الاقتصاد البريطاني محشور بين انتعاش ضعيف وتضخم متزايد

الاقتصاد البريطاني يعاني منذ مطلع العام متأرجحاً بين تأثيرات تفشي أوميكرون والتضخم المتزايد (أ.ب)
الاقتصاد البريطاني يعاني منذ مطلع العام متأرجحاً بين تأثيرات تفشي أوميكرون والتضخم المتزايد (أ.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني محشور بين انتعاش ضعيف وتضخم متزايد

الاقتصاد البريطاني يعاني منذ مطلع العام متأرجحاً بين تأثيرات تفشي أوميكرون والتضخم المتزايد (أ.ب)
الاقتصاد البريطاني يعاني منذ مطلع العام متأرجحاً بين تأثيرات تفشي أوميكرون والتضخم المتزايد (أ.ب)

يبدو أن الاقتصاد البريطاني يعاني منذ مطلع عام 2022، متأرجحًا بين تأثيرات تفشي أوميكرون والتضخم المتزايد، بحسب دراسة أجرتها غرف التجارة البريطانية تظهر أن انتعاش الاقتصاد كان يظهر علامات ضعف حتى قبل ظهور المتحورة الجديدة من (كوفيد - 19).
ويحذر كبير الاقتصاديين في غرف التجارة البريطانية سورين ثيرو في بيان الخميس، من أن «عودة إحجام المستهلكين عن الإنفاق ونقص الموظفين بسبب أوميكرون، بالإضافة إلى أحدث الإجراءات الصحية، كلها تشير إلى انكماش اقتصادي على المدى القصير، خصوصاً إذا ظهرت حاجة إلى قيود إضافية».
وأشار الرئيس التنفيذي لغرف التجارة شيفون هافيلاند إلى أن الشركات كانت تعاني نهاية عام 2021 مع «اضطرابات سلاسل التوريد والتضخم المتسارع وارتفاع تكاليف الطاقة».
وأضاف أن العديد منها «وجد صعوبة في تحسين تدفقاته النقدية وزيادة استثماراته حتى قبل ظهور المتحورة أوميكرون وفرض الإجراءات المضادة لانتشارها».
وبحسب الدارسة التي أجرتها غرف التجارة البريطانية نهاية عام 2021 على 5500 شركة، تبين أن 66 في المائة منها قلقة من التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عشر سنوات في البلاد وقد يتخطى 6 في المائة هذا العام، بحسب الاقتصاديين.
وتتوقع 58 في المائة من الشركات أن ترفع أسعارها في الأشهر الثلاثة المقبلة خصوصاً مع ارتفاع أسعار المواد الأولية.
ويضيف سورين ثيرو «من المحتمل حدوث طفرة تضخمية قوية في الأشهر المقبلة» بسبب أسعار المواد الأساسية والارتفاع الكبير في أسعار الطاقة وانتهاء فترة التخفيض على ضريبة القيمة المضافة في قطاع المطاعم والفنادق، بحسب قوله.
والمخاوف حادة خصوصاً في قطاع المطاعم والفنادق الذي تضرر بشكل كبير جراء الجائحة والذي كان بدأ للتو رؤية «بداية انتعاش محتمل» قبل ظهور المتحورة أوميكرون، بحسب غرف التجارة البريطانية.
وبحسب بيانات نشرها المكتب الوطني البريطاني للإحصاءات الخميس، عرفت 16 في المائة من الشركات البريطانية العاملة أو المغلقة مؤقتًا، في شهر ديسمبر (كانون الأول)، ارتفاعاً في إلغاء المواعيد من قبل الزبائن، خصوصاً في قطاع تصفيف الشعر والعناية الشخصية وقطاع المطاعم والفنادق.
وبحسب المحللة في مجموعة «هارغريفز لانسداون» للخدمات المالية سارا كولز، «في العديد من الحالات، كان من الأصعب إدارة إلغاء الحجوزات من إدارة الإغلاق. فجعل غياب الاستقرار من التخطيط لعدد الموظفين الذين يجب أن يكونوا موجودين وعدد المواد اللازمة لتشغيل المكان، أمراً مستحيلاً، ما أدى إلى هدر هائل».
