علماء يحددون آلية جديدة تسبب العقم لدى الذكور

اختراق قد يوفر أملا في خيارات علاجية أفضل للمرضى بالمستقبل

علماء يحددون آلية جديدة تسبب العقم لدى الذكور
TT

علماء يحددون آلية جديدة تسبب العقم لدى الذكور

علماء يحددون آلية جديدة تسبب العقم لدى الذكور

نشر موقع "ساينس ديلي" العلمي المتخصص خبرا أفاد فيه بأن دراسة جديدة نشرت بمجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" العلمية توصلت الى أن هناك آلية وراثية جديدة يمكن أن تسبب أشكالا حادة من العقم عند الذكور، وهو اختراق قد يوفر أملا في خيارات علاجية أفضل للمرضى في المستقبل.
وكشفت الدراسة الجديدة أن الطفرات الجديدة غير الموروثة من الأب أو الأم تلعب دورا رئيسيا في العقم الذي يصيب بعض الذكور؛ فقد وجد مجموعة من العلماء بجامعة نيوكاسل البريطانية أن الطفرات التي تحدث أثناء عملية التكاثر عندما يتكرر الحمض النووي لكلا الوالدين، يمكن أن تؤدي إلى العقم عند الرجال في وقت لاحق من الحياة.
وحسب الدراسة، يمكن أن يساعد هذا الفهم الجديد في تقديم المزيد من الإجابات في المستقبل حول السبب وأفضل خيارات العلاج المتاحة للأزواج المصابين بالعقم.
وفي توضيح أكثر لهذا الامر، قال البروفيسور جوريس فيلتمان عميد معهد العلوم البيولوجية بجامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة، الذي قاد البحث (وركز على مرضى من مركز نيوكاسل للخصوبة والمركز الطبي بجامعة رادبود بهولندا) "ان هذا يعد نقلة نوعية حقيقية في فهمنا لأسباب العقم عند الذكور. لأن معظم الدراسات الجينية تبحث أسباب العقم الموروثة بشكل مبتور، حيث يكون كلا الوالدين حاملين لطفرة في الجين، ويحدث العقم عندما يتلقى الابن كلتا النسختين المتحورتين ما يؤدي إلى مشاكل في الخصوبة... ومع ذلك وجدنا أن الطفرات التي تحدث عندما يتكاثر الحمض النووي أثناء التكاثر لدى الوالدين تلعب دورا مهما في العقم عند الأبناء... حاليا لا نفهم السبب الكامن وراءه لكننا نأمل أن يؤدي هذا البحث لزيادة النسبة المئوية للرجال الذين يمكننا تقديم إجابات لهم".
وفي هذا الاطار، درس العلماء الحمض النووي لمجموعة عالمية من 185 رجلا مصابا بالعقم وأولياء أمورهم، وحددوا 145 طفرة نادرة تغير البروتين والتي من المحتمل أن تؤثر سلبا على خصوبة الذكور.
ووفق الموقع، تؤثر 29 طفرة على الجينات التي تشارك بشكل مباشر في العمليات المتعلقة بتكوين الحيوانات المنوية وعملية تطوير خلايا الحيوانات المنوية أو العمليات الخلوية الأخرى المتعلقة بالتكاثر. فيما حدد الخبراء الطفرات في الجين RBM5 في العديد من الرجال المصابين بالعقم.
جدير بالذكر، ان الأبحاث السابقة التي أجريت على الفئران أظهرت أن هذا الجين يلعب دورا في عقم الذكور. والأهم من ذلك أن هذه الطفرات تسبب في الغالب شكلا سائدا من العقم؛ حيث يتطلب الأمر جينا واحدا متحورا فقط. ونتيجة لهذا الأمر هناك احتمال بنسبة 50% أن ينتقل العقم الناجم عن هذه الطفرات إلى الابن وقد يؤدي ذلك إلى العقم عند الأبناء.
وأكد فيلتمان "إذا تمكنا من الحصول على تشخيص جيني فيمكننا البدء في فهم مشاكل العقم عند الرجال بشكل أفضل ولماذا لا يزال بعض الرجال المصابين بالعقم ينتجون حيوانات منوية يمكن استخدامها بنجاح للمساعدة على الإنجاب".
ويسعى العلماء لتوسيع عملهم من خلال دراسة آلاف المرضى وأولياء أمورهم على نطاق دولي سيقومون من خلاله بمتابعة أبحاثهم وإجراء مزيد من الدراسات حول الدور الذي تلعبه هذه الجينات.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».