حشود عسكرية إلى طرابلس وانتشار مسلح على مداخلها

قبائل الهلال النفطي تهدد بوقف الصادرات إذا لم تستأنف حكومة الدبيبة دفع رواتب الجيش في شرق ليبيا

رئيس مجلس النواب فوزي النويري يلتقي في طرابلس ستيفاني ويليامز مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا (البعثة الأممية)
رئيس مجلس النواب فوزي النويري يلتقي في طرابلس ستيفاني ويليامز مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا (البعثة الأممية)
TT

حشود عسكرية إلى طرابلس وانتشار مسلح على مداخلها

رئيس مجلس النواب فوزي النويري يلتقي في طرابلس ستيفاني ويليامز مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا (البعثة الأممية)
رئيس مجلس النواب فوزي النويري يلتقي في طرابلس ستيفاني ويليامز مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا (البعثة الأممية)

استمر التحشيد العسكري والتوتر الأمني في العاصمة الليبية طرابلس، أمس، بينما أمهلت مجموعة من وجهاء وأعيان وشيوخ قبائل الهلال النفطي، عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» ووزير ماليته خالد مبروك، إلى يوم غد لصرف مرتبات عناصر الأمن الداخلي، وقوات «الجيش الوطني» المتمركز في شرق البلاد، وهددوا بإيقاف تصدير النفط في حالة الامتناع عن سداد المرتبات.
وكان اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني» قد اتهم الدبيبة بمنع صرف مرتبات قوات الجيش للشهر الرابع على التوالي.
وتحدث سكان محليون عن مشاهدة رتل عسكري لميليشيات قادمة من مدينة مصراتة يضم نحو مائة سيارة مسلحة ومصفحة باتجاه مدينة طرابلس مساء أول من أمس، بينما أظهرت لقطات مصورة وصول تحشيدات عسكرية لميليشيات «حطين» و«المرسى» إلى المدخل الشرقي للمدينة، فيما انتشرت عناصر من «اللواء 51 مشاة» التابع لأركان المنطقة الغربية في مداخل ومخارج ضاحية تاجوراء شرق العاصمة.
وكان ناصر عمار آمر قوة الإسناد بـ«عملية بركان الغضب» قد أعلن عن هجوم محتمل قال إنه سيستهدف «جهاز دعم الاستقرار» التابع للمجلس الرئاسي برئاسة الميليشياوى غنيوة الككلي.
وتزامناً مع هذه التطورات، حث محمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة الوطنية» لدى تفقده مقرات رئاسة أركان حرس الحدود في طرابلس، قواته على بذل الجهد والمزيد من العمل، وتعهد بتذليل كافة الصعوبات وتقديم كل الدعم الممكن من أجل النهوض بالمؤسسة العسكرية.
ودخلت إلى طرابلس مؤخراً أرتال عسكرية لميليشيات تابعة للسلطة الانتقالية قادمة من مدينة مصراتة، في تحشيد قيل إنه بتعليمات من المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» لتأمين العاصمة، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات دامية بين هذه الميليشيات التي تتنازع على مناطق النفوذ والهيمنة.
بدورها، جددت ستيفاني ويليامز مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي التي التقت مساء أول من أمس، في العاصمة طرابلس مع رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري، التأكيد على دعم الأمم المتحدة لجميع الجهود التي يقودها الليبيون للتغلب على التحديات المستمرة التي تواجه العملية الانتخابية ورسم مسار لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة.
وأوضحت ويليامز في بيان لها عبر موقع «تويتر» مساء أول من أمس، أن الاجتماع ناقش دور مجلس النواب و«لجنة خريطة الطريق» في إطلاق مشاورات واسعة مع مختلف الأطراف الليبية المعنية.
وكانت ويليامز قد عرضت لدى اجتماعها مع «لجنة خريطة الطريق» التابعة للبرلمان، دعم الأمم المتحدة لأي جهود من شأنها أن تسهم في جمع كلمة الليبيين لإنهاء الفترة الانتقالية الطويلة.
من جانبه، طلب النويري من محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ضبط تحركات السفراء المعتمدين لدى ليبيا ورجال السلك الدبلوماسي داخل البلاد، مشدداً في رسالة نشرتها وسائل إعلام محلية على ضرورة التزام هؤلاء بالتشريعات النافذة فيما يخص تحركاتهم داخل البلاد وبما لا يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية، وعدم المساس بالشأن الداخلي قولاً أو فعلاً.
وبعدما شجب النويري، باسم مجلس النواب أي تدخل مهما كان نوعه، دعا جميع الجهات الرسمية للتنسيق الكامل مع وزارة الخارجية في حكومة «الوحدة»، باعتبارها القناة الوحيدة للتواصل مع الأطراف الخارجية، كما دعا المنفى إلى مراسلة الدول المنخرطة في الشأن الليبي بأهمية التنسيق فيما يتعلق بالبيانات التي تصدرها سفاراتها المعتمدة لدى ليبيا.
وللتأكيد على الدور الذي يلعبه البرلمان حالياً، قال المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق إن المجلس المنتخب من الشعب الليبي والممثل لكافة مدن ومناطق ليبيا، «يسعى جاهداً لتجاوز هذه المحنة والمُضي قدماً بالبلاد إلى مرحلة الأمن والاستقرار لنطوي هذه المرحلة العصيبة إلى مرحلة البناء والتنمية بما يُلبي مطالب الشعب ويُحقق آماله».
ونوه إلى أن المجلس سبق أن شكل لجنة «خريطة الطريق» التي تضم ممثلين عن كافة مدن ومناطق ليبيا والتي بدأت أعمالها ولقاءاتها بشكل مكثف بالتواصل مع كافة الأطراف والمؤسسات المعنية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، للوصول إلى ما يُحقق إرادة الشعب الليبي بإنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
في المقابل، قال عماد السائح رئيس مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات، إنه طلب من رئيس وأعضاء النقابة العامة للمحامين، الذين التقاهم مساء أول من أمس، الدعم والمشورة الفنية من أجل إنجاز الاستحقاقات الانتخابية المقررة، ونقل عن رئيس نقابة المحامين تأكيده دعمها لإجراء الانتخابات خلال مدة قريبة، بعد تخطي التحديات القانونية والموضوعية، التي حالت دون إنجاز الاستحقاق الانتخابي في حينه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم