السيسي: الاقتصاد المصري حقق نمواً إيجابياً ويستطيع تحمل صدمات أخرى

أطلق النسخة الرابعة من «شباب العالم»

السيسي وقرينته والرئيس  عباس وميقاتي وولي عهد الأردن خلال حفل افتتاح النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي وقرينته والرئيس عباس وميقاتي وولي عهد الأردن خلال حفل افتتاح النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم أمس (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الاقتصاد المصري حقق نمواً إيجابياً ويستطيع تحمل صدمات أخرى

السيسي وقرينته والرئيس  عباس وميقاتي وولي عهد الأردن خلال حفل افتتاح النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي وقرينته والرئيس عباس وميقاتي وولي عهد الأردن خلال حفل افتتاح النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم أمس (الرئاسة المصرية)

افتتح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، النسخة الرابعة من «منتدى شباب العالم» بمدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، وبينما ركز في كلمته الافتتاحية على مبادئ الانفتاح وقبول الآخر، وأهمية المشاركة المجتمعية الدولية، ودعم الشباب، أظهر ثقة كبيرة في قدرة بلاده على تجاوز التحديات، مؤكداً قدرة الاقتصاد المصري على تحمل صدمات أخرى قد يسببها وباء كورونا في المستقبل، بفضل زيادة معدلات النمو رغم الجائحة.
وفي الاحتفال الذي حضره كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، والأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، بجانب رئيس وزراء لبنان، نجيب ميقاتي وقرينته، وولي عهد الأردن، الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، بالإضافة إلى عدد كبير من السياسيين والوزراء والسفراء والإعلاميين المصريين والعرب والأجانب، وآلاف الشباب من 5 قارات، قال السيسي إن المنتدى «بات منصة حوار وتواصل بين الشباب وأداة لتبادل الرؤى بين كل شباب العالم».
وشهد حفل الافتتاح بالقاعة الرئيسية بمركز مؤتمرات شرم الشيخ فقرات غنائية وعرض أفلام تسجيلية عن الوباء، وتفاعل الجمهور بشكل لافت مع أغنية النسخة الرابعة من المنتدى «ورجعنا تاني»، كما شهد الحفل عروضاً مميزة، بعضها اعتمد على تقنية الهولوغرام.
ولفتت الفنانة الإسبانية إيتزيار إيتونو، بطلة مسلسل «لا كاسا دي بابيل»، أو «بيت من ورق»، الأنظار إليها، عقب إطلالتها على المسرح، وتحدثها بمفردات عربية، وأعربت عن سعادتها بحضور منتدى شباب العالم، مؤكدة أهمية الثقافة ودورها في ظل جائحة كورونا وضرورة العمل لبناء مستقبل أفضل. وكشف السيسي في الجلسة الرئيسية بأولى أيام المنتدى أن مبادرة «حياة كريمة» تستهدف تطوير حياة 60 مليوناً بتكلفة 700 مليار جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري). مشدداً على أن العالم ما بعد «كورونا» سيكون مختلفاً تماماً عن العالم قبل الجائحة. وأضاف أنه «رغم تأثر مصر بالجائحة، وخصوصاً قطاعي السياحة والطيران، فإن العمل في المشروعات القومية وغيرها لم يتوقف، عكس ما قام به كثير من دول العالم»، وأوضح أن «مصر حققت نمواً اقتصادياً إيجابياً خلال العامين الماضيين»، مؤكداً «ضرورة عدم توقف الحياة مهما كانت المحنة». وأشار الرئيس المصري إلى أنه «لا سبيل لتجاوز التحديات الراهنة أمام العالم، سوى إخلاص النوايا، والعمل معاً»، مضيفاً أن «المنتدى بات منصة دولية لتبادل الحوار والتواصل بين الشباب، وأداة لتبادل الرؤى بين كل العالم»، مشيراً إلى «أنه ليس للإنسانية سبيل لتجاوز تحديات بقائها وأزماتها الراهنة، إلا بإخلاص النوايا وإنهاء الصراعات وإدارة الاختلاف والعمل المشترك من أجل الإنسانية والسلام». واستعرض السيسي تجربة مصر في مكافحة «كورونا»، قائلاً إن «المبادرات الرئاسية التي نفذتها مصر في مجال الصحة، وخصوصاً استراتيجية القضاء على فيروس (سي) ساهمت بشكل كبير في تقليص أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا في البلاد». واستحوذت جائحة «كورونا» على فعاليات اليوم الأول من المنتدى، إذ دعا رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيريسوس، في كلمة له عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» الشباب إلى إيجاد الحلول وتقديم الأفكار لبناء مستقبل أفضل، وقال في كلمته «الافتراضية» إن «أفكار الشباب وحلولهم المبتكرة لا تنضب، مطالباً بمنحهم الأولوية في المناقشات المتعلقة بالسياسات والاستثمار، في المنتدى».
وعبر تقنية الفيديو كونفرانس، شارك في الجلسة الرئيسية للمنتدى «جائحة كورونا... إنذار للإنسانية وأمل جديد»، عدد من الرؤساء والمسؤولين، في مقدمتهم رئيس جمهورية مالطا جورج فيلا، ورئيس دولة رومانيا كلاوس يوهانيس، ورئيس جمهورية كولومبيا إيفان دوكي، ورئيس جمهورية زامبيا هاكيندي هيشليما، ورئيس وزراء جمهورية تنزانيا قاسم مجاليوا؛ حيث اتفق معظمهم على ضرورة التركيز على تأثيرات الجائحة على الأجيال الشابة، وأهمية الاستماع إلى آراء الشباب. وحظيت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون الشباب الدكتورة شما المزروعي بحفاوة لافتة داخل قاعة المؤتمرات لوصفها مصر بأنها «قلب لكل العرب»، معتبرة إياها «وطنها الثاني الذي تتحرك تجاهه بعواطفها فقط قبل أي اعتبار»، مذكرة بكلمات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: «نهضة مصر هي نهضة الأمة العربية كلها». وهو ما تفاعل معه الحضور بالتصفيق والاحتفاء الشديدين. وقالت إن الإمارات لديها تجربة رائدة في الاهتمام بالشباب، حيث تم فصل وزارة الشباب عن الرياضة، لتلبية احتياجات جموع الشباب والعمل على انخراطهم بالمؤسسات الإماراتية وصناعة القرار. بينما قال السفير الأميركي بالقاهرة جوناثان كوهين، في كلمته، إن «بلاده شاركت بأكثر من 50 مليون دولار لمساعدة الحكومة المصرية على مجابهة تداعيات الجائحة، فضلاً عن التبرع بعدد كبير من الأجهزة الطبية والاختبارات، كما وفّرت بالمشاركة مع (كوفاكس) أكثر من 60 مليون جرعة من اللقاحات لمصر». وأعرب جوناثان عن شكره للرئيس السيسي، لما أبدته مصر من سخاء بالغ عندما تبرعت بكثير من الأجهزة الطبية والمستلزمات للدول الأخرى للتعامل مع أزمة «كوفيد».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.