انقلابيو اليمن يسعون لإنشاء صندوق جبابات لمصلحة أسر قتلاهم

TT

انقلابيو اليمن يسعون لإنشاء صندوق جبابات لمصلحة أسر قتلاهم

تسبب مشروع قانون لإنشاء صندوق جبايات جديدة قدمته الميليشيات الحوثية في تعطيل جلسات مجلس النواب غير الشرعي الخاضع لها في صنعاء، بعد أن عده النواب الموالون لفرع حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء بأنه «خاص بقتلى الميليشيات ويستبعد شهداء ثورتي سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)»، في خطوة جديدة وصفت بأنها «طائفية»، وتأتي ضمن النهج الذي تتبعه الميلشيات منذ انقلابها على الشرعية.
وكانت الميليشيات الحوثية قد أنشأت صندوقاً سابقاً لدعم المعلمين، وخصصت له موارد بمليارات الريالات، ومع هذا لم تصرف منه أي مبلغ للمعلمين الذين يعملون بدون رواتب منذ خمسة أعوام، حيث خصصته للإنفاق على قادتها ومجهودها القتالي.
ووفق مصادر سياسية في صنعاء فإن يحيى الراعي الذي يرأس البرلمان غير الشرعي رفع الجلسات إلى أجل غير مسمى بعد اقتحام قيادي حوثي أدخل مؤخراً في عضوية البرلمان غير المعترف به دولياً ويدعى علي بن علي المنبهي بثلاث سيارات دفع رباعي محملة بمسلحين ساحة مبنى البرلمان، وذلك بعد رفض النواب الموالين لفرع «المؤتمر الشعبي» هناك مشروع قرار إنشاء صندوق الجبايات الجديد الذي أطلق عليه «صندوق رعاية أسر الشهداء».
وقالت المصادر إن القيادي الحوثي المنبهي المنحدر من محافظة صعدة هو ممن استحدثت لهم الميليشيات الحوثية مقعداً بدلاً عن النواب المتوفين في مناطق سيطرتها بهدف إيجاد شرعية لحكمها الانقلابي.
وذكرت مصادر في «المؤتمر الشعبي» الخاضع للميليشيات في صنعاء أن الراعي رفض استئناف الجلسات حتى يرد الحوثيون اعتبار البرلمان، في حين ذكرت مصادر أخرى أن الراعي ومن معه وجد في الحادثة فرصة للتهرب من المطالبة بالحسابات الختامية.
ويعترض النواب الموالون لحزب «المؤتمر» على إصرار الحوثيين على استبعاد قتلى ثورتي سبتمبر وأكتوبر من قوائم المستفيدين من الصندوق الجديد واقتصار القوائم على قتلى الميليشيات التي تستحوذ أيضاً على المساعدات النقدية والعينية التي تقدمها المنظمات الإغاثية وكذلك الأموال التي تجنيها من عائدات الضرائب والجمارك وتجارة الوقود وعائدات ضرائب شركات الاتصالات.
وتأتي هذه الخطوة فيما لا يزال المعلمون ينتظرون الحصول على المكافآت التي وعدوا بها عندما بدأ العمل في صندوق دعم المعلمين والذي تأسس في نهاية 2019 حيث وعدت قيادة الميليشيات بالبدء بصرف مستحقات المعلمين ابتداءً من العام الدراسي الحالي لكنها لم تفعل، وانتهى الفصل الدراسي الأول دون أن يتسلم المعلمون المستحقات التي وعدوا بها ومقدارها خمسون دولاراً في الشهر.
وبحسب مصادر مطلعة، تبين أن جزءاً من إيرادات الصندوق تصرف للعناصر التي تعاقدت معها الميليشيات من أتباعها وجرى إحلالهم بدلاً عن المعلمين الذين تم فصلهم بسبب فرارهم من مناطق سيطرتها خشية الاعتقال أو رفضهم تعليم مناهج طائفية فرضتها على المدارس.
وقال معلمون لـ«الشرق الأوسط» إنه ومع بدء نصف العام الدراسي الأخير تبين أن قيادة الميليشيات صرفت مبالغ الدعم للعناصر الطائفية التي تم إحلالها عوضاً عن المعلمين الذين يعارضون النهج الطائفي الذي تتبعه في قطاع التعليم وتسعى لفرضه على الطلبة، حيث أقرت فصل عشرات الآلاف وأحلت عناصرها ضمن مخطط شامل لإيجاد جاهز موازٍ لأجهزة الدولة في قطاع التعليم كما عملت في قطاعات أخرى.
وتجمع الميليشيات المليارات سنوياً من عائدات صندوق دعم المعلمين حيث فرضت ١ في المائة على الرسوم الجمركية للسلع والبضائع الواردة عبر المنافذ الرئيسية و2 في المائة على ضرائب السجائر ومثلها على ضرائب نبتة «القات» و١ في المائة على كافة فواتير الاتصالات، وريالاً واحداً على كل لتر من الديزل والبنزين والغاز المنزلي، إلى جانب 10 ريالات تضاف على كل كرتون مياه معدنية، أو عصائر أو مشروبات غازية مصنعة محلياً، ونصف ريال على كل كيس أسمنت محلي أو مستورد، ونسبة ٥٠ في المائة من الرسوم الدراسية المحصلة، و1 في المائة على قيمة التذاكر جواً وبراً وبحراً، و٢٠٠ ريال، على كل تجديد إقامة أو تصريح عمل بالنسبة للأجانب. (الدولار نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
وبحسب مصادر تعليمية، تم تعيين إدارة للصندوق من قيادة الميليشيات حيث يتم تحصيل الإيرادات وتحويل الصندوق إلى قلعة من قلاع الفساد الكبرى حيث لا يعرف أحد مصير المبالغ الضخمة التي يتم تحصيلها باستثناء تلك المبالغ التي يتم صرفها لمنتسبي الميليشيات فقط.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».