التسعير بالدولار كابوس يؤرق اللبنانيين

أصحاب مولدات الكهرباء يصدرون فواتير بالعملة الصعبة

TT

التسعير بالدولار كابوس يؤرق اللبنانيين

رغم أن القوانين اللبنانية تمنع تسعير السلع والخدمات بغير العملة الوطنية، بات القسم الأكبر من التجار وموزعي الخدمات في لبنان يسعرون بالدولار الأميركي، ويعرضون الدفع بالعملة المحلية وفق سعر صرف السوق السوداء أو بـ«الفريش دولار»، ما يشكل كابوساً لغالبية اللبنانيين، بالنظر إلى أن أكثرية العاملين في لبنان يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها مع تخطي سعر صرف الدولار الواحد في الساعات الماضية عتبة الـ31 ألف ليرة لبنانية.
واستهجن عشرات المواطنين تسليمهم فواتير الاشتراك بالمولدات الكهربائية هذا الشهر بالدولار الأميركي. وقال مارون مطر (40 عاماً) وهو من سكان إحدى قرى جبل لبنان، أن فاتورة المولد وصلته وللمرة الأولى هذا الشهر بالدولار، وأن الشخص الذي يتولى تحصيل الأموال من المشتركين خيّره بين الدفع بالدولار أو بالليرة اللبنانية على سعر صرف السوق السوداء.
وقال مطر لـ«الشرق الأوسط»: «لا تكفينا مشقة تأمين المبالغ الطائلة لأصحاب المولدات التي تساوي أكثر من نصف رواتبنا، فهم يهددوننا اليوم بزيادة ساعات التقنين لأكثر من 14 ساعة في اليوم بحجة أنهم يتكبدون خسائر كبيرة».
ويؤكد رئيس تجمع أصحاب المولدات عبدو سعادة أنهم كتجمع لا يتبنون التسعير بالدولار ويعتمدون التسعير على سعر صرف السوق السوداء بالليرة اللبنانية، معتبراً أن «ما يؤدي لاستمرار الأزمة وتكبد أصحاب المولدات خسائر كبيرة هو تأخر المشتركين بتسديد فواتيرهم باعتبار أن التسعير يحصل وفق سعر صرف معين مطلع الشهر، فيما الدولار يستمر بالتحليق كل يوم ما يؤدي لتكبد خسائر كبيرة».
ويرى سعادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحل هو بتسديد المشتركين فواتيرهم قبل الخامس من كل شهر وعودة الدولة لدعم المازوت ما يؤدي لانخفاض قيمة الفواتير».
وبات قسم كبير من أصحاب المحال التجارية يسعر السلع بالدولار بحيث يحتسبها للزبون الراغب بشرائها على سعر صرف السوق السوداء الذي يتبدل مع ساعات النهار.
وتسأل غادة يونس (51 عاماً) عن المنطق المعتمد من قبل التجار الذين يسعرون السلع بالدولار وهم يدركون أن الغالبية الساحقة من المواطنين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، مستغربة في حديث لـ«الشرق الأوسط» تخلي الوزارات المعنية عن مسؤولياتها بملاحقة هؤلاء التجار و«كأنه إقرار من قبلها على أننا دخلنا في وضع متفلت لن تكون قادرة على ضبطه».
ويطرح كل ذلك علامات استفهام كبيرة حول التوجه لنظام الدولرة الشاملة الذي يشجعه قسم من الخبراء الماليين ومنهم الباحثة في الشأنين الاقتصادي والمالي والأستاذة الجامعية الدكتورة ليال منصور التي تعتبر الدولرة الشاملة ممتازة لبلد كلبنان متى تم تنظيمها واعتمادها بشكل رسمي، منبهة من أن «تركها كما هو حاصل حالياً بحيث تفرض نفسها بشكل عشوائي، أمر سلبي جداً ويفاقم الانهيار».
وتكشف منصور لـ«الشرق الأوسط» أنه «في عام 1994 نشر صندوق النقد الدولي دراسة نصح فيها باعتماد الدولرة الشاملة في لبنان ولكن لأسباب سياسية رفض الاقتراح، وهو ما نخشى أن يتكرر اليوم». وتضيف: «بعد الحرب لجأ لبنان لتثبيت عملته وقد كان في ذلك الوقت حلاً للأزمة، لكن الفشل على مر السنوات الماضية بالحفاظ على العملة وتقويتها وضعنا اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تحرير العملة وهو ما يؤدي لانهيار دائم أو اعتماد الدولرة الشاملة وهي رغبة يفترض أن تصدر عن الدولة اللبنانية ويتلقفها صندوق النقد الذي لا شك لن يسير فيها مع الحكومة الحالية إنما من خلال حكومة جديدة تشكل بعد الانتخابات النيابية، علماً بأن اعتماد هذا النظام يعني الاستغناء عن السياسات النقدية وعن المصرف المركزي».



تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
TT

تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام واحد بسبب الأمطار والسيول الجارفة، داعياً المجتمع الدولي إلى سد الفجوة التمويلية لمواجهة آثار المناخ.

تصريحات الوزير اليمني جاءت على هامش مؤتمر قمة المناخ الدولي في العاصمة الأذربيجانية باكو، في الجلسة رفيعة المستوى الخاصة ببناء الشبكات لتعزيز السلام والقدرة على الصمود في البيئات المعرضة لتغيُّر المناخ، التي نظمتها مؤسسة «أودي» العالمية.

وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي التقى في باكو مسؤولين باليونيسيف (سبأ)

وأكد الشرجبي أن بلاده عازمة على مواصلة جهودها مع دول العالم لمواجهة تداعيات تغيُّر المناخ، مشدداً على أهمية إيجاد حلول شاملة للأزمة المناخية تشمل الجميع، بوصف الانتقال العادل جزءاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ واتفاق باريس للمناخ.

وأشار إلى أن اليمن شهد 6 أعاصير في 6 سنوات، وقال إن السيول والفيضانات خلال عام واحد أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية في بلد يعتمد، إلى حد كبير، على الزراعة، وهو ما يجعله من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية.

وشدّد الوزير الشرجبي على أهمية تسهيل الوصول للتمويلات المناخية لأغراض التكيف في البلدان الأكثر تضرراً من المناخ التي باتت تواجه تهديدات وجودية بسبب الآثار المتفاقمة للتغيرات المناخية، والتي تتسبب في زيادة حدَّة النزاعات والصراعات، وتقويض الاستقرار العالمي.

ودعا وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية المنظمات الدولية إلى التحرُّك لسد الفجوة التمويلية، من خلال تسهيل وزيادة التمويل المخصص للتكيف مع تغير المناخ، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وبناء القدرات في الدول النامية، ودعم الخطط الوطنية للدول النامية والأقل نموّاً، ومساعدتها على التكيُّف والانتقال نحو الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر.

برنامج وطني

على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف، المُنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو، أطلقت الحكومة اليمنية البرنامج الوطني لتمويل المناخ للفترة من 2025 وحتى 2030، والذي يهدف إلى تعزيز قدرة البلاد على التكيف مع التحديات المناخية المتزايدة.

وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، عبد الله العليمي، خلال فعالية خاصة ضمن أعمال مؤتمر المناخ، التزام القيادة السياسية والحكومة بتحقيق الأهداف المناخية رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة في بلاده.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الله العليمي خلال مشاركته في قمة المناخ في باكو (سبأ)

وأوضح العليمي أن التغير المناخي يمثل تحدياً عالمياً، إلا أنه يُشكل تهديداً أكبر لليمن؛ إذ يعاني الشعب من تبعات الحرب التي أشعلها الحوثيون المدعومون من النظام الإيراني، ما أدّى إلى تدهور الموارد الحيوية، وزاد من هشاشة البلاد تجاه تأثيرات التغيرات المناخية.

في السياق نفسه، أكد توفيق الشرجبي أن اليمن يواجه تحديات بيئية متصاعدة بفعل التغيرات المناخية، مثل الجفاف المتكرر، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة منسوب مياه البحر، ما يؤثر سلباً على الموارد المائية والزراعة والبنية التحتية.

وأكد الشرجبي، أن البرنامج الذي جرى إطلاقه يهدف إلى استجابة شاملة للاحتياجات الوطنية في مجال تمويل المناخ، من خلال تعزيز القدرات الوطنية وتطوير البنية التحتية وتشجيع الاستثمارات الخضراء.

وشهدت فعالية إطلاق البرنامج مشاركة واسعة من جهات محلية ودولية، منها صندوق المناخ الأخضر، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إضافة إلى ممثلين من وزارة الزراعة والري والثروة السمكية في الحكومة اليمنية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني أن البرنامج الوطني المتعلق بالمناخ يأتي استجابة للظروف البيئية الصعبة التي واجهت البلاد خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والأعاصير، التي أسهمت في زيادة هشاشة البلاد تجاه تأثيرات المناخ.

كما يهدف البرنامج إلى دعم جهود اليمن في مواجهة التحديات المناخية، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، بما يسهم في استقطاب استثمارات مناخية مستدامة.

تحذير دولي

في وقت سابق، وقَّعت 11 دولة على بيان يُحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في اليمن الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

وأكد البيان، الذي وقّعت عليه فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفه جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

الوفد اليمني المشارك في قمة المناخ بالعاصمة الأذربيجانية باكو (سبأ)

وطالب البيان بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.