رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية

خالد صلاح قال لـ«الشرق الأوسط» إن 67 ألف نسخة توزع يوميًا.. ولا توجد نية لإيقاف النسخة الورقية

رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية
TT

رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية

رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية

تمثل تجربة «اليوم السابع» علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية، ونقطة تحول مهمة في طريقها الناجح نحو الصحافة الإلكترونية، فلقد نجح الموقع الإلكتروني للصحيفة الذي انطلق في ديسمبر (كانون الأول) 2007، في أن يتقدم إلى صدارة المواقع الإلكترونية المصرية والعربية، وأن يحافظ على موقعه بالتوازي مع صدور النسخة الورقية للصحيفة عام 2008، والتي ظهرت «أسبوعية» قبل أن تتحول إلى «يومية» في 31 مايو (أيار) 2011.
وعبر ثماني سنوات، هي عمر «اليوم السابع»، نجح رئيس تحريرها الكاتب الصحافي خالد صلاح في أن يؤسس منظومة صحافية جديدة، وأن يطرح تصورا مغايرا على سوق الصحافة المصرية، تبعه الكثيرون بعد ذلك. ويفخر خالد صلاح بأنه تأثر كثيرا برائد الصحافة المصرية مصطفى أمين، ويعتبره مثله الأعلى. ورغم نجاح «اليوم السابع» إلكترونيا، فإنه يرفض فكرة زوال الصحافة المطبوعة، ويطرح عبر حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر «اليوم السابع»، تصوره لإعادتها إلى مجدها المسلوب، ويتحدث عن أبرز ملامح تجربته الصحافية. وإلى نص الحوار..

