إطلاق نار فوق رؤوس محتجين ضد تجمع لتأبين سليماني جنوب العراق

TT

إطلاق نار فوق رؤوس محتجين ضد تجمع لتأبين سليماني جنوب العراق

وجه النائب المستقل عن محافظة واسط سجاد سالم، أمس، انتقادات لاذعة لحركة «عصائب أهل الحق» التي يتزعمها قيس الخزعلي، واتهمها بـ«الإرهاب» على خلفية قيام أحد عناصرها بإطلاق النار عشوائياً فوق رؤوس متظاهرين في المحافظة حاولوا أمس منع تجمع تكريماً لقائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليماني، في ذكرى اغتياله مطلع 2020 مع نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس بضربة أميركية قرب مطار بغداد.
ووجه سالم، عبر مدونته الشخصية في «فيسبوك»؛ نشر معها «فيديو» مصوراً يظهر فيه عنصر «العصائب» وهو يطلق النار في الهواء، رسالة إلى رئيس الوزراء ومحافظ واسط وقائد شرطتها، يطالبهم فيها بالتدخل لفرض هيبة الدولة.
وقال سالم، وهو محامٍ وكان أحد أبرز الوجوه الشبابية في حراك أكتوبر (تشرين الأول) 2019 في محافظة واسط وفاز عن جدارة بمقعد نيابي في الانتخابات الأخيرة، إن «الجميع اليوم أمام اختبار حقيقي، هذا المقطع (الفيديو) يحمل إدانة كبيرة لسلطة الدولة وهيبتها». وأضاف أن الفيديو «يظهر فيه بشكل واضح المدعو (شاكر البدري) عضو عصابة (عصائب أهل الحق) الإرهابية في مدينة الكوت (مركز محافظة واسط) وهو يطلق النار قبل قليل باتجاه المتظاهرين السلميين وأمام أنظار القوات الأمنية». وتابع: «إما أن تفرض الدولة هيبتها، أو تعلن عجزها أمام عصابة منبوذة رفضها الشعب سياسياً واجتماعياً».
وأبلغ مصدر أمني «الشرق الأوسط»، أن «عناصر حركة (العصائب) وفصائل ولائية أخرى، أرادوا إقامة احتفال في الذكرى السنوية لمقتل سليماني والمهندس في الساحة العامة أمام مجلس المحافظة، ما أثار حفيظة جماعات (حراك تشرين)». وأضاف أن جماعات الحراك «لم توافق على إقامة الحفل التأبيني لسليماني والمهندس في الساحة» التي كانت أحد أهم معاقل الاحتجاج في عام 2019. وتابع أن بعض الناشطين «قاموا بالتظاهر وحرق الإطارات لمنع إقامة الحفل، في مقابل قيام عناصر من حركة (العصائب) بإطلاق النار العشوائي فوق رؤوس المتظاهرين ما أدى إلى إصابة متظاهر وشرطي بجروح خطيرة، قبل أن تتمكن قوات مكافحة الشغب من فض الاشتباك بين الجانبين». وفيما لم تحصل الاحتفالية، قامت قوات الأمن بتعزيز وجودها في المكان، وقطعت طرقات رئيسية، حيث لا يزال الوضع متوتراً نسبياً في المدينة، وفق صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية.
وتفتح المواجهة الساخنة والمبكرة بين سجاد سالم وجماعات الحراك من جهة، و«عصائب أهل الحق» والفصائل الموالية لإيران من جهة أخرى، باباً واسعاً من الأسئلة حول شكل العلاقة بين القوى المستقلة الصاعدة إلى البرلمان والقوى والفصائل التقليدية تحت القبة النيابية الجديدة.
وكان سالم ومجموعة من النواب المستقلين، شكلوا، قبل نحو شهر، «الكتلة الشعبية المستقلة» في البرلمان. وأعلن سالم وهو المتحدث باسم الكتلة، أول من أمس، أنهم «اتفقوا على وضوح الموقف وثباته والمضي بقناعتنا السياسية، وأن تكون قناعتنا وتعبيراتها تحت الضوء، لأننا نكره أن نعمل كما البقية، مترددين ومنعزلين ونكره أن نغادر مساحة التأثير السياسي لنكون مجرد (لطامة أو ناحبين)».
ورغم وجود عدد كبير من النواب المستقلين في الدورة البرلمانية الحالية يقترب من حدود الأربعين نائباً، غير أن ذلك لا يعني التعامل مع هؤلاء النواب بوصفهم خليطاً متجانساً من التوجهات السياسية، بل إن عدداً غير قليل منهم فاز بوصفه مستقلاً، فظهر لاحقاً أنه ينتمي إلى إحدى الواجهات السياسية الحزبية التقليدية، وهذا ما كشفت عنه النائبة عن حراك «الجيل الجديد» الكردية سروة عبد الواحد، التي أكدت لـ«الشرق الأوسط» وجود بعض الانقسامات بين صفوف النواب الذين يوصفون بالمستقلين. وتقول: «بالتأكيد الانقسام غير غائب، ولكل طرف وجهة نظر، لكننا متحالفون مع حركة (امتداد)، ومتفقون ومنسجمون معها وسيكون لنا موقف موحد داخل البرلمان».
وأضافت أن «حراك الجيل الجديد (9 مقاعد) مع امتداد (9 مقاعد) في تحالف من أجل الشعب، وننتظر انضمام الآخرين لهذا التحالف، سنحضر جلسة الغد (اليوم الأحد) ونراقب الوضع وسيكون لنا دور في اختيار رئاسة مجلس النواب».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.