ترشُّح معارضَين بين 27 ألفًا في الانتخابات البلدية في كوبا

أول اقتراع في البلاد منذ بدء خطوات تطبيع العلاقات مع واشنطن

ترشُّح معارضَين بين 27 ألفًا في الانتخابات البلدية في كوبا
TT

ترشُّح معارضَين بين 27 ألفًا في الانتخابات البلدية في كوبا

ترشُّح معارضَين بين 27 ألفًا في الانتخابات البلدية في كوبا

صوت الكوبيون أمس لاختيار أعضاء مجالسهم البلدية، في اقتراع ترشح فيه 27 ألف شخص، بينهم معارضان لنظام الأخوين كاسترو، في سابقة في الجزيرة الشيوعية.
ومن خلال الانتخابات، سيتم اختيار أعضاء 168 مجلسا يبلغ عددهم 12 ألفا و589 في مجالس أحياء. وترشح لهذا الاقتراع في مدينة هافانا معارضان، المحامي والصحافي المستقل ايلديبراندو كافيانو الذي يبلغ 65 عاما، ومهندس المعلوماتية يونيل بوبيز الذي يبلغ 26 عاما.
وقال كافيانو المرشح عن حي في وسط العاصمة، لوكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس: «يجب أن نذهب إلى أبعد من الإدانات ونبحث عن وسائل لحل المشكلات التي نواجهها». وأوضح أن «نضج الشعب الكوبي» هو الذي دفعه لترشيح نفسه. ويذكر أن هذه أول انتخابات تجري في كوبا منذ الانفتاح الأميركي على هافانا وإعلان البلدين خطوات باتجاه تطبيع العلاقات بين البلدين.
أما لوبيز الناشط في الحزب غير المرخص «كوبا مستقلة وديمقراطية» فعبر عن أسفه لأنه منذ اليوم الأول لإعلان ترشحه «لم تكفّ السلطات عن شن حملة ضده» في حيه في جنوب هافانا.
وانتقد المرشحان استخدام عبارة «ضد الثورة» في الحديث عنهما في السيرة الذاتية لكل منهما التي وضعتها السلطات في المراكز الانتخابية، واعتبرا أنهما مناورة تهدف إلى منع الناخبين من التصويت لهما.
والتصويت ليس إلزاميا في كوبا، لكنّ مؤيدي النظام يتصلون بالسكان مباشرة لإقناعهم بالاقتراع بينما توجه وسائل الإعلام الحكومية نداءات متكررة للتوجه إلى صناديق الاقتراع.
وترشح الاثنان لأول مرة في الانتخابات المحلية في البلاد، وإذا جرى انتخابهما فسيكون الأمر حدثا غير مسبوق على مستوى البلاد، لا سيما أن حزبا واحدا حكم كوبا على مدار عقود كثيرة.
وقال المرشحان إنهما يعتقدان أن الحكومة لم تنجح في مواجهة التأييد الذي تلقياه في جولة الافتتاحية من الانتخابات.
وتؤكد السلطات أن النظام الانتخابي الذي يعود إلى 1976 هو «الأكثر ديمقراطية وشفافية»، لكن المعارضة غير القانونية تدينه وتؤكد أن الحزب الشيوعي لا يقدم مرشحين لكنه يتأكد عبر نفوذه وعدد ناشطين من عدم انتخاب أي معارض.
ويتوجه الكوبيون إلى مراكز الاقتراع كل سنتين ونصف السنة لاختيار أعضاء المجالس البلدية في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 11,1 مليون نسمة، كما أعلنت يوم السبت الماضي الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي «غرانما».
ويذكر أن وعد الرئيس الكوبي راؤول كاسترو بتغييرات في طريقة الانتخابات في الدولة، إلا أنه لم يقم بتقديم أي تفاصيل حول ذلك.
وقال مراقبون إن «حقيقة مشاركة خصوم معارضين في الانتخابات هو إشارة أولى ولو بشكل ظاهر إلى أن السلطات الكوبية تسعى لتليين مواقفها حيال السيطرة على الحياة السياسة في البلاد».
وأعلن كاسترو ونظيره الأميركي باراك أوباما في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن بلديهما سيقومان بترميم العلاقات بينهما بعد نصف قرن من العداء المتواصل بينهما. والتقيا بداية الشهر الحالي في قمة باناما في لقاء تاريخي يمهد لتطبيع العلاقات.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.