* بدأتم «اليوم السابع» إلكترونيا ثم ظهرت النسخة الورقية، وتوازى النجاح في الطريقين معا، حتى حدث تراجع واضح في توزيع النسخ الورقية للصحف المصرية مؤخرا، إلى أي مدى تأثرتم بذلك؟
- للأسف الشديد، لا توجد معلومات موثقة لدى صناع الصحافة في مصر عن أرقام التوزيع الحقيقية، وكل ما يتردد في السوق هو كلام خاطئ يردده المتنافسون كل عن الآخر. بالنسبة لنا لا يوجد تراجع في توزيع «اليوم السابع»؛ بل حدثت زيادة منذ 30 يونيو (حزيران) الماضي، وإن كنا نفخر في «اليوم السابع» أننا بالأساس صحيفة «ديجيتال».
أما بشكل عام على مستوى الصحافة المطبوعة في مصر، فإن هناك بالفعل تراجعا.. لا شك في ذلك، والتوجه أصبح إلى «الديجيتال». وقد حدث تراجع ملحوظ في الشهر الأخير في كل الصحف المصرية بعد أن تم رفع أسعار الصحف، وحدث نقص نحو 14 في المائة في المتوسط عن أرقام التوزيع قبل زيادة الأسعار.
* متى تتوقف النسخة الورقية لـ«اليوم السابع»؟
- لا توجد نية على الإطلاق لإيقاف النسخة الورقية، فرغم توجهنا الإلكتروني، فإننا نرى أن هناك احتمالات كبيرة أن تنمو سوق المطبوع رغم التدهور الحالي. هناك أفكار توزيعية وتسويقية غائبة عن السوق، نحن للأسف الشديد نتعامل مع مؤسسات حكومية في عمليات الطباعة والتوزيع، وليس لهذه المؤسسات الطموح الكافي للوصول بالنسخ المطبوعة إلى كل أسواق التوزيع الممكنة، فنحن نغيب بشكل عام عن نقاط توزيع استراتيجية ومهمة، والسياسات التوزيعية المتبعة من هذه الشركات لا تتضمن أي أفكار لتطوير هذه الصناعة، وأملنا الفترة المقبلة في وجود شركات خاصة مشتركة في مجال التوزيع لتسترد بعض مجد الصحافة المطبوعة. ودليلي على احتمالات النمو، أنه رغم التقدم الموجود في البلاد الغربية، فإن الصحافة المطبوعة لا تزال تحافظ على الكثير من بريقها.
* لكن هناك دراسات أوروبية وأميركية تؤكد بدء اختفاء الصحف المطبوعة مع حلول عام 2020، حتى تختفي تماما في عام 2040، ما تعليقك؟
- أتابع حركة الصحافة المطبوعة حول العالم، ولا نستطيع أن نقول إن هذه الدراسات مؤكدة، فهي دراسات تقديرية. وبحكم مشاركتي في تأسيس «اليوم السابع» فإن رهاني كان إلكترونيا، لكن أجزم لك بأن اختفاء الصحافة المطبوعة لن يحدث في حدود المدى المنظور، وأعتقد أننا في طريقنا لتغيير شكل الصحافة المطبوعة، ربما في تغيير حجم الورق وشكل الخدمة والتصميم الفني.
* معدل مبيعات الصحف الورقية في مصر كان يبلغ نحو مليوني نسخة عام 2010، وقد وصل هذا الرقم إلى نصف مليون في الأشهر الستة الأخيرة وفق مصادرنا.. هل لنا أن نعرف ما هو الرقم الفعلي لتوزيع النسخة الورقية من جريدتكم؟
- بالنسبة للصحف في مصر الرقم الأول صحيح ومعروف ومتداول، أما الثاني فأظن أنها قد وصلت إلى 800 ألف نسخة، وبالطبع انخفض هذا الرقم في الشهر الأخير بسبب ارتفاع أسعار الصحف، أما «اليوم السابع» فتطبع 90 ألف نسخة يوميا، وتوزع 67 ألف نسخة في المتوسط، وهذا الرقم على مسؤوليتي.
* ما هي معايير النجاح إلكترونيا؟
- التدفق السريع والمصداقية.
* وإلى أي مدى ترى أن اعتمادكم على مواد «إثارة» قد حقق نجاحا للموقع؟
- هذا كلام مرسل وغير حقيقي ولا يعبر عن رؤية علمية دقيقة، ودليلي في ذلك هو استمرار الجمهور في التعامل مع الموقع على أنه مصدر موثوق، وقد يكون طبيعة ما جرى في مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة سياسيا واجتماعيا وأمنيا هو ما أعطى انطباعا بأن الأخبار المصرية ساخنة.
* هل تواجهون ضغوطا كمؤسسات إعلامية مستقلة من الدولة في عهد الرئيس السيسي؟