وأضافت المحللة أن العديد من الشركات تعتمد (عادة) على عيد الميلاد لتجاوز الأشهر الأكثر هزالة في مطلع العام، وحتى قبل موجة إلغاء الحجوزات، كان العديد منها لا يعمل إلى حد ما». وتوقعت أن «الشركات ستتحمل آثار الصدمة على مدى أشهر».
وقالت غابرييلا ديكينز من معهد «بانثيون ماكرو ايكونوميكس» إن «أوميكرون أرخت بثقلها على إنفاق المستهلكين في قطاع الخدمات في الأسابيع الأخيرة». لكنها أشارت أيضًا إلى أنه «لا يمكن استبعاد زيادة في الناتج المحلي الإجمالي في يناير (كانون الثاني) إذا تراجع خوف المستهلكين من احتمال إصابتهم بـ(كوفيد - 19) بعد مرور عيد الميلاد وبعد تبيان أن المتحورة أوميكرون لا تتسبب بأشكال خطيرة من (كوفيد - 19) على قدر ما تتسبب به المتحورة دلتا».
وإضافة إلى ذلك، كشف كونسورسيوم متاجر المفرق (التجزئة) في بريطانيا الجمعة أن القيود التي فرضت لاحتواء تفشي المتحورة أوميكرون من فيروس «كورونا» «قضت» على الكثير من الانتعاش الذي حققته المتاجر التقليدية مؤخراً.
والكثير من التقدم المحرز في أواخر 2021 «تلاشى في ديسمبر مع ارتفاع الإصابات بأوميكرون، فيما حالت الإرشادات الجديدة المتعلقة بالعمل من المنزل دون تبضع الكثيرين من المتاجر وخصوصاً في بلدات ووسط مدن» حسبما قالت المديرة التنفيذية للكونسورسيوم هيلين ديكينسون».
«ومع ذلك ففيما سجل الإقبال (على المتاجر) تراجعاً معتدلاً مقارنة بأشهر سابقة، فإنه لا يزال فوق مستويات اقتصادات أوروبية كبرى أخرى، إذ تجنبت البلاد بعضاً من القيود الأكثر صرامة التي فرضت في أماكن أخرى»، حسبما أضافت في بيان.
وتراجع عدد المتسوقين في المتاجر البريطانية بنسبة 18.6 في المائة في ديسمبر مقارنة بالعامين الماضيين، أو بما قبل تفشي الجائحة، وفق البيان. وأضافت ديكينسون أن «إقبال الناس في ديسمبر طوى سنة صعبة للمتاجر التقليدية التي سجلت تراجعاً في الإقبال بنسبة الثلث مقارنة بمستويات ما قبل الوباء».
والمملكة المتحدة من بين الدول الأكثر تضرراً بالوباء مع حصيلة بلغت قرابة 150 ألف وفاة. وسجلت ارتفاعاً في الإصابات مع تفشي أوميكرون في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني). وفي بريطانيا بلغ معدل الإصابات بـ(كوفيد - 19) أكثر من شخص لكل 20 شخصاً في الأسبوع المنتهي 31 ديسمبر، في أعلى معدل إصابات مسجل خلال الجائحة.
ورغم الأرقام غير المسبوقة قرر رئيس الوزراء بوريس جونسون عدم تشديد قيود الحد من الوباء في إنجلترا معتبراً أن أعداد المرضى المحتاجين لعلاج في المستشفى والمصابين بأمراض خطيرة، لا تحتم بعد مزيداً من التدابير، غير أن مناطق أخرى في المملكة المتحدة شددت التدابير، وقد فرضت السلطات في إدنبره وكارديف وبلفاست قيوداً على التجمعات والفعاليات الكبرى لفترة ما بعد عيد الميلاد.



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.