره.
وأكد الشرفي عدم مشاركته في مسيرات الجمعة الاحتجاجية؛ لأنه لن يقف إلى جانب «حراك مواطنون ضد الانقلاب»، مؤكداً في السياق ذاته، أنه لن يقف إلى جانب حركة النهضة، وحزب قلب تونس كذلك؛ لأنه يحمّلهما مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تونس.
من ناحية أخرى، أصدرت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف في العاصمة تونس، أوامر بالسجن في «ملف النفايات الإيطالية». كما رفضت مطالب رفع حجر السفر على المحالين بحالة سراح، وأرجعت الملف إلى قاضي التحقيق، وطلبت منه تكليف مجموعة من الخبراء في البيئة والنقل البحري والحسابات من أجل تقدير الأضرار في حال وجودها.
وكانت محكمة الاستئناف في سوسة قد أحالت المتهمين في قضية النفايات الإيطالية بتهم متعددة، من بينها استخلاص موظف عمومي لمنفعة دون وجه قانوني، والتوريد الممنوع لبضاعة ممنوعة، والاعتداء على الأشخاص والأملاك، وقد شملت الأبحاث أكثر من 20 متهماً، من بينهم وزير بيئة سابق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.