- لا، إطلاقا، لا توجد أي ضغوط من الدولة.. ونحن نعتبر أنفسنا الآن شركاء في وطن واحد، ونتعامل مع كل القضايا الوطنية بفهم مشترك.
* يرى البعض أن الإعلام بطل في أزمات كثيرة في عهد الرئيس السيسي؟
- مثل ماذا؟
* مثل ما يحدث من تلاسن حالي مع إعلاميين عرب، وقبل ذلك تدخل الرئيس «شخصيا» واعتذر لأمير قطر؟
- بداية، التلاسن لا يصح تصنيفه على أنه أزمة، أما المثل الثاني فأوافقك فيه وهو مثال مهم، لكن كم شخصا من الإعلام خالف منطق الرئيس هذا؟ وكم شخصا عاد وفعل نفس الشيء؟ شخص واحد «غير إعلامي» في برنامج واحد، وما طالب به الرئيس السيسي هو طلب أخلاقي، وليس توجيها أو تدخلا.. وليس أزمة.. إذا أردت مثالا على من يصنع الأزمة فانظر إلى إعلام «الجزيرة».
* شاركتم في اجتماعات تحضيرية لتأسيس كيان يجمع الصحف المستقلة.. ما هو الهدف من هذا الكيان؟ وهل خفوت الحديث عنه يعني أنكم فشلتم في توحيد الصفوف؟
- غير صحيح أن هناك اختفاء للتحضيرات أو فشلا، فقط نحن نعمل بعيدا عن الأضواء، فلقد ظهرت الدعوة لإنشاء رابطة للصحافة الخاصة ليسمع صوتها كـ«صناعة اقتصادية»، كما أن مشكلات الصحافة الخاصة في مصر لم تكن على طاولة البحث التشريعي، حيث سيطرت الصحف الحكومية على لجان التشريع المكملة للدستور، كما كنا نريد لزملائنا أن يفهموا طبيعة التحديات التي تواجه مهنة وصناعة الصحافة. كما أن تجمعنا كان يهدف لتوحيد جهودنا في مواجهة تحدياتنا التسويقية، ومنها الخلل في علاقتنا مع شركات الاتصالات في خدمة الرسائل القصيرة (SMS)، نحن نتفاوض مع شركات الاتصالات كل مؤسسة على حدة، وبالتالي تفرض علينا أسعارا.. في حين أننا لو تفاوضنا بشكل جماعي سنحصل على الأسعار التي نريدها. ولأننا صحافة خاصة، وتؤثر علينا قواعد الربح والخسارة، فكنا نريد أن نجتمع لنقدم حلولا لهذه المشكلات التي تواجهنا، ولم يفهمنا «الجيل القديم» الكلاسيكي، الذي تصور أننا ندعو إلى «كيان بديل»، وبالتالي لأننا راعينا مستوى عقولهم، فقررنا أن نعمل وننسق مع بعضنا البعض دون الحاجة إلى ضجيج أو أي نوع آخر من التحالف العلني.
* أيهما أكثر في عائداته الإعلانية الموقع الإلكتروني لـ«اليوم السابع» أم الصحيفة الورقية؟
- الصحيفة الورقية ما زالت الأعلى دخلا.. وهذا من مصائب الدهر، فنحن نقول إن الصحافة المطبوعة أصبح لا أمل لديها والصحافة (الديجيتال) هي القادمة، لكن لا تزال الكعكة الأكبر للجرائد المطبوعة حتى الآن، ليس لأن المطبوع أفضل.. ففي «اليوم السابع» المطبوع مثلا نحو 90 ألف، بينما يدخل عليها 6 ملايين زائر للموقع.. لكن حتى الآن لم نتمكن من ترتيب سوق إعلانات (الديجيتال)، لأننا لو تعاملنا معه كـ«شاشة» في مقارنة مع التلفزيون فنحن في مأزق، لأن الإعلانات ستذهب إلى التلفزيون، فهناك تغير صادم لم يعلم به أحد، وسياسات التسعير خاطئة، كما أن وكالات الإعلانات في مصر ما زالت لم تستوعب التغير.
* إلى أي الوسيلتين تنحاز أكثر.. «الأونلاين» أم الورقي؟ وكيف تدير المواد الصحافية بين الوسيلتين؟
- منحاز لـ«الأونلاين».. وفي الخبر الأمر محسوم لصالحه، لكن هناك موضوعات نصنعها خصيصا للمطبوع، مثل التحقيقات الاستقصائية أو نشر ملفات القضايا حصريًا.
* هل هناك فريقان لإدارة العمل في كل من الموقع والصحيفة؟
- لدينا غرفة أخبار (newsroom) واحدة، بإدارة واحدة، ومن يقم بالفصل بين الاثنين يقع في خطأ ولا يدرس تجارب العالم؛ وسيندم على التراجع مثل «THE TIMES» التي فعلت ذلك، ثم صرفت مليوني جنيه إسترليني للدمج.
* وهل ترى أن الدمج والتوحد بينهما مرجعه لأمور اقتصادية أم مهنية؟
