الراعي يدعو «الشرعية اللبنانية» إلى «استرجاع قرارها الحر»

جنبلاط يطالب بالخروج من «دوامة التعطيل المدمرة»

البطريرك الراعي في عظة الأحد أمس (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي في عظة الأحد أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي يدعو «الشرعية اللبنانية» إلى «استرجاع قرارها الحر»

البطريرك الراعي في عظة الأحد أمس (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي في عظة الأحد أمس (الوكالة الوطنية)

دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي لأن «تسترجع الشرعية اللبنانية قرارها الحر»، و«وحدة سلطتها العسكرية، وأن تنسحب من لعبة المحاور المدمرة»، رافضاً «بقاء مجلس الوزراء في حالة وقف التنفيذ»، وواصفاً الاستمرار في تجميد الحكومة لأسباب باتت واضحة بـ«الجريمة».
وأوقفت الحكومة اللبنانية اجتماعاتها على خلفية الخلافات بين رئيس الجمهورية من جهة، و«حزب الله»، و«حركة أمل» من جهة أخرى، على إجراءات المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
وقال الراعي في عظة الأحد: «ليس صاحب السلطة أعلى من الدولة ومؤسساتها والمواطنين حتى يعبث بها وبهم، كما يفعل النافذون عندنا؛ سواء بسلاحهم أم بسلطتهم أم بموقعهم السياسي أم بعدد مؤيديهم»، مذكراً بأن «كيان لبنان مع مصيره التاريخي والجغرافي تقرر سنة 1920. هذا الكيان ليس مصطنعاً لكي نعبث فيه كل مدة على هوى هذا أو ذاك، ونعيد تركيبه حسب موازين القوى الآنية السياسية والعسكرية».
وأضاف: «إذا شاءت المكونات اللبنانية تطوير النظام، وهي على حق، من مركزية حصرية إلى لا مركزية موسعة لتعزز خصوصياتها وأمنها وإنماءها، وتزيل نقاط النزاعات المتكررة، وتعالج نتوءات التعددية، فلا يجوز لأي تطور أن يكون على حساب هوية لبنان وحضارته ورقيه ودوره وحياده السيادي وجوهر وجوده».
وقال الراعي: «بما أن انتماء لبنان العربي هو للانسجام مع محيطه الطبيعي وتفاعل الحضارتين اللبنانية والعربية عبر التاريخ، تبقى حضارته الضاربة في العصور هي التي تحدد وجوده، وليست صراعات المنطقة، ولا أي مشروع مذهبي، ومخطط إثني يرتكز على قاعدة الأكثريات والأقليات»، لافتاً إلى أن العدد «ليس معيار تكوين دولة لبنان».
وقال: «إذا كانت قوى لبنانية معينة تزمع أن تربط ماهية وجود لبنان بالصراعات الإقليمية وولاءاتها الخارجية، فإنها تخرج عن الإجماع وتصيب وحدة لبنان في الصميم. جريمة هي أن نقضي عليه ونشوهه في هويته». ودعا لأن «تسترجع الشرعية اللبنانية قرارها الحر الواضح والقويم، ووحدة سلطتها العسكرية، وأن تنسحب من لعبة المحاور المدمرة، وتحافظ على مؤسساتها الدستورية بإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها»، قائلاً: «ليس من المقبول إطلاقاً أن يواصل عدد من القوى السياسية خلق أجواء تشنج وتحد وخصام واستعداء واستقواء تثير الشكوك حيال الاستحقاقين، ومن غير المقبول بقاء جلس الوزراء في حالة وقف التنفيذ؛ خصوصاً أن أي اتفاق مع (صندوق النقد الدولي) يستلزم موافقة مجلس الوزراء مجتمعا. إنها جريمة أن يستمر تجميد الحكومة لأسباب باتت واضحة».
وضاعفت الخلافات بين القوة السياسية، حدة السجالات السياسية. ودعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة «لأن يعود الجميع في هذا البلد إلى رشدهم ويكفوا عن المهاترات والأحقاد والنكايات، ويوقفوا التصعيد والتعطيل ورهن الضمير»، مؤكداً أن «السجالات لا تنفع وتبادل الشتائم والإهانات لا يُخرِج البلد من المأزق»، مشدداً على أننا «بحاجة إلى الهدوء والحكمة والتعقل، وإلى العمل الدؤوب، وإلا نكن كمن ينحر نفسه».
ودعا رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، أمس، «للخروج من دوامة التعطيل المدمرة»، مؤكداً أن «أفضل طريقة هي في أن يجتمع مجلس الوزراء من دون أي شروط مسبقة وتبتدئ ورشة العمل، وفي مقدمها التفاوض مع (صندوق النقد الدولي). هذا هو الحوار الأساس ولا بديل عنه».
وتشهد البلاد سجالات سياسية بين مكوناتها، أبرزها بين «حركة أمل» و«التيار الوطني الحر». وشدد رئيس الهيئة التنفيذية لحركة «أمل» مصطفى الفوعاني، أمس، على أن «(حركة أمل) ما برحت تسعى إلى تثبيت العيش الواحد والعبور إلى دولة المواطنة الحقيقية بعيداً عن مفاهيم العصبيات والأنانيات الضيقة والخطاب المذهبي والمناطقي الذي زاد من الهوة والانقسام بين اللبنانيين، في وقت تجتاح فيه مجتمعنا غيلان التوحش الاقتصادي والصحي وغياب الأمن الاجتماعي، ما يهدد المواطن في وجوده».
وفيما يصر «حركة أمل» و«حزب الله» على عدم المشاركة في اجتماع الحكومة قبل حل أزمة القاضي البيطار، دعا عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون «الثنائي الشيعي» لـ«إعادة النظر بموقفه تجاه موضوع انعقاد مجلس الوزراء ولوضع معالجة الانهيار المالي والاقتصادي كأولويّة وللتعاطي مع جلسة الموازنة بكلّ جديّة؛ فهي جزء من الخطة المطلوبة من قبل (صندوق النقد)».
ورأى أن ملف القاضي العدلي طارق البيطار «بات خلفنا»، مضيفاً: «الثنائي الشيعي لم يعد يتوقّع شيئاً في هذا الموضوع، وأصبح اليوم يحتاج إلى معالجة دستوريّة - قضائيّة».
وقال عون إن رئيس الجمهورية ميشال عون «يقوم بكلّ ما هو مطلوب لانعقاد مجلس الوزراء وخطير ما يحصل من تعطيل للمؤسسات فضرب المقدسات هو فتح باب تفكيك الوحدة الوطنية وهي تتصدّع في الوقت الحالي».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.