نشاط متزايد لـ«داعش» في البادية السورية... وتحذير من «عودة مرعبة»

ينتشر في منطقة تبلغ مساحتها نحو 4000 كلم مربع

أبنية مهدمة في مدينة القريتين التي سيطر عليها تنظيم «داعش» عام 2015 على تخوم البادية السورية بمحافظة حمص (أ.ف.ب)
أبنية مهدمة في مدينة القريتين التي سيطر عليها تنظيم «داعش» عام 2015 على تخوم البادية السورية بمحافظة حمص (أ.ف.ب)
TT

نشاط متزايد لـ«داعش» في البادية السورية... وتحذير من «عودة مرعبة»

أبنية مهدمة في مدينة القريتين التي سيطر عليها تنظيم «داعش» عام 2015 على تخوم البادية السورية بمحافظة حمص (أ.ف.ب)
أبنية مهدمة في مدينة القريتين التي سيطر عليها تنظيم «داعش» عام 2015 على تخوم البادية السورية بمحافظة حمص (أ.ف.ب)

فيما واصل الطيران الروسي قصف مخابئ وأوكار يختبئ فيها مقاتلو تنظيم «داعش» في البادية السورية، نشر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا) تقريراً مطولاً، أمس، أشار فيه إلى أن هذا التنظيم الإرهابي يكثف عملياته في البادية، ويهدد مناطق سورية أخرى في إطار «محاولات مستمرة لإثبات وجوده عبر خلاياه النائمة».
ونقلت صحيفة «الوطن»، الصادرة في دمشق، في عددها أمس (الاثنين)، عن «مصدر ميداني» في البادية الشرقية قوله إن الطيران الحربي السوري والروسي «أغار على مخابئ لتنظيم (داعش) الإرهابي في عمق البادية محققاً فيها إصابات دقيقة»، موضحاً أن الغارات «استهدفت كهوفاً ومغاور اتخذها (الدواعش) مخابئ لهم، وذلك في قطاعات البادية الشرقية بحمص ودير الزور والرقة».
وجاءت الغارات في وقت ذكر «المرصد السوري»، في تقرير موسع، أن «داعش» يواصل «عملياته المكثفة» في إطار «محاولات مستمرة لإثبات وجوده عبر خلاياه النائمة بعد الخسائر الضخمة التي تكبدها خلال السنوات الأخيرة بفعل العمليات العسكرية التي استهدفت أبرز معاقل التنظيم المتطرف وفلوله، والتي أفضت إلى إنهاء نفوذه كقوة مسيطرة على مناطق» في سوريا، في إشارة إلى القضاء على آخر معاقل التنظيم في الباغوز بريف دير الزور عام 2019.
وأكد «المرصد» أنه «لطالما حذر (...) من العودة المرعبة لهذا التنظيم الإرهابي الذي يسعى إلى تجميع ما تبقى من فلوله للتمركز من جديد برغم كل الخسائر في صفوف قياداته، فضلاً عن الخسائر المادية الضخمة التي كان يعتمد عليها»، والتي قدرت بملايين الدولارات. ونبه «المرصد» إلى «مخاطر استهداف التنظيم للمدنيين ومنازلهم، خصوصاً الأطفال وخطف النساء مقابل الفدية»، مؤكداً «مساندته للأهالي في المناطق غير الآمنة» التي تنتشر فيها خلايا «داعش».
وتحدث تقرير «المرصد» عن «محاولات تنظيم (داعش) لتأكيد حضوره بالأراضي السورية، خلافاً لإعلان قيادة التحالف الدولي هزيمته في شهر مارس (آذار) من عام 2019»، موضحاً أنه «بدت الآن واضحة عودة التنظيم من خلال العمليات المتصاعدة التي ينفذها ضمن مناطق نفوذ النظام و(قوات سوريا الديمقراطية)، مستغلاً كل فرصة سانحة لإثارة الفوضى وتنفيذ عملياته في رسالة صريحة مفادها بأن التنظيم لم ينته، وأنه لا يزال يملك القوة الكافية لمحاربة النظام وحلفائه». وأضاف: «تنتشر بؤر التنظيم على نحو 4000 كلم مربع انطلاقاً من منطقة جبل أبو رجمين في شمال شرقي تدمر وصولاً إلى بادية دير الزور وريفها الغربي، بالإضافة إلى تحركاته في بادية السخنة وفي شمال الحدود الإدارية لمحافظة السويداء».
وجاء في تقرير «المرصد» أن 880 شخصاً قُتلوا خلال العام الماضي (2021) في العمليات العسكرية ضمن البادية السورية، «هم: 484 من عناصر تنظيم (داعش) (83 منهم قضوا باستهدافات واشتباكات مع قوات النظام، والبقية - أي 401 - قتلوا بقصف جوي روسي)، و396 من قوات النظام والميليشيات الموالية لها قتلوا في استهدافات وهجمات وتفجيرات وكمائن لعناصر التنظيم». كما أشار التقرير إلى أن عام 2021 شهد أيضاً «أكثر من 344 عملية قامت بها خلايا التنظيم في مناطق نفوذ (الإدارة الذاتية) ضمن كل من دير الزور والحسكة وحلب والرقة. تمت تلك العمليات عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات». ووفقاً لـ«المرصد»، بلغت حصيلة القتلى جراء هذه العمليات العام الماضي «229 شخصاً، هم: 93 مدنياً بينهم 5 أطفال و9 نساء، و136 من (قوات سوريا الديمقراطية) وقوى الأمن الداخلي والدفاع الذاتي وتشكيلات عسكرية أخرى عاملة في المنطقة».
على صعيد آخر، واصلت السلطات السورية افتتاح مراكز لـ«التسويات» في مناطق الانتشار السابقة لـ«داعش» بشرق البلاد. وفي هذا الإطار، ذكر «المرصد» أن الأجهزة الأمنية السورية افتتحت مركزاً لـ«التسوية» في مدرسة الباسل ضمن مدينة السبخة بريف الرقة الشرقي، وذلك لتسوية «أوضاع المطلوبين» برعاية روسية.
وحسب «المرصد»، افتتحت قوات النظام قبل أيام، بعد الانتهاء من عمليات «التسوية» في مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، مركزاً لـ«التسوية» في بلدة الشميطية بريف دير الزور الغربي والمتاخمة لمناطق نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية». وشملت عمليات التسويات حتى الآن مدينة دير الزور ثم الميادين ثم البوكمال على الحدود مع العراق، وكلها كانت معاقل سابقة لتنظيم «داعش» خلال فترة سيطرته على أجزاء واسعة من سوريا والعراق.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.