- للاثنين طبعًا.. أنت توفر في طاقم العمل (staff)، إضافة إلى أنه القرار المهني الأصح، هنا لدينا غرفة أخبار مدمجة، حيث المحرر موصول بكل الوسائط، يمكنه أن يرسل إلى «الأونلاين» أو الفيديو أو المطبوع أو يختار خدمة الرسائل القصيرة.
* وهل هناك كوادر بشرية بالفعل مؤهلة لهذه الأدوار المختلفة؟
- نعم، لدينا الكوادر البشرية لذلك.. الشيء الوحيد المنفصل هو ديسك الموقع وديسك الجريدة، أي المسؤولون عن الصياغة، فصياغة الجريدة فريق مكون من 10 أفراد، أما صياغة الموقع ففريق مكون من 30 فردا، هذا هو فقط المكان الوحيد الذي يوجد فيه فصل في كل دورة العمل.
* تتصدر صورتاهما مكتبك، بمن تأثرت أكثر في الإدارة، مصطفى أمين أم محمد حسنين هيكل؟
- مثلي الأعلى هو مصطفى أمين، أما هيكل فأنا أحب لغته، وأحب أن أقرأ له؛ تختلف أو تتفق معه، لكني أحترم جدا (تجربة) مصطفى أمين الصحافية. وكنت أتأثر جدا حين أقرأ ماذا كان يقول مصطفى أمين للمحررين (في محاضر الاجتماعات) من 50 سنة. كان يقول الكلام الذي لا نزال نحتاجه اليوم. مثلا كان يقول: «صحافي ذهب إلى مستشار إعلامي في وزارة لكي يستلف منه جنيها، هذا الصحافي لن يكبر أبدا لأنه سيظل مدينا لهذا المستشار الإعلامي.. أنت تصادقه نعم، ولكن أنت من يصرف عليه وليس هو الذي يصرف عليك». انظر إلى محضر اجتماع حول طريقة تغطية مشروع السد العالي، كان يقول لهم: «السد العالي عبارة عن حجارة، وأنا أريد كل حجر بقصة إنسانية».. كان شخصا متقدما للغاية، وليس له نظير.
* خضت تجربة العمل كمراسل في أفغانستان وقت عملك في «الأهرام»، لأي مدى استفدت مهنيا من هذه التجربة؟
- ذهبت إلى كل من العراق وأفغانستان بعد الحرب ودخول الأميركيين إلى البلدين في الحربين. الحقيقة كانت تجربة مهنية مثمرة جدا، لأنها علمتني كثيرا من شؤون السياسة في المنطقة. لكن أنا تعاملت معها بطريقة عاطفية للغاية لأنني كنت متحسرا على أوضاع العالم الإسلامي، وكنت أشعر بالأسى، خاصة حين كنت أرى أوضاع العراق في 2003، لأنني شممت رائحة الفتن الأهلية الموجودة هناك مبكرا بعد الحرب مباشرة. وتعلمت منها أن الولايات المتحدة لا تدخل قرية إلا جعلت أعزة أهلها أذلاء، وبدلت الأوضاع وأدارتها لمصالحها الشخصية. وكل الحديث عن بناء ديمقراطيات أو إعادة إعمار في هذه البلدان كان حديثا كاذبا، واكتشفت ذلك مبكرا. وعدت مؤمنا بأن بلادنا، مصر على وجه الخصوص، لا بد أن يسير فيها تيار الإصلاح بأكثر من تيار الثورة. ولذلك لم أكن متعاطفا كثيرا مع حالة الثورة الدائمة التي كانت موجودة في الشارع. وما زلت أؤمن بأن الجهود الإصلاحية أبطأ، لكنها أكثر ثقة وأكثر فاعلية، وأن الجهود الثورية في بلدان غير متعلمة بالشكل الكافي وتؤدي إلى نتائج كارثية كما حدث.
* أسهمت في ميلاد مجلة «الأهرام العربي» الأسبوعية عام 1997، والتي ولدت ناجحة ومتألقة قبل أن يخفت بريقها.. في رأيك ما سر النجاح وقت الصدور؟
- أنا مدين لمجلة «الأهرام العربي» ولأسامة سرايا، رئيس تحريرها، بأشياء كثيرة للغاية. تعلمت فيها الكثير، وكانت أول إصدار عربي لـ«الأهرام» ولمؤسسة مصرية. هذه المجلة كانت محظوظة للغاية في البداية؛ لأن سرايا نجح في تكوين فريق تحريري جيد جدا، كلهم حاليا نجوم الإعلام في مصر، ونجح سرايا خلال سنوات وجوده في تحقيق نجاح لأن المجلة كانت مشروعه، وعندما رحل ليتولى رئاسة تحرير «الأهرام» بدأنا نتفكك وكل منا يبحث عن مشروعه الخاص، وبالتالي تراجعت المجلة جدا.